أخبار العالم

شكاوى من عمال توصيل الطلبات .. الاشتغال لا يبرر السياقة المتهورة للدراجات



نبه العديد من المواطنين المغاربة، في مناسبات مختلفة، إلى أن “عمال التوصيل” يشكلون “خطرا حقيقيا على استعمال الطرق، لكونهم قابلين للظهور في أي لحظة دون سابق إنذار”. يسارعون الزمن بدراجاتهم النارية لتوصيل أكبر عدد ممكن من الطلبيات في وقت جد قياسي، فما ثمن المهمة؟ قد يكون حياة في “شوارع مفخخة”، قابلة “للانفجار” في أية لحظة، جراء حادثة سير خطيرة.

ويعتبر المحذرون من السياقة المتهورة أن “المخاوف تزداد أكثر في الصيف، تبعا للحركية العالية التي تشهدها طرق المدن بفضل الرواج السياحي”؛ على الرغم من أن عمال التوصيل، الذين يشتغلون في هذه المهنة كمصدر دخل رئيسي، يقولون، بالمقابل، إن “الطريقة التي يقودون بها جد عادية، ولكن هناك نوع من التعالي والتحامل من طرف أصحاب السيارات”.

القول ونقيضه..

محمد ودغيري، (27 سنة)، قاطن بمدينة فاس ويستعمل شوارع المدينة للتنقل بشكل يومي، قال إن “معظم عمال التوصيل يعرضون حياة العديد من الراجلين للخطر”، معتبرا أن “الطريقة الهستيرية التي يقود بها هؤلاء دراجاتهم مخيفة وتستدعي تدخلا حازما”، ويضيف: “صادفتُ على الأقل ثلاث حوادث لهم مؤخرا في طريق عين الشقف بفاس؛ ومع ذلك أستغرب يوميا من هذا الشكل من قيادة الدراجة الذي يدفع السائقين إلى المزيد من الاحتراس”.

وأفاد ودغيري، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “بحكم انتعاش فاس في الصيف وقدوم الجالية والعطلة الدراسية فإن المدينة تعرف حركية مضاعفة ولافتة صباحا وليلا”، مؤكدا أن “هذه المضاعفة في أعداد السيارات الجائلة بفاس يزيد من احتمالات الاصطدام بعمال التوصيل، لكونهم يبدون فجأة في المساحات الضيقة بين السيارات، وأغلبهم لا يحترمون إشارات المرور في معظم الأحيان ويسيرون كذلك في الاتجاهات الممنوعة”.

من جهتها، سجلت دنيا الماس (31 سنة)، القاطنة بالعاصمة الرباط، أنها “تصادف على الأقل 10 عمال توصيل أو أكثر بشكل يومي يتجولون في شوارع المدينة متجهين نحو الزبناء لتوصيل الطلبات؛ لكن استعمالهم للطريق قد يوصلهم إلى المستشفى قبل أن تصل تلك الطلبية”، مشيرة إلى أن “العديد منهم يغامرون بأنفسهم من أجل مبالغ بخسة قد يدفعون أضعافها لو حدث لهم أي مكروه لا قدر الله”.

وأضافت المتحدثة، وهي تحكي لهسبريس، أن “الكثير منهم يخلقون فوضى حقيقية في حركية التنقل، لكونهم يربكون العديد من السائقين”؛ موضحة أن الإشكال الحقيقي أن أي اصطدام مع سيارة ما فسيكون المتضرر الأكبر هو صاحب الدراجة؛ لذلك لا بد من تشديد تفعيل القانون حماية لهؤلاء العمال، وحماية لكل مستعملي الطريق، ووقاية من حوادث السير التي تعرف ارتفاعا مهولا ببلدنا”.

