الأمن الغذائي الإفريقي يفتح آفاق التعاون الاقتصادي بين المغرب ونيجيريا
أبدت مجموعة من الدول الإفريقية اهتماما كبيرا بتعزيز تعاونها وشراكاتها مع المملكة المغربية، خاصة في القطاعات التي تحتل الرباط الريادة فيها، على غرار القطاع الزراعي، حيث يعتبر المغرب مرجعا مهما بالنسبة لعدد من العواصم الإفريقية التي شدد مسؤولوها على أهمية تعزيز التعاون مع المملكة في النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشعوب القارة.
في هذا الصدد، أبدى عمر محمد باغو، حاكم ولاية النيجر شمال وسط دولة نيجيريا وإحدى الولايات الـ36 المكونة لهذا البلد الإفريقي، خلال زيارته إلى السفارة المغربية في أبوجا، اهتمامه بـ”تعزيز التعاون مع الرباط لتحسين الإنتاج الزراعي المحلي وتعزيز أساليب وتقنيات الزراعة المستدامة والأمن الغذائي للولاية”.
ونقلت صحيفة “ذو فويس أوف نيجيريا” عن المتحدث الرسمي باسم حاكم الولاية النيجيرية قول إن “المغرب حقق إنجازات كبيرة في المجالين التكنولوجي والزراعي”، مشيرا إلى أن “الشراكة مع الرباط ستشمل بالإضافة إلى مجالي التعليم والصحة مجالات أخرى على غرار قطاع الطاقة والنقل السككي، بهدف تسريع النمو المحلي وتنمية رأس المال البشري وتبادل الخبرات”.
المصدر عينه نقل عن موحا أوعلي تاغما، سفير الرباط لدى أبوجا، إشادته بزيارة حاكم ولاية النيجر إلى مقر السفارة المغربية، داعيا إياه إلى “القيام بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية بهدف الحصول على معلومات مباشرة حول أوجه تطور الاقتصاد المغربي”.
بدر زاهر الأزرق، خبير اقتصادي، قال إن “اهتمام الدول الإفريقية بتعزيز الشراكة والتعاون مع المغرب يمكن استقراؤه من خلال مجموعة من المستويات، أولها المستوى الأمني؛ ذلك أن قرب المملكة من منطقة الساحل والصحراء المضطربة، واعتبارها واحة آمنة وأحد أركان الاستقرار في المنطقة، يجعل كل دول القارة تسعى إلى توطيد شراكاتها معها، والاستفادة من نموذجها الأمني والروحي”.
أما المستوى الثاني، يضيف الأزرق، فهو اقتصادي محض، حيث “يتموقع المغرب ضمن كبار المستثمرين في إفريقيا، خاصة في غرب القارة، باستثمارات تتراوح ما بين 4 و5 ملايير دولار، موزعة على مجموعة من القطاعات، على غرار الطاقة والأسمدة والاتصالات، إضافة إلى القطاع المصرفي”.
وأوضح المتحدث عينه أنه “تبعا لتنوع القطاعات التي تستثمر فيها الرباط داخل القارة فإن دول هذه الأخيرة تطمح للاستفادة من رأس المال المغربي لخلق مناصب الشغل، والاستفادة من الخبرات المغربية خاصة في مجال البنية التحتية، خاصة مع اعتبار المغرب منصة مهمة للتصدير والتواصل مع الشركاء الغربيين”.
وشدد الخبير الاقتصادي ذاته على أن “المغرب صار مرجعا عالميا على مستوى الأمن الغذائي، باعتباره يتوفر على أكبر احتياطي من الفوسفاط في العالم، إذ تسعى المملكة إلى التمركز ضمن أكبر المصدرين للأسمدة المكررة”، مشيرا إلى أن “الرباط لم تعد تقتصر فقط على تصدير الأسمدة إلى إفريقيا، بل أصبحت تتوجه لإنشاء مركبات صناعية لتكرير الفوسفاط على أراضي الدول الإفريقية، وفق خصوصيات تربة ومناخ كل دولة”.
وبناء على هذه الإستراتيجية المغربية التي نجحت مع عدد من الدول، من ضمنها نيجيريا التي “تربطها شراكة قوية مع المكتب الشريف للفوسفاط في هذا الإطار”، فقد “حاولت مجموعة من الدول استلهام نموذج الشراكة النيجيرية المغربية، ونجحت بالفعل في رفع إنتاجها ومحاصيلها الزراعية بأكثر من 60 في المائة”، وفق المتحدث ذاته.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “تعبير دول القارة عن رغبتها في تعزيز شراكاتها مع المغرب على جميع المستويات والأصعدة مرده إلى ربحية هذه الشراكات التي ينخرط فيها البلد تعزيزا للتعاون جنوب- جنوب وفي إطار سياسة رابح-رابح، وهو ما يعزز جاذبية الشراكة مع الرباط بالنسبة لهذه الدول”.