خبراء ومسؤولون من المغرب وإسبانيا يناقشون دور الشباب في التغيير الاجتماعي
تفكيرٌ حول مكانة الشباب في السياسات العمومية بدول حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة الجارين المغرب وإسبانيا، يجمع باحثين جامعيين مغاربة ونظرائهم من كاطالانيا، في مؤتمر حول موضوع “الشباب والتغيير الاجتماعي.. من أجل تطوير بنيات عمل جديدة”، يحتضنه المعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيروأمريكية، اليوم الأربعاء وغدا الخميس.
فريد الباشا، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط بالنيابة، أكد، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، المكانة المحورية للشباب في التغيير الاجتماعي ومكانته المحورية في تطوير النظام التعليمي بمختلف مستوياته.
وتوقف الباشا عند مشكل الهدر المدرسي الذي يعد من الإشكاليات الكبرى التي تواجه الشباب، داعيا إلى تعزيز التعاون بين مسؤولي ضفتي المتوسط من أجل إيجاد حلول مشتركة لهذه الظاهرة.
وأبرز أن المؤتمر يشكل فرصة لتقريب الرؤى وتقاسم وجهات النظر بين الباحثين المغاربة والإسبان حول القيم المشتركة، قيم السلام والسيادة واحترام الآخر، من أجل مصلحة البلدين ومن أجل المنطقة ككل.
وأشارت أسماء أغلالو، رئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط، في مستهل مداخلتها، إلى أن المغرب يضع الشباب في صلب اهتماماته وسياساته العمومية، من خلال جملة من الإجراءات؛ وفي مقدمتها النهوض بالبنيات الموجهة لهذه الفئة.
وأضافت عمدة العاصمة الإدارية للمملكة أن الحكومة اتخذت إجراءات لإدماج الشباب في سوق الشغل، ومواكبة جيل جديد من المقاولات التي ينشئها الفلاحون الشباب، من خلال عدد من البرامج؛ مثل برنامج أوراش الذي وفر 250 ألف فرصة عمل مباشر في السنتين الأخيرتين، ومنح قروض تستهدف أنماطا من المشاريع لا تدخل ضمن القروض الممنوحة للمقاولات، ودعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي.
وأكدت أغلالو أن الشباب مدعو إلى المشاركة في التحولات التي يعرفها المجتمع مع التشبث بالهوية المغربية والانفتاح على الثقافة الكونية.
واستهل محمد ظافر الكتاني، المدير بالنيابة للمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيروأمريكية، مداخلته باستعراض جملة من نماذج الأدوار الحيوية التي لعبها الشباب في التغيير الاجتماعي عبر التاريخ، وإسهامهم من خلال الحركات الاجتماعية في تشكيل مسار التاريخ الحديث في مختلف المجالات.
وتوقف الكتاني عند أسماء علماء لامعين بصموا التاريخ مثل العالمين طوماس أديسون وتيسلا، وجون لويس الذي قاد حركة حقوق المدنيين في الستينيات وإنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية، والرحالة ابن بطوطة الذي جاب العالم في عمر 21 عاما، وتجربة الحركة الوطنية في المغرب ضد الاستعمار التي شارك فيها الشباب على نحو واسع من خلال التظاهرات والاحتجاجات والمقاومة السلمية.
وشدد المدير بالنيابة للمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيروأمريكية على الدور الجوهري لدُور الشباب في بناء مستقبل أفضل للدول من خلال المحافظة على استقلالها وحماية مكتسباتها من قبيل الحرية والديمقراطية والتنمية المستدامة، لافتا إلى أن الشباب يلعب دورا بارزا في التغيير الاجتماعي.
وأردف الكتاني أن الشباب يمكن أن يسهموا في التغيير الاجتماعي بفضل روح المبادرة والابتكار التي يتخلون بها، لا سيما أنهم يملكون قدرة كبيرة على الابتكار ومهارات عالية في استعمال التكنولوجيا الحديثة، فضلا عن قدرتهم على تبادل الافكار والمعرفة والتجارب بفضل وسائل التواصل الاجتماعي.
وختم المتحدث ذاته بالقول إن الشباب يمكن أن يكون له دور فعال في تطوير بنيات جديدة تلبي حاجيات العصر وتساعد على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال الإلحاح على المؤسسات والمنظمات لتحقيق التغيير المنشود، مشددا على أنه من الواجب تحفيز الشباب وتمكينهم من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية لتحقيق التغيير الاجتماعي وبناء مستقبل أفضل.
في السياق ذاته، قالت وفاء عصري، ممثلة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إن الرأسمال البشري يحتاج إلى تكوين.
وشددت عصري على أنه لا بد من إشراك الشباب وأن يكون في صلب العمليات التعليمية والسياسات العمومية، في إطار شراكات مع القوى الفاعلة في المجتمع وفي الاقتصاد والنظام التعليمي.
من جهته، قال أحمد بنعلال، مندوب حكومة كاطالانيا بشمال إفريقيا، إن موضوع الشباب واستقلالهم “هو قضية حاسمة لتنمية شبابنا ولبناء مجتمع متعدد ومزدهر ومتماسك”.
وأكد بنعلال أن “الاعتراف بقيمة الشباب وشجاعتهم يعني السماح لهم باستعمال طاقاتهم وإمكاناتهم الكاملة في سبيل تحقيق أحلامهم والمساهمة في تطوير مجتمع منسجم مع ذاته وديناميكي في تطوره”.
وأردف مندوب حكومة كاطالانيا بشمال إفريقيا أن المؤتمر يشكل فرصة لتقاسم المعرفة والأفكار لإثراء أنظمتنا التعليمية، ولما لا نكون أكثر جرأة وابتكار في خلق بنيات جديدة للمساهمة في مستقبل مشرق لشبابنا ونعزز نمو مجتمعاتنا وتطورها”.