أخبار العالم

قرارات “لجنة الاستثمار” تفعّل الميثاق الجديد .. سرعة التنفيذ وفاعلية الأداء



دينامية متسارعة تدور بها عجلة المصادقة والتأشير على مشاريع استثمارية، جسَّدها انعقاد الدورة الثانية “للجنة الوطنية للاستثمارات”، المحدَثة بموجب ميثاق الاستثمار الجديد، ما يعكس، حسب بلاغ لرئاسة الحكومة، “النتائج الاستثنائية على مستوى الاستثمارات، ودينامية تطور الاستثمار الخاص في المملكة”.

في ثاني اجتماعاتها بعد اعتماد الميثاق الجديد (بعد أقل من شهرين على انعقاد الدورة الأولى)، وضعت اللجنة تحت مجهر الدراسة ما مجموعه 17 مشروع اتفاقية ومُلْحَقَي اتفاقية، قبل أن تخلُص إلى المصادقة على المشاريع التسعة عشر، المقترحة من لدن القطاع الخاص، المندرجة سواء في إطار نظام الدعم الأساسي (15 اتفاقية وملحقا)، أو في إطار نظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي (4 مشاريع)، بقيمة إجمالية تصل إلى 31,5 مليار درهم.

وأفادت المعطيات الصادرة عن رئاسة الحكومة، عقب الاجتماع، بأنها “مشاريع ستُحدث 11 ألفاً و742 ‏منصب شغل مباشرا، و9 آلاف و280 منصب شغل غير مباشر”.

“التنقل الكهربائي” يتصدر

نظرة سريعة على المشاريع المصادق عليها تبيّن أن قطاع “التّنقل الكهربائي” جاء في صدارتها، بقيمة تبلغ 22,5 مليار درهم؛ أي ما يمثل 71 في المائة من إجمالي الاستثمارات التي صادقت عليها اللجنة، متبوعاً بقطاع المعادن بنسبة 13 في المائة، ثم السيارات بـ10 المائة من مجموع الاستثمارات.

ومن حيث الأثر على إحداث فرص الشغل، يُلاحَظ دون عناء أن التنقل الكهربائي هو القطاع الرئيسي الخالق لأكبر عدد من مناصب الشغل؛ إذ ستساهم المشاريع المخصصة للقطاع في خلق 4 آلاف و458 منصب شغل مباشرا، أي ما يفوق 38 في المائة من إجمالي عدد فرص الشغل المرتقب إحداثها؛ فيما ستساهم المشاريع المبرمجة في قطاعات تربية الأحياء المائية والصناعات الغذائية والسيارات بـ17 في المائة و11 في المائة و9 في المائة على التوالي.

“الطابع الاستراتيجي” لمشاريع البطاريات

الطابع الاستراتيجي مَنحتْه اللجنة لـ4 مشاريع استثمارية تبلغ قيمتها 113,8 مليار درهم، من المتوقع بفضلها إحداثُ 15 ألفاً و720 منصب شغل مباشرا، و99 ألف منصب غير مباشر، حيث ستتدارس هذه المشاريع اللجنة التقنية المكلفة بمشاريع ‏الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي قبل المصادقة النهائية عليها في اللجنة ‏الوطنية للاستثمارات.

وتهم قطاعات المشاريع الأربعة التي منحتها اللجنة الحكومية “الطابع الاستراتيجي” مجال “العربات الكهربائية”، لا سيما صناعة البطاريات.

وتتماشى هذه المشاريع مع “التوجهات العامة للبلاد فيما يخص تطوير النجاعة الطاقية وتشجيع النقل المستدام”، بحسب رئيس الحكومة الذي أشار إلى أن الأخيرة تعمل على تعزيز تموقع المملكة على مستوى الاقتصاد والطاقات المتجددة.

سرعة التنفيذ

رشيد ساري، محلل اقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، قال إن ما يلاحَظ ويسجل بقوة ضمن قراءته لخلاصات عمل الدورة الثانية للجنة الوطنية للاستثمارات، هو “سرعة تنفيذ كبيرة لما جاءت به مقتضيات دعم المشاريع طبقا لميثاق الاستثمار الجديد”، مؤكدا أنها “مقتضيات في صالح القطاع الخاص وتشجيعه بدأت تأخذ مجراها بشكل متسارع”.

ولاحظ ساري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “دينامية كبيرة تطبع عمل اللجنة بعقدها اجتماعيْن حاسمين في ظرفية زمنية متقاربة تقل عن شهرين”، ما يؤشر على أن “مخطط تغليب القطاع الخاص ضمن حصص مشاريع الاستثمار بدأ الشروع في تنزيله فعليا، في أفق بلوغ هدف نسبة الثلثيْن مقابل ثلث للاستثمار العمومي، التي نادت بها توصيات النموذج التنموي”.

وتابع المحلل الاقتصادي ذاته بأن “ما يلفت الانتباه في نوعية المشاريع الاستثمارية المؤشَّر عليها هذه المرة، هو تنوّعها وعدم انحصارها في قطاعات اقتصادية تقليدية، بل تمتد إلى قطاعات واعدة سمتُها المستقبل والاستدامة موازاة مع أثرها التنموي من حيث خلق فرص للشغل تناهز في المجموع 22 ألف منصب مباشر وغير مباشر”.

وزاد أن “التنقل الكهربائي (بالخصوص صناعة العربات الكهربائية والبطاريات) يندرج ضمن قطاعات استراتيجية لا غنى عنها بالنسبة للصناعة الوطنية للإسهام في رفع الناتج الداخلي الخام وتعزيز النمو المستدام”.

“من الأشياء السارة أن يحس الفاعلون في المنظومة الاقتصادية الوطنية بأن هناك إرادة قوية من أجل إنجاح وتطبيق ما أتى به القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار الذي طال انتظاره”، يورد رشيد ساري، خالصا إلى أن “المغرب في الطريق الصحيح لتحقيق طموح ثلثي الاستثمارات الخاصة في أفق 2035”.

قرارات “مفيدة” ولجنة فاعلة

من جهته، اتفق إدريس العيساوي، محلل مختص في الشؤون الاقتصادية، مع مخرجات الاجتماع الثاني للجنة الاستثمار، مؤكداً أهميته بالقول: “كان مفيداً جدا، حيث استطاع أن يصل إلى قرار واضح المعالم يتعلق بوضعية عدد من المشاريع الاستراتيجية، خاصة تلك التي يقوم بها القطاع الخاص في عدد من جهات المغرب”.

وقال العيساوي، الحاصل على دكتوراه في علوم الاقتصاد، في حديث مع هسبريس، إن “عمل اللجنة في أقل من شهرين خلص إلى قرارات مفيدة ومهمة للاقتصاد الوطني ودينامية تسريعه”، معتبرا أنه “يعطي صورة واضحة ويبرهن أن اللجنة ليست مجرد لجنة شكلية كما كان يقول بذلك البعض أحيانا، بل هي لجنة موضوعاتية تتخذ عددا من القرارات الصائبة، لا سيما تلك عدّدها بلاغ الحكومة”.

وخلص المحلل الاقتصادي إلى أن “اتخاذ قرارات المصادقة على مشاريع استثمارية ذات طابع استراتيجي بهذه السرعة والفاعلية، يعكس جلياً عزم الحكومة، بعضوية معظم وزرائها ضمْن اللجنة الوطنية للاستثمارات المقررة في الميثاق الجديد، كل العزم، على جعلها لجنة قائمة الذات وفاعلة وتنكبّ على اختيار مشاريع لها وقع إيجابي على الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات المغاربة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى