هل يشجّع المغرب اعتماد الزراعة الحضرية لحماية للبيئة وضمان الأمن الغذائي؟
تجدّد الحديث في الفترة الأخيرة عن أسلوب زراعي جديد يتعلّق بالزراعة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية urban agriculture)) كآلية لحماية البيئة، وتقليص نسب التغيرات المناخية والمساهمة في الأمن الغذائي للسكان.
وفي يونيو الماضي، تم استحضار هذا الأسلوب الزراعي خلال جلسة نقاش حول تحديات ورهانات الانتقال نحو نظم غذائية مستدامة، ضمن مؤتمر “ميد كوب المناخ 2023” بطنجة، وذلك في سياق حديث غابرييل فيريرو، رئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي، عن مواجهة العالم “في الوقت الحاضر أوقاتا عصيبة في مجال الغذاء المحلي والعالمي، حيث تظل نسبة المجاعة مرتفعة للغاية في العديد من البلدان”.
وخلال كلمته بالمناسبة ذاتها، أعلن فيريرو أن لجنة الأمن الغذائي العالمي بصدد إعداد برنامج يمتد على 4 سنوات، سيبدأ في عام 2024، يتمحور حول توطين نظام الأغذية الزراعية في المناطق الحضرية وشبه الحضرية قائم على مقاربات مجالية، بهدف تحقيق انتقال عادل للدول الأعضاء في اللجنة.
وعن إمكانية اعتماد هذا النوع من الزراعات بالمغرب، قال كمال أبركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور خبير زراعي، إن الزراعات الحضرية بدأت تلقى اهتماماً متزايداً في العديد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة، بالنظر إلى دورها الفعال في خفض مستوى التلوث وانبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري داخل المدن والحواضر، وتلطيف الجو، ثم ضمان جزء من الأمن الغذائي.
وأضاف أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “على مستوى المغرب، يمكن الاستفادة من التجارب التي سبقت إليها دول الاتحاد الأوروبي والدول الاسكندنافية في الزراعات الحضرية وشبه الحضرية، لاسيما في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة، وذلك عبر استغلال المساحات المحددة كمناطق خضراء في كل قطعة أرضية ملائمة لسياسات التعمير”.
وأبرز أن هذا النوع من الزراعة، التي تعتمد على أيادي الساكنة عوض الفلاحين، يعد الخيار الأفضل بالنّسبة لكثيرين ممن يفضّلون استهلاك المنتجات الفلاحية البيولوجية، مشيراً إلى أن “هناك تجارب ناجحة لإنتاج أنواع مختلفة من الخضر والفواكه فوق أسطح المباني السكنية بطريقة غير مستهلكة للماء”.
ونبّه في هذا السياق إلى أن نجاح هذه التجارب في المغرب، “يحتاج إلى استراتيجية محكمة يُساهم فيها المهندسون الزراعيون مع المهندسين المعماريين والمسؤولين عن سياسات المدن والوكالات الحضرية لوضع مجموعة من المعايير للبنايات الجديدة لتجاوز إكراهات عدة قد تواجه هذا النوع من الزراعات”.
في السياق ذاته، يرى الخبير الزراعي محمد بنعطا أنه “من الصعب الحديث عن إمكانية نجاح هذا النوع من الزراعات الحضرية في المغرب في ظل الظروف الحالية المتسمة بالجفاف”، مبرزاً أن تحدي سكان المدن المغربية في الوقت الرّاهن، هو توفير الماء الصالح للشرب في حنفيات منازلهم.
وقال بنعطا في حديث لهسبريس: “في سياق آخر تتوفّر فيه المياه، ستواجه هذه الزراعات، لاسيما الموضوعة في الأرصفة والأماكن العمومية، إكراها من نوع آخر، يتعلّق بمستوى الوعي بهذه الفلسفة”، مشيراً إلى “إمكانية تعرّض هذه الأشجار والنباتات للنهب أو التخريب والصراعات بين المواطنين، باستثناء تلك الموضوعة في أملاك خاصة كالسطوح”.