أخبار العالم

غرق مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء يبعث مجددا “مآسي الحريگ” في المغرب



يبدو أن مآسي الهجرة والمهاجرين في سواحل البحر الأبيض المتوسط مرشحة نحو مزيد من الارتفاع خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، إذ إن شبكات الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر تكثف جهودها في فصل الصيف مستغلة الحالة المستقرة لمياه البحر والتي لا تمنع من وقوع أحداث غرق تودي بحياة العشرات بل المئات من الحالمين بـ”الفردوس الأوروبي”.

سواحل المغرب الشمالية لا تمثل استثناء بالنسبة للظاهرة؛ فقد استقبل مستودع الجثامين بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسني في الناظور، أمس الجمعة، 6 جثث لشباب تم نقلهم من شاطئ القالات بجماعة أعزانن التابعة لإقليم الناظور، قضوا جميعا نحبهم غرقا خلال رحلة للهجرة السرية، انطلاقا من أحد سواحل المنطقة.

وأكد مصدر لهسبريس أن الضحايا كانوا على متن قارب للهجرة السرية انقلب في عرض مياه البحر على مسافة قريبة من الشاطئ المذكور، إذ إن عدد ركاب القارب كان يتجاوز 50 مرشحا للهجرة السرية أغلبهم ما زال في عداد المفقودين.

محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أكد أن شواطئ الشمال تعرف، خلال هذه الفترة من السنة، “طلبا متزايد على الهجرة غير النظامية باتجاه الجنوب الأوروبي نتيجة مجموعة من الأسباب؛ من قبيل: تحسن الأحوال الجوية بشكل عام، وصعوبة مراقبة الشواطئ سواء من طرف السلطات المغربية والإسبانية، ونشاط مكثف لشبكات الاتجار بالبشر”.

وأضاف بنعيسى، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن شبكات الهجرة والاتجار بالبشر تقوم بـ”نشاط غير مشروع، لا يهمها إلا ما تتحصل عليه من عائدات مالية كبيرة، فإنه لا يهمها حياة وسلامة المهاجرين”.

واعتبر رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان أن “تكديس أزيد من 50 مهاجرا غير نظامي على متن قارب خشبي والخروج في بحر هائج لا يمكن إلا أن تكون نتائجه كارثية على المستوى الإنساني”.

وشدد الحقوقي ذاته على أن الدولة بقدر ما “تعمل على محاولة إيجاد حلول للعوامل التي تدفع نحو الهجرة غير النظامية بقدر ما تعمل على اعتماد مقاربة قانونية – قضائية والضرب بيد من حديد على شبكات الاتجار بالبشر”.

وتابع بنعيسى أن هذه الفترة تصبح “كل شواطئ الشمال نقطة عبور محتملة للمهاجرين غير النظاميين بسبب التحسن العام في الأحوال الجوية، وضعف المراقبة الأمنية بسبب أن الشواطئ تعج بالمصطافين لذى يصعب على السلطات التمييز بين المهاجرين والمصطافين”، مبرزا أنه عكس فصل الشتاء “عادة ما يصبح الشمال الغربي (الفنيدق – طنجة) هي منطقة العبور الأساسية لقربها الجغرافي”، حسب تعبيره.

من جهته، اعتبر خالد مونا، أستاذ الأنثروبولوجيا والخبير في قضايا الهجرة، أن الشبكات تشتغل بـ”شكل مستمر في المنطقة، وعندها خبرة دولية في تهريب البشر، وهناك حضور مكثف للجمعيات والمنظمات الحقوقية للدفاع عن حقوق المهاجرين وتتابع المستوى الإنساني”.

وأضاف مونا أن الهجرة الدولية ترتفع رغم “المراقبة المكثفة، وتصبح سواحل الشمال في خدمة السياحة الداخلية، وتكثر عليها الهجرة ولا تتوقف حدتها وتتغير”.

وأفاد الخبير في شؤون الهجرة بأن عينة المهاجرين الذين يعبرون إلى الضفة الأخرى في هذه المرحلة “ليست العينة نفسها التي تهاجر في الشتاء؛ لأن التكلفة جد مكلفة على المستوى المادي”.

وشدد مونا على أن إشكال المهاجرين غير النظاميين مرتبط بالأساس بـ”دول الانطلاق والعبور؛ لأن الأسباب المؤدية إلى الهجرة مازالت مستمرة، والهشاشة التي تعيشها دول إفريقيا جنوب الصحراء المصدرة للهجرة مازالت قائمة، وليس هناك أي سبب للحد من الظاهرة”.

وأكد المتحدث ذاته أن “الدول الأوروبية التي تعيش مقاربة الظاهرة بتغيير التشريعات والقوانين وفق رؤية ومعطى أمني، والضغط على المغرب من أجل إغلاق الحدود في وجهة الهجرة الدولية، هي التي تؤدي إلى الكوارث الإنسانية في البحر الأبيض المتوسط”.

واعتبر مونا أن المغرب “ربما البلد الوحيد الذي يعيش نوعا من الاستقرار السياسي والاقتصادي، وباقي دول المنطقة تعاني وتعيش تحت وطأة الحروب والإرهاب الجهوي والضعف الاقتصادي؛ وهو ما يؤدي إلى موجات هجرة وتدفق المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى