معطيات رسمية ترصد تفاقم الهدر المدرسي بسبب هشاشة بنية الإيواء بالبوادي
أثار تقرير برلماني إشكالية الإيواء في الأوساط القروية وكيف أنه لم يتم الوصول إلى المستوى المطلوب لإنشاء داخليات ودور طلبة؛ وهو ما ساهم بشكل كبير في تفشي الهدر المدرسي بالقرى المغربية.
التقرير، الصادر عن المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية الخاصة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حول موضوع “التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح”، قال إن نسبة المستفيدين من الإيواء في الوسط القروي حسب عدد القاطنين في الداخليات وفي دور الطالب والطالبة “يظهر النقص الواضح على هذا المستوى، حيث إن النسبة العامة لم تصل إلى 15 في المائة بين 2015 و2021، وعند الإناث ظلت في حدود 17.5 في المائة كحد أقصى؛ بينما عرفت هذه النسبة تراجعا مهما في السنوات الأخيرة، لتستقر في حدود 10.4 في المائة في المجموع و12.3 في المائة عند الإناث؛ وهو ما يعني أن حوالي 90 في المائة من تلاميذ الوسط القروي لا يستفيدون من الإيواء، الشيء الذي يسهم في تغذية ظاهرة الانقطاع الدراسي خاصة لدى الفتيات”.
وأفاد المصدر ذاته بأن قطاع التعليم العالي لم يستطع تلبية الحاجة المتزايدة إلى الإقامة في الأحياء الجامعية التي لم تتعد نسبة 39 في المائة سنة 2022، وتتوقع الوزارة أن تصل نسبة الاستجابة إلى 60 في المائة سنة 2024.
وحسب الوثيقة، يعود ذلك إلى عدم توفر الطاقة الاستيعابية الضرورية في الأحياء الجامعية، حيث إن عدد الأسرة المتوفرة سنويا تبقى في حدود 50 ألف سرير، علما أن الطلبة الممنوحين يبقى عددهم 400 ألف في المتوسط، على الرغم من أن الغلاف المالي المخصص للمنح يرتفع كل سنة من أجل الاستجابة للطلبات المتزايدة، الذي تجاوز ملياريْ درهم سنة 2023.
أما بخصوص النقل المدرسي، قال التقرير إنه “يعتبر حلا يمكن أن يعوض الإيواء المدرسي في التعليم الثانوي الإعدادي، عرف تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت النسبة العامة للمستفيدين منه حوالي 10 في المائة سنة 2015 إلى أكثر من 30 في المائة سنة 2021 مع بلوغ هذه النسبة حوالي 32 في المائة لدى التلميذات؛ غير أن النقل المدرسي لم يسهم في تقليص نسب الهدر المدرسي، بالنسب التي توازي الارتفاع المسجل في عدد المستفيدين منه”.
وأكد المصدر أن “عدد المنقطعين عن الدراسة في التعليم الإعدادي ارتفع بين سنتي 2017 و2019 بحوالي 21 في المائة، قبل أن يعود إلى الانخفاض بنسبة 15 في المائة بين سنتي 2019 و2021؛ وهو مؤشر على تأثير نسبي للنقل المدرسي على الاحتفاظ بالمتعلمين والمتعلمات في المدرسة”.
وقال التقرير إنه فيما يخص المركبات التربوية التي أحدثت على أساس أن تتوفر كل واحدة منها على حجرات دراسية وداخلية وسكنيات للمدرسين والإداريين وملاعب رياضية وقاعات للأنشطة ومكتبة ومطعم، بكلفة متوسطة تصل إلى 10 ملايين درهم حسب تصريح لوزير التربية الوطنية في البرلمان سنة 2021، “لم تنجز بالوتيرة التي كانت مقررة بحيث لم يتجاوز عدد المدارس الجماعاتية 271 مدرسة سنة 2023 من مجموع أكثر من 5 آلاف مدرسة بالوسط القروي. وعلى الرغم من الجهود المبذولة منذ سنة 2020 للرفع من عدد المدارس الجماعاتية المنجزة كل سنة، بحيث تراوحت ما بين 35 و45 مدرسة جديدة، فإن 90 في المائة من المدارس بالعالم القروي عبارة عن مجموعات مدرسية تتكون من مدرسة مركزية ترتبط بها فرعيات عديدة ظل عددها محدودا 13 ألف فرعية منذ سنة 2015”.
وشدد التقرير على أن “المدارس الجماعاتية لا تستوعب أكثر من اثنين في المائة من مجموع تلامذة العالم القروي”.
وخلصن الوثيقة إلى أنه “يبقى طموح الحد من الهدر المدرسي رهينا، إلى جانب تحسين جودة التعلمات، بتقديم دعم اجتماعي مندمج يؤلف بشكل ذكي ومرن بين مكوناته الأربعة المتمثلة في الدعم المالي والإيواء والإطعام والنقل المدرسي، مع تكييف العرض المقدم حسب طبيعة الحاجات التي يتم رصدها بشكل دقيق لدى الأسر المعنية”.