فاعلون مدنيون ينبهون إلى تكبد الفرشة المائية خسائر بسبب التخريب والسرقة
في ظل أزمة مائية خانقة، تتسبب تصرفات فردانية لمواطنين في زيادة استفحال الأزمة والضرر بالموارد المائية، وكمثال عن هذه السلوكات ما يسمى بـ”سرقة الماء” من المنشآت العمومية؛ وهو ما تم الوقوف عليه مرات عديدة، آخرها كان بوزان.
وفي هذا الصدد، أعلنت المديرية الجهوية للشمال بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء) أن الاختلالات في التزويد ببعض الجماعات القروية بوزان راجع إلى “تخريب المنشآت”.
وقالت المديرية، ضمن بلاغ لها، إن الانقطاعات والاضطرابات المسجلة ببعض الدواوير التابعة لجماعات سيدي رضوان وبني كلة وتروال وزومي “تعود لظاهرتي تخريب المنشآت وسرقة الماء الصالح للشرب (سواء عن طريق الإيصالات السرية أو الربط المباشر بدون عداد من أجل الاستعمال المنزلي أو السقي)، وكذا الاستغلال غير القانوني للنافورات العمومية عبر ربطها مباشرة بالمنازل”.
وشدد المصدر نفسه على أن هذه الوضعية أدت إلى ارتفاع استثنائي للطلب على الماء الشروب يفوق قدرة وسعة المنشآت المائية مما نتج عنه وقوع اضطرابات وانقطاعات في تزويد بعض الدواوير، لا سيما تلك الموجودة بالنقط المرتفعة او بالقرب من خزانات التوزيع.
وفي هذا الإطار، قال نور الدين عثمان، الفاعل الحقوقي بإقليم وزان، إن هناك “حالات يوميا متورطة في سرقة الماء؛ إما عبر ربط الأنابيب مباشرة من القنوات دون المرور بالعداد، أو عبر السماح للمواطنين بتزويد المنازل انطلاقا من هذه السقايات عبر أنابيب بلاستيكية.. الأمر الذي ينتج عنه ضغط كبير على خزانات المياه بسبب الاستعمال المفرط، مع ضياع الآلاف من الأمتار المكعبة من الماء”.
وذكر عثمان، ضمن تصريح لهسبريس، أسباب انقطاع الماء عن الساكنة مشيرا إلى أن السبب الأول هو “تخريب القنوات المائية الرئيسة والثانوية بشكل مقصود، بهدف استعماله في السقي، هذا الأمر ينتج عنه انقطاع كلي عن أحياء كاملة بمدينة وزان إضافة إلى مداشر وقرى بالعالم القروي؛ مما يؤدي إلى حرمان الآلاف من المواطنين من الماء لمدة تطول أو تقصر، حسب جغرافية المنطقة”.
ثاني الأسباب التي ذكرها الفاعل الحقوقي هي “سرقة الماء انطلاقا من السقايات العمومية، خصوصا في العالم القروي، حيث هذه السقايات هي الملاذ الوحيد لعشرات الآلاف من الساكنة. ويسجل المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بوزان وعدة قرى بالماء الصالح للشرب، عبر ربط الأنابيب مباشرة من القنوات”.
ونبه المتحدث ذاتها إلى أن “هذا النوع من السرقة أكبر تحدّ للمسؤولين على القطاع، على اعتبار أن هذه المياه تستعمل في سقي حقول القنب الهندي أو تستعمل في بعض المشاريع الفلاحية الخاصة (حقول فلاحية صغيرة، مشاريع تربية الدواجن مثلا…) ، وتمكن خطورة هذا النوع من السرقة في الاستهلاك الكبير للماء، إضافة إلى صعوبة مراقبة القنوات بسبب جغرافية المنطقة ذات التضاريس الصعبة (مناطق جبلية، وأرض خلاء…) وكذلك بسبب تستر المواطنين على هذا النوع من السرقة، مع عدم استبعاد فرضية تواطؤ بعض الموظفين والمستخدمين وكذا بعض أعوان السلطة، في عملية السرقة هاته، خصوصا في السنوات الماضية”.
وتحدث عثمان كذلك عن “سرقة الماء انطلاقا من القنوات الثانوية التي تزود مداشر إقليم وزان من الأقاليم التي تعاني من انقطاعات متكررة للماء الصالح للشرب، خصوصا في موسم الصيف، حيث تتضاعف معاناة الساكنة مع هذه المادة الحيوية؛ الأمر الذي يؤدي إلى احتجاجات بين الفينة والأخرى، مع شكاوى موجهة إلى أكثر من جهة”.
من جانبه، قال عبد الصمد الدكالي، عن جمعية حماية وتوجيه المستهلك بوزان: “ندين أخذ ماء من النافورات العمومية وفي الوقت نفسه نطالب المكتب الوطني للماء والكهرباء بأن يفي بالتزاماته في المنطقة؛ فالساكنة تموت عطشا والفرشاة المائية بالإقليم أصبحت متعثرة”.
وسجل الدكالي، ضمن تصريح لهسبريس، أن المنطقة على الرغم من توفرها على سدين كبيرين، أحدهما يعد الأكبر في إفريقيا، ناهيك عن مجموعة من السدود التلية، فإن مشكل الماء يبقى دائما مطروحا.
وذكر المتحدث بأن الملك أطلق، منذ سنوات، برنامجا لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب؛ إلا أن المشروع ظل متعثرا لأكثر من عشر سنوات، وهو ما أخرج السكان في مظاهرات عديدة مطالبين بتزويدهم بالماء الصالح للشرب.
ولفت الفاعل الجمعوي سالف الذكر إلى أنه سبق أن تم الوعد بأن مشروع الربط الفردي سينتهي سنة 2019؛ ولكن الأمر لم يتحقق إلى حد الساعة في مجموعة من الدواوير التي ينقطع عنها الماء مرارا وتكرارا، كما تم تقليص عدد المرات التي يتم فيها التزود بالماء.