جريدة هسبريس نقلت هذه الآراء، التي تنتعش أكثر في الدار البيضاء والرباط ومراكش والمدن الكبرى، إلى أحد عمال التوصيل، فقال: “الطريقة التي نقود بها، زملائي في عمل التوصيل وأنا، تبدو لي جد عادية؛ وتلك السرعة التي نقود بها، فنحن نقوم بذلك نظرا لضغط الوقت، فإذا تأخرت طلبية ما كثيرا فذلك قد يزعج الزبون مع إمكانية أن يتم خصم بعض النقاط في حال تم التقييم بطريقة سلبية”، مضيفا: أنا أشتغل في التوصيل منذ سنوات ولم تقع لي أية حادثة”.

وذكر المصرح، في تصريحه لهسبريس، أن “القول بخرق قانون السير مسألة مبالغ فيها، ولكن قد يحدث وتكون الطرق فارغة ليلا. لذلك، أعتبر أنه ليس ضروريا انتظار الضوء الأخضر، لكن لا أستطيع القيام بذلك نهارا، لأن ذلك سيكون من قبيل الانتحار”، معتقدا “أن طبيعة العمل تقتضي هذا الوضع؛ فمهمتنا التوصيل، ولكي تكون الخدمات في المستوى، فعلينا أن نسرع حتى نكون في أهلا بهذه المهنة، التي لسنا راضين عنها، ولكن ليس لدينا بديلا عنها”.

الحلول الممكنة

بناصر بولعجول، مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أفاد بأن “الوكالة تتابع هذه الخروقات بجدية وبلغ إلى علمها هذا الأمر؛ ومخالفات عمال التوصيل تدخل بالمجمل ضمن مشاكل استعمال الدراجات النارية عامة للطرق المغربية”، موضحا أنه “مراعاة لهذا الوضع قامت الوكالة بوضع برنامج “الدراجة الآمنة” لتعزيز سبل السلامة الطرقية وحماية سائقيها وحماية بقية المواطنين المغاربة، كلما كانوا مستعملين للمجال الطرقي”.

ورفض بولعجول أن “يخلق المتهورون ذرائع واهية تحت يافطة البحث عن لقمة العيش”، مؤكدا أن “تهديد السلامة العامة لا يمكن أن يكون مبررا، لكونه مخالفة تستدعي العقاب الذي يتوافق مع نوع المخالفة”، مشيرا إلى أن “هذا التهور وهذا النوع من السياقة يجب محاربته، وهو ما يراهن عليه برنامج “الدراجة الآمنة”، الذي سينطلق من التوعية والتحسيس لتذكير سائقي الدراجات بأهمية السلامة الطرقية في الوقت الراهن”.

وأكد مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أن “بعض المخالفات المرتكبة قد تؤدي إلى بعض الحوادث المميتة، خصوصا في عدم استعمال الخوذة؛ وهو ما لم يعد ممكنا التساهل معه”، مضيفا أن “هناك جانبا آخر متعلق بالمراقبة في هذا البرنامج، بحيث سنخصص مراقبة إلكترونية تلقائية لتصبح الدراجات مثل السيارات الخاصة، والرادارات الثابتة ستتمكن من التقاط لائحة تسجيل الدراجة وستصل المخالفة إلى صاحبها”.

ولفت المتحدث إلى أن “أكثر من 75 في المائة من مخالفات عدم احترام الأضواء الثلاثية يهم الدراجات النارية، وفي مراكش وحدها سجلنا 86 في المائة من المخالفات من هذا النوع التي تقوم بها الدراجات النارية، وهي تشمل طبعا عمال التوصيل”؛ وخلص قائلا: هناك اتجاه لعدم التساهل مع السرعة أو المراوغة أو الاستعراض واللعب في الطريق التي يقوم بها أصحاب الدراجات؛ وأيضا لن يصبح ممكنا التلاعب بالسرعة القصوى، وتغيير الخصائص التقنية للدراجة، لكون أجهزة الدرك الملكي ستتوفر على أجهزة تقنية تمكن من ضبطها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى