أخبار العالم

بوصوف يفكك بيانات الانتخابات الإسبانية قبل الوصول إلى “الصمت الانتخابي”



قال الخبير في العلوم الإنسانية عبد الله بوصوف إن “التحاليل عبّرت عن اندهاش كبير لصورة رئيس الحكومة سانشيز خارج إسبانيا، البراقة، والقوية والإيجابية…، وبين صورته بالداخل الإسباني التي تكَلّف بتشكيلها الإعلام اليميني الإسباني بأنه شخص متعطش للسلطة وأناني، وأنه مستعد للتحالف مع الشيطان للبقاء في السلطة”.

وأشار بوصوف، في مقال له بعنوان “انتخابات إسبانيا 2023 قبل الصمت الانتخابي”، إلى أن “أغلب الناخبين الإسبان يميلون إلى اليمين، بدليل أن الحزب الشعبي اليميني يتربع على المرتبة الأولى منذ شهور”، مضيفا أن “حزب سانشيز يسترجع بعض النقط، لكن يظل الحزب اليميني في المقدمة، ويُعول على حزب فوكس اليميني المتطرف في الحصول على أغلبية مطلقة”.

هذا نص المقال:

مازالت قراءة وتفكيك نتائج استقراءات الرأي بخصوص انتخابات إسبانيا في يوليوز 2023 تثير الكثير من الاستغراب بين نتائج إيجابية لحكومة سانشيز على كل المستويات، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسة الخارجية… فلغة أرقام الدخل القومي ونسبة البطالة وتحديد سقف سعر المحروقات وقوانين خاصة بالحد الأدنى للأجور وبالحريات الشخصية وغيرها، كلها مجالات حققت فيها حكومة سانشيز العديد من الخطوات الإيجابية.

لكن استقراءات الرأي تقول عكس ذلك ويميل أغلب الناخبين الإسبان إلى اليمين، بدليل أن الحزب الشعبي اليميني يتربع على المرتبة الأولى منذ شهور. صحيح أن حزب سانشيز يسترجع بعض النقط، لكن يظل الحزب اليميني في المقدمة، ويُعول على حزب فوكس اليميني المتطرف في الحصول على أغلبية مطلقة، أي 176 مقعدا.

فأغلب التحاليل ذهبت إلى أن اليمين يستمد قوته من قوة إعلامه وسيطرته على أغلب قنوات الإعلام الإسباني، وبالتالي إمكانية توجيه الرأي العام والناخب الإسباني.

كما عبرت التحاليل نفسها عن اندهاش كبير لصورة رئيس الحكومة سانشيز خارج اسبانيا، البراقة، القوية والإيجابية… وبين صورته بالداخل الإسباني، التي تكَلّف بتشكيلها الإعلام اليميني الإسباني، بأنه شخص متعطش للسلطة وأناني، وأنه مستعد للتحالف مع الشيطان للبقاء في السلطة، وهو ما يسمى في الإعلام اليميني بـ”السانشيزم” حتى إن موقع “بوليتكو” الشهير قال إن المشكل ليس هو حزب “Psoe” بل هو سانشيز نفسه.

والواضح أن إعلام اليمين اشتغل على عناصر معينة من أجل ترسيخ صورة سانشيز المتعطش للسلطة، وهي إشارة مبطنة تعني أنه سُلطوي وديكتاتوري أيضا، وذلك من خلال التركيز على سرد بعض الحالات المعينة، مثلا:

– في سنة 2018 عندما فشلت مفاوضاته لتشكيل حكومة مع حزب “المواطنون” الوسطي، سارع إلى تشكيل حكومة مع حزب “بوديموس” الذي صرح في السابق بأنه لن يتحالف معه أبدًا.

– في سنة 2021، منحت “حكومة سانشيز” العفو لتسعة انفصاليين كاطالانيين كانوا محكومين على خلفية محاولة انفصال في أكتوبر 2017، وهو العفو الذي تم توظيفه من قبل المعارضة وإعلامها بأنه تساهل مع الانفصاليين وتهديد للوحدة الوطنية وتدخلات في السلطة القضائية وإضعافها.

– كما انتقد اليمين واليمين المتطرف بشدة تحالف سانشيز مع حزب “Bildu”، وهو الذراع السياسية لمنظمة “ايتا” الباسكية الإرهابية السابقة. وفي النقطة نفسها وظفت الحملة الانتخابية لليمين اسم مجرم خطير هو “Txapot” المحكوم بـ152 سنة على خلفية ارتكابه جرائم قتل متعددة، وهو ما يعني توظيف الذاكرة الإرهابية في الانتخابات السياسية… وقسًم بذلك أسر وعائلات ضحايا “ايتا” الباسكية بين مؤيد ومعