الغرب ينبغي أن يستخدم أدوات أخرى بخلاف الأسلحة في حربه ضد روسيا – فايننشال تايمز
نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية من الفايننشال تايمز التي نشرت مقالا يستعرض ما في يد الغرب من أدوات يمكنه من خلالها أن يواكب الأساليب الروسية والصينية في إدارة الصراعات، مثل الحرب الإلكترونية والمعلوماتية وحملات التضليل.
ويرى كاتب المقال مايكل ميكلوتشيتش أن أوكرانيا جبهة لقتال أوسع نطاقا في إطار حرب تستهدف تحديد لم تكون الغلبة والتفوق في النظام العالمي الجديد، موضحا أن روسيا ليست هي الخصم الوحيد لقوى الغرب، إذ أن هناك الصين أيضا التي تمثل أحد أهم اللاعبين في المشهد السياسي الدولي. لكنه مع ذلك لم ينكر الأهمية الكبيرة للدفاع عن سيادة أوكرانيا.
واستشهد ميكلوتشيتش أيضا بتحذيرات إينارا ميرنيس، وزيرة دفاع لاتفيا، التي قالت إنه “من الخطأ أن نظن أن روسيا أوهنتها هذه الحرب، وأنها أصبحت غير قادرة على إظهار مفاجآت استراتيجية”.
وقال الكاتب إنه بعيدا عن قوة السلاح والقدرات القتالية لروسيا، لدى موسكو أدوات أخرى سبق وأن استخدمتها في صراعات سابقة لإحداث الفوضى في دول الغرب والإضرار بمصالحها، مدللا على ذلك “بالتدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، وإطلاق برمجيات ’نوتبيتيا‘ الخبيثة إلى الإنترنت بمعرفة جماعة القرصنة الإلكترونية المدعومة من الكرملين المعروفة باسم ’ساندويرم‘ بتكلفة مليارات الدولار علاوة على آلة الحرب المعلوماتية الروسية التي يمكنها أن تزرع الفتنة في أي دولة ضعيفة كانت أم قوية”.
وأطلق مقال الفايننشال تايمز على هذه الأدوات “صندوق أدوات المنطقة الرمادية”، في إشارة إلى استراتيجية “المنطقة الرمادية” التي تعتمد على إدارة الصراع لتحقيق أهداف سياسية يريدها أحد طرفيه باستخدام أدوات غير عسكرية. وأكد أن الصين أيضا تستخدم تلك الأدوات وأنها تُعد أيضا من خصوم قوى الغرب جنبا إلى جنب مع روسيا.
وضرب المقال بعض الأمثلة على الممارسات الصينية في هذا الشأن، والتي تستخدمها كأدوات “المنطقة الرمادية”، قائلا”: “هناك التجارة القسرية، والقوى البحرية، وإطلاق أسطول من سفن الصيد العملاقة لممارسة لاستفزاز دول الجوار في بحر الصين الجنوبي، وتسليح حزر الشعاب المرجانية”.
وذكر أيضا أن الصين تستخدم تلك الأدوات منذ زمن طويل، إذ فرضت الصين مقاطعة على ليتوانيا عام 2021 في إطار التصعيد عقب افتتاح مكتب تمثيل دبلوماسي لتايوان في العاصمة لليتوانية فيلنيوس.
ونصح الكاتب قوى الغرب بأن تستخدم صندوق أدوات “المنطقة الرمادية”، وألا تتجاهل تلك الأدوات، إذ من الممكن – حال مواكبة الولايات المتحدة وحلفائها من داعمي أوكرانيا لروسيا والصين في تطوير قدرات الحرب الإلكترونية والمعلوماتية وحملات التضليل – متوقعا أن هذه الاستراتيجية قد يؤدي في النهاية إلى انتصار الغرب الحرب في أوكرانيا والحرب الأوسع نطاقا التي تستهدف إعادة تشكيل النظام العالمي.
اليونان وكارثة المناخ
ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي نشرت مقالا كتبته نسرين مالك عن التغير المناخي وأضراره. وتميز هذا المقال بزاوية فريدة تناولت الكاتبة من خلالها الأثر المحتمل للتغير المناخي على توزيع السكان حول العالم لما قد ينتج عن المزيد من نزوح الملايين بسبب الكوارث المناخية المحتملة.
