أخبار العالم

بنكيران يلزم “الإخوان” بالصمت .. تكميم للأفواه أم اتقاء للصدام مع الدولة؟



بأسلوبه الخاص، يواصل عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إثارة الجدل والنقاش في الساحة السياسية بسبب طريقة تدبيره لحزبه وتحديد كيفية تعاطي أتباعه وتفاعلهم مع القضايا والمستجدات التي تعرفها البلاد على مستويات عدة.

وبدا لافتا أن بنكيران يلجأ عبر البوابة الرقمية لحزبه إلى إصدار تعليمات وتوجيهات حاسمة، تفرض عليهم طريقة التفاعل مع المستجدات والقضايا التي تهم الحزب، بلغت حد منعهم من التعليق على قضيتي الحكم الصادر في حق عبد العلي حامي الدين، واعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء والدعوة الملكية التي وجهها عاهل البلاد إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة المغرب.

تباينت الردود حول هذا التعامل الذي لا يتردد رئيس الحكومة السابق في اللجوء إليه من أجل ضبط إيقاع الحزب والتحكم فيه، إذ اعتبر البعض التوجيهات المعلنة نوعا من “التحكم وكتم أنفاس مناضلي الحزب ومنعهم من التعبير عن آرائهم”.

وذهب البعض الآخر إلى أن لجوء بنكيران إلى هذا النوع من التوجيهات يهدف إلى تفادي الصدام مع الدولة والمؤسسات، وعدم التشويش على مساعيه من أجل استعادة الثقة ومحاولة إرجاع الحزب إلى الواجهة مرة أخرى بعد نكسة انتخابات 2021.

خطوة عادية

المحلل السياسي محمد ظريف اعتبر أن التوجيهات التي يصدرها بنكيران “مسألة عادية لا ينبغي أن نحملها أكثر مما تحتمل”، مؤكدا أن الأمين العام لأي حزب سياسي من حقه أن يوجه “أعضاء حزبه من أجل الالتزام ببعض المواقف وأحيانا التزام الصمت، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات اتخذت من قبل الدولة وفي بعض القضايا التي تعتبر حساسة”.

وأضاف ظريف، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن بنكيران أصدر توجيهين في ظرف وجيز؛ “الأول يتعلق بإدانة عبد العالي حامي الدين، والثاني بدعوة الملك محمد السادس بنيامين نتنياهو لزيارة المغرب، لكون الدعوة الملكية تثير بعض الحساسيات؛ لأن نتنياهو مازال يشرف على مجازر في الضفة الغربية، آخرها مجزرة مخيم جنين، وهذه أشياء تستفز مجموعات تعتبر نفسها مناهضة لإسرائيل”.

وسجل ظريف أن حزب العدالة والتنمية يمر بـ”مرحلة صعبة؛ لأن الكثير من أطره انسحبوا من الحزب، خاصة وأنه شهد التحاق عدد كبير من الأطر والكفاءات، التي التحقت معتقدة أنه سيحافظ على تلك الهيمنة، لكن مع نتائج اقتراع شتنبر 2021، أدركت أن لا مصلحة لها مع حزب العدالة والتنمية وتراجعت، سواء بمبرر وقوع أخطاء في التدبير أو بالاعتقاد الجازم بأن البيجيدي انتهت مرحلته وأدى المهمة التي كانت مرسومة له من قبل المخزن”.

تبرؤ مسبق

وأشار المتحدث ذاته إلى أن بنكيران يحاول دائما أن “يحافظ على قاعدته من خلال الحديث عن الانتخابات وإمكانية الرجوع وتحمل المسؤولية في الجماعات الترابية أو في الدولة”. وأمام هذه الوضعية الصعبة، شدد ظريف على أن بنكيران سيكون “أحرص شخص داخل حزب العدالة والتنمية حتى لا يقطع شعرة معاوية مع المخزن”.

وزاد مبينا أن بنكيران وجه أعضاء الحزب بألا يعلقوا على الحكم الصادر ضد حامي الدين؛ لأن ذلك سيمس باستقلالية القضاء وهيبته، مذكرا بأن بنكيران في بداية المحاكمة كان يقول “لن نسلمكم أخانا”.

وأردف ظريف بأن الدعوة الملكية إلى نتنياهو لزيارة المغرب، “قد تدفع أعضاء حزب العدالة والتنمية إما للتعبير عن مواقف مناهضة لها، أو ربما تنظيم وقفات احتجاجية عندما يقوم نتنياهو بهذه الزيارة، وبنكيران يريد أن يبرئ ذمته في حالة صدور بعض التعليقات أو تنظيم بعض الوقفات ضد هذه الزيارة”.

من جهته، أفاد المحلل السياسي محمد شقير بأن توجيه بنكيران، كأمين عام لحزب العدالة والتنمية، بضرورة التزام الصمت في ما يتعلق بمسألة اعتراف إسرائيل بالصحراء، “مرتبط بالأساس ربما بمعطيات ثلاثة، أولها هو أنه يتصرف كأمين عام للحزب”.

وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن بنكيران يتصرف بناء على أن حزبه “هو المسؤول عن التوقيع على اتفاق التطبيع وفي عهد حكومة سعد الدين العثماني تم توقيع هذه الاتفاقية، وهذا القرار هو استمرار لهذه الاتفاقية من جهة أخرى”.

ردود داخلية

شقير أكد أن من أهم توجهات “البيجيدي” الفكرية والمذهبية، “اعتبار إسرائيل عدوا، ومناهضة كل أشكال التطبيع معه، وبالتالي فالقرار ينسف بشكل كبير هذا الثابت وهذا التوجه”.

وتوقع المتحدث ذاته أن يحرك القرار “مجموعة من الفعاليات داخل الحزب لانتقاد هذا التوجه، وربما أفتاتي كان من بين هؤلاء الذين انتقدوا التطبيع، وكان رد الأمين العام هو أن تصريحه شخصي لا يخص الحزب ولا يلزمه”.

وأشار شقير إلى أن بنكيران صارم في مسألة الحفاظ على ثوابت الدولة، التي هي الملكية والوحدة والوطنية والدين الإسلامي، وقال: “مادام أن الاعتراف أو إبرام اتفاقية مع إسرائيل قرار دولة وقرار ملكي، فإن أي بيان من الحزب ينتقد هذا التوجه سيؤدي إلى صدام كبير بينه وبين الدولة والمؤسسة الملكية، وهذا بطبيعة الحال ما يحاول بنكيران تفاديه وتجنيب حزبه الوقوع فيه”.

وسجل المحلل السياسي ذاته أن بنكيران يعي أن أي موقف يمكن أن يثير “غضب السلطات العليا على الحزب وتدفع بمعارضيه إلى تصيد هذا الخطأ للبحث عن المزيد من إقصائه”، مشددا على أن قرار بنكيران “مسألة مهمة للحفاظ على وحدة الحزب من جهة، والحفاظ على مصلحة الحزب لكي لا ينزلق في المنزلقات التي ستؤدي به إلى مزيد من الإقصاء والحصار من جهة ثانية”.

وختم شقير بأن توجيهات بنكيران وإن ظهرت أنها تقلص هامش الحرية للأعضاء، “إلا أنها تعتبر ضرورة لحزب يعاني من نكبة سياسية وانتخابية للحفاظ على وحدته”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى