أغاني شتم الحبيبات تستولي على “الطوندونس” المغربي في يوتيوب
قال الناقد محمد بنعزيز إن صورة المرأة المغربية سيئة في الأغنية العصرية، حيث تصوّر بأنها وحدها الطماعة، مبرزا أن المقاربة السوسيولوجية لمضمون الأغاني تكشف عن موقف اجتماعي متفشٍّ تعيد إنتاجه هذه الأغاني ويحطم أرقام المشاهدة.
وأوضح بنعزيز، في مقال توصلت به هسبريس معنون بـ”أغاني شتم الحبيبات تستولي على الطوندونس المغربي”، أن هذه الأغاني تروج لعنف لفظي مطموس ضد المرأة في شكل فني مصور مجاني يزيد من رواجه، لافتا الانتباه إلى أن ذلك ستكون له تبعات اجتماعية في الحاضر والمستقبل.
وهذا نص المقال:
حققت أغنية “مريش” 19 مليون مشاهدة في ظرف شهر. وبطل الأغنية عاشق منتوف يسخر من حبيبته التي ذهبت عند شخص “مريش”، أي عندو لفلوس، وصفه بأنه “ولد أمه”، هجرته من أجل آخر.
لذلك يودع المغني مهدي فاضيلي حبيبته بفرح مقرون بالشماتة فيها في أغنية “مريش”
فيلمك سالا سالا
حبك انتي بلبلة
حبك انتي قالا قالا
وفي هذا صدى لأغنية سابقة لسعد المجرد:
سالينا سالينا
من هذا الحب سالينا
سالينا سالينا
يلا قلبي عيينا الله يعوض علينا
يلاه مع السلامة
مثلك ما يحس ندامة…
طيب، كيف انتهت العلاقة؟ من سيدفع الثمن؟
يروي فيديو كليب آخر ما جرى بعد الفراق.
يتهم المغني الشاب والوسيم حسيني حبيبته في أغنية “الشوافات” بأن:
“قلبها عامر بالشر وأنها تقوده للدمار” باستخدام السحر والبخور والمجمر.
حققت الأغنية 19 مليون مشاهدة في شهر. نصف سكان المغرب شاهدوا الاغنية التي صدرت في عاشوراء حين تكون الجن نشيطة، لذلك ترك السحر أثرا في الشاب فهجر حبيبته السيئة عائدا إلى أمه مسحورا لتنقذه.
في التعاليق تلقى المغني وأشباهه نصيحة “رقيه شرعيه وقران وصلاه كيفك أي حاجه”.
في كل هذه الحالات فإن الخطأ ارتكبته البنات. الشباب ملائكة.
إن صورة المرأة المغربية سيئة في الأغنية العصرية. تصوّر بأنها وحدها الطماعة لأن الرجال الذين يكتبون لا يسبون بعضهم. البنات يحققن دراسية أفضل ويحصلن على مهن أفضل ولهذا تبعات على مزاج الشباب. لقد انتصر اقتصاد السوق وفيه “يسلب الإنسان من رغباته من خلال قوانين المصلحة” حسب ميشيل فوكو. يكشف مضمون الأغاني أن المسكنات الأخلاقية فقدت مفعولها، وفرض الاقتصاد وقانون السوق مصطلحاته في العلاقات الاجتماعية.
هكذا تكشف المقاربة السوسيولوجية لمضمون الأغاني عن موقف اجتماعي متفشٍّ تعيد الأغاني إنتاجه ويحطم أرقام المشاهدة.
من أين جاء هذا؟
تقدم الأغاني المتتابعة صورة تترسخ مع الزمن حتى استبطنت البنات هذا الموقف وصرن يرقصن ويغنين مع مغنٍّ اسمه شيخ شايب، يقول:
البنات راهم يبغو غير مول المال
يعشقو مول الفيراري
الجامعة رجعت كاباري
بعد الجامعة كانت الشابة في الشارع في منصف الليل، يستضيفها لارتيست مع الزرزور في أغنية “البرتوش” ثم يسخر منها:
بنادم ضارب حطة دلوويل (يلبس لباس الذل)
خارج فنصاصت الليل…
حققت الأغنية 40 مليون مشاهدة..
بعد الذل يهجر لارتيست صاحب “البرتوش” حبيبته ليستنجد برجال لبلاد بينما هي تمضي لكي يستقبلها سعد المجرد بشماتة في لحظة ضعف:
جيتيني غلطانة، جيتيني ندمانة…
أين هذا الذل من النشيد المجيد الذي صدح به عبد الهادي بلخياط:
يا داك الإنسان عل زين فـيه
الـهمـة والـشـان الـنـخوة والـتـيــهان
وحالك مـواتيك وعـلي الله يـهديك
يا داك الإنسان
لـما شـفـت الـزيـن يـا قــرة الـعـيـن.
توجد مسافة ضوئية بين منظور عبد الهادي بلخياط وبين موقف مغني الكاباريهات الذين يقدمون سمعة البنات مشوهة في الأغاني الجديدة.
لقد شوهدت أغاني الزرزوز (“البرتوش”) و”الشوافات” و”مريش” 79000000 مرة في شهر واحد. هذا العدد هو ضِعف سكان المغرب. أما البنات اللواتي يرددن هذه الأغاني على مواقع التواصل راقصات فلا يعرفن النتائج.
هذه أغانٍ تروج لعنف لفظي مطموس ضد المرأة في شكل فني مصور مجاني يزيد من رواجه، وهذا ستكون له تبعات اجتماعية في الحاضر والمستقبل.