وأشادت الكاتبة باليونان على مستوى إعداد حملات التوعية بخطورة الاحتباس الحراري وغيره من مظاهر أزمة المناخ، إذ روت كيف حول فيديو رحلة “سائح في أجمل بقعة على وجه أراضي اليونان إلى رحلة إلى البقاء على مدار 24 ساعة. وتحول المشهد الجميل على شاطئ البحر الهادئ بسرعة البرق إلى مشهد تخيم عليه ألسنة اللهب وأعمدة الدخان. وتحولت الأحداث في نهاية الإعلان التوعوي إلى محاولات المئات من السائحين للوصول إلى زوارق وحافلات للهروب من الحرائق”.
وذكرت الصحيفة أن حوالي 22 مليون شخصا شُردوا بسبب أحداث ذات صلة بالمناخ وسط تقديرات بزيادة هذا الرقم بحوالي 1.2 مليون شخصا ينضمون إلى النازحين بسبب كارثة المناخ بحلول عام 2050، أغلبهم من الدول الأقل قدرة على التصدي لتبعات الاحترار العالمي. وأشارت إلى أن هؤلاء النازحين لم يغادروا بلادهم فرارا من كارثة مناخية بعينها، بل من حرب ضروس أوسع نطاقا بين المناخ وسكان العالم؛ حرب تؤذن بالمزيد من الفقر، والتطرف، واختفاء منازل الأسر التي عاشوا فيها جيلا بعد جيل علاوة على التبعات الجيوسياسية والأمنية التي أدت إلى زوال سبل العيش، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تحول كارثة المناخ “أزمة لاجئين”.
ورجحت الكاتبة أن التغير المناخي وما ينتج عنه من تبعات قد يؤدي إلى تغير في نمط الحياة وزوال أسباب الرزق، وهو ما أشارت إلى أنه حدث بالفعل في الكاميرون عندما تراجعت كميات الأمطار إلى حدٍ كبيرٍ وبدأ التنافس على مصادر المياه بين رعاة قطعان البقر، ما أدى إلى نشوب نزاعات مسلحة أجبرت الآلاف من سكان المنطقة على النزوح إلى المنطقة الحدودية مع تشاد.
وأشارت نسرين مالك إلى أنه “عندما يتعلق الأمر بزيادة أعداد المشردين من منازلهم حول العالم، تدق أجراس الخطر وتنطلق تحذيرات يُرجح أنها لن تحرك صانعي السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا أو تحثهم على اتخاذ المزيد من الإجراءات وبشكل عاجل من أجل الحد من تبعات كارثة المناخ لأن من يجبرون على ترك منازلهم لا يحدث للآخرين، ليس لنا في دول الغرب”.
الطاقة النظيفة لن تضر “المواطن العادي”
في التايمز البريطانية، كتب هوغو ريفكايند مقالا ينتقد فيه الخطاب السياسي للحكومة وما يمكن أن يلحقه من أضرار بسياسة “صفر انبعاثات”، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأنه يحب السيارات. وأشار إلى أن سوناك ظهر خلف قود السيارة الروغر التي كانت تستخدمها رئيس الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر أُناء إدلائه بحديثه لصحفية صنداي تلغراف عن “كم هي مهمة السيارات للأسر حتى يتمكنوا من قضاء احتياجات المعيشة”.
ورأى ريفكايند أن حزب المحافظين – “الذي يتبنى سياسة صفر انبعاثات” – يطلق خطابا لا يدعم ما ينبغي أن يقوم به الحزب الحاكم من تشجيع المواطنين على استخدام بدائل أقل تلويثا للبيئة للسيارات، وبدلا من ذلك، يترك المحافظون هذه المهمة لحزب العمال المعارض.
وتحدث عن تجربته في ألمانيا وما رآه من أعداد صادمة للدراجات الكهربائية، موضحا أنه “بينما يسعى المواطن الأمريكي إلى شراء سيارة ثانية للأسرة، يسعى الألماني لشراء دراجة كهربائية”، مشير إلى نتيجة دراسة أجرتها مجموعة إرنست آند يونغ للخدمات البحثية التي أكدت أن مبيعات الدراجات لكهربائية في ألمانيا تمثل 80 في المئة من إجمالي المبيعات عالميا في حين لا تتجاوز مبيعات هذا النوع من الدراجات 16 في المئة.
وحذر الكاتب من خطر الخطاب السياسي على سياسة “صفر انبعاثات” التي من شأنها تقديم الكثير من أجل التغلب على التغير المناخي، إذا يروج المحافظون لأن كل ما يعتمد على “الطاقة الخضراء” قد يكون ضد مصلحة المواطن العادي. وقال ريفكايند: “حتى عندما نضع السيارات إلى جوار الدراجات الكهربائية، أشعر بالقلق حيال أن يستغل السياسيون ذلك في تصوير كل ما يعمل بالطاقة الخضراء سوف يسير حتما ضد مصلحة المواطن العادي”.