هل يشكل الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي تهديدات للأمن القومي المغربي؟
بعد أن فرضت نفوذها في بوركينافاسو، تستعد جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، للتوغل بشكل معمق في شمال وشرق مالي، ما يجعل منطقة الساحل تحت “تهديد كبير”.
تعيش مالي على وقع الانسحاب العسكري الفرنسي، وهو التحول الأمني الذي يتخوف مراقبون من أن تستغله جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التي أصبحت “تثير الرعب” لدى مواطني المنطقة، وكذا التنظيمات الإرهابية الأخرى المنافسة، وأولها “داعش”.
وتشكل منطقة الساحل بعدا استراتيجيا للمغرب، الذي يتواجد في دولها باستثمارات قوية، ومع تنامي خطر الجماعة الإرهابية سالفة الذكر، الذي أصبح يصل إلى الشمال المالي، تتصاعد المخاوف من أن يشكل ذلك في المستقبل تهديدا مباشرا للأمن القومي للمملكة.
في سنة 2017، سمت الجماعة الإرهابية نفسها الفرع الرسمي لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، ومنذ ذلك الحين “نجح” مقاتلوها في التوغل في دول عديد على شريط منطقة الساحل، أبرزها الحدود الموريتانية المالية، إذ أعلنت الحركة في وقت سابق مسؤوليتها عن مقتل مسؤول مالي رسمي خلال تنقله عبر الحدود مع موريتانيا.
محمد الغواطي، محلل سياسي، يرى أن “الوضع الأمني الهش في مالي وغياب سلطة منتخبة، يشجع هاته الجماعة على الانتشار في المنطقة بشكل أوسع”.
وقال الغواطي لهسبريس إن “دخول هاته الجماعة المسلحة إلى موريتانيا أمر جد وارد في الوقت الراهن، وهو أمر يهدد الأمن القومي للمنطقة بأكملها، وليس فقط المغرب”.
وبحسب المتحدث، فإن “شمال مالي منطقة نفوذ للعديد من القوى الأمنية العالمية، ما يجعل الأخيرة قد تعول في المستقبل على قوى إقليمية لدحر هاته الجماعات، والمغرب يأتي في مقدمة هاته القوى”.
وسجل المحلل السياسي ذاته أن “تدخل المغرب في هذا المستجد يرتبط أساسا بالسيادة الوطنية، وحاليا لا مستجد يهددها، ما يعني أن وجود تدخل للمغرب في المستقبل أمر صعب، لكنه بلد يعول عليه لدحر هذا الخطر، كونه فاعلا مهما في الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب”.
وشدد الغواطي على أن “منطقة الساحل امتداد تاريخي للمغرب، ووجود تهديد فيها يهدده بشكل غير مباشر، ما يستدعي من القوى العالمية التي تسيطر في المنطقة وضع ثقتها في الرباط لدحر هذا الخطر المتصاعد”.
من جانبه، دعا شيخاني ولد الشيخ، رئيس “الجمعية الموريتانية المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية”، إلى “استحداث تنسيق أمني مشترك بين الرباط ونواكشوط، قصد مواجهة تقدم جماعة أنصار الإسلام والمسلمين الإرهابية”.
وأكد ولد الشيخ، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تقدم هاته الجماعة الإرهابية بهذا المستوى المتصاعد يهدد المنطقة بشكل أوسع، غير أن موريتانيا ليست مستهدفة من قبلها بقدر ما تكون تمركزات القوى الدولية هدفها الأول”.
وأورد المتحدث أن “نواكشوط ودول المنطقة بحاجة إلى الاستفادة من الخبرة المغربية الأمنية في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وهي التجربة الملهمة على المستوى العالمي التي من الممكن أن تؤثر في ظل هذا المستجد”.