الصحراء المغربية تفلح في استقطاب استثمارات وازنة من أبرز العواصم العالمية
تواصل الأقاليم الجنوبية للمملكة جذب كبريات الشركات العالمية للاستثمار في مجالات مختلفة، فيما لا تقتصر على العواصم الغربية فقط، بل تضم أيضا المعسكر الشرقي بقيادة الصين.
وشهدت مدينة العيون المغربية زيارة لوفد من الشركة الصينية “هوايو” المختصة في مجال تصنيع مكونات البطاريات الكهربائية، قصد دراسة إنشاء مشروع لها بالجهة، وهو معطى ينم عن “الاهتمام الصيني الجديد بالأقاليم الجنوبية والفرص الاقتصادية الواعدة التي تقدمها”.
ويأتي الاهتمام الصيني مقابل اهتمام غربي وعربي مماثل بالاستثمار في الأقاليم الجنوبية، إذ سبق أن احتضنت العاصمة الإماراتية أبوظبي ملتقى للاستثمار يبرز المؤهلات الاقتصادية للصحراء المغربية، كما عقدت مارس من العام الماضي بمدينة الداخلة أشغال منتدى الأعمال المغربي الأمريكي.
وسبق أن أقام المغرب بنية تحتية “عالية الجودة” بصحرائه، تهم بالأساس “خط الطريق السريع تيزنيت-الداخلة”، وميناء “الداخلة الأطلسي”، وبنية استثمارية منافسة، وذلك بهدف تحويل المنطقة إلى “منصة صناعية تنافسية” في الأفق المقبل.
ومع دخول الصين على خط الدول المهتمة بالاستثمار بالصحراء المغربية يكون المغرب “أقنع قوة اقتصادية عالمية أخرى بالدور المركزي للأقاليم الجنوبية في خارطة الاستثمار المستقبلية بالقارة الإفريقية”.
مقومات مغرية
عبد الواحد أولاد مولود، باحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية، يرى أن “المغرب وضع مجموعة من المقومات الاقتصادية لجعل أقاليمه الجنوبية قبلة للاستثمارات الأجنبية”.
وأضاف أولاد مولود لهسبريس أن “ما يجعل المغرب يعير هذا الاهتمام الاقتصادي الكبير لأقاليمه الجنوبية هو مواجهتها العديد من التحديات المرتبطة بملف نزاع الصحراء المفتعل، وكذا لأهميتها الإستراتيجية، كونها منفذا اقتصاديا للقارة الإفريقية”.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية إلى أن ” لأقاليم الجنوبية قبلة لخلق شراكة صينية إفريقية، نظرا للاستقرار الأمني بها، مع مناخ استثماري مهم، وموقع إستراتيجي جد مميز؛ وهي خصائص تثير دائما انتباه الصينيين، ويضعونها في مقدمة الشروط الاقتصادية لبناء أي شراكة مستقبلية”.
وبحسب المتحدث عينه فإن “العلاقات المغربية الصينية مبنية على الأساس بما هو اقتصادي، وهو ما يلاحظ من تواجد عدد كبير من الشركات الصينية بالمملكة، حيث تهدف إلى الحصول على صفقات إنجاز مشاريع ضخمة”.
“المغرب منفتح على جميع الشركاء، الغربيين والشرقيين، خاصة أن المملكة تضع أرضية خصبة للاستثمار بأقاليمها الجنوبية، وهو ما يمكن أن يشكل انطلاقة لحشد دعم سياسي مضاعف لقضيتها الوطنية. وإذا كانت الصين أحد هذه الأهداف فإن الأمر من شأنه أن يؤثر بشكل كامل على قرارات مجلس الأمن التي تعد عضوا به”، يقول أولاد مولود.
وخلص الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية إلى أن “دخول الصين على خط الاستثمار العالمي بالصحراء المغربية يندرج في إطار انفتاح المملكة على كل الأسواق العالمية؛ وهي الإستراتيجية المهمة التي مكنتها من عوائد اقتصادية وسياسية مهمة”.
دعم موقف المغرب
كشف نور الدين باحداد، محلل سياسي مختص في قضية الصحراء، أن “اعتزام هاته الشركة الصينية الاستثمار في الأقاليم الجنوبية يفتح باب الاعتراف الصيني بالموقف المغربي من قضية الصحراء”.
وأورد باحداد ضمن تصريح لهسبريس أن “الصين لها علاقات جد قوية مع القارة الإفريقية، خاصة في الآونة الأخيرة التي عرفت اهتماما كبيرا بالغرب الإفريقي، بعدما كان الاهتمام ينصب على الشرق”.
واعتبر المحلل السياسي المختص في قضية الصحراء أن ” الصين أصبحت تجد أنه من مصلحتها تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المغرب، ومشاركته النجاحات الكبيرة التي حققها بالقارة السمراء”.
وبين المتحدث عينه أن “الصين لا تغازل أحدا على المستوى العالمي، وتنظر إلى كل شيء من عين المصلحة، فيما المغرب بأقاليمه المتكاملة يشكل قاطرة لدخولها بشكل أوسع إلى القارة السمراء”.
وشدد باحداد على أن “هاته الشركة الصينية التي ستدخل إلى جهة العيون الساقية الحمراء وجدت الشروط المناسبة للاستثمار، من أمن واستقرار، ومناخ قوي للأعمال”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “هذا المعطى من الضروري أن يتطور في المستقبل القريب أو المتوسط إلى توجه سياسي يهم مساندة الموقف المغربي من نزاع الصحراء المفتعل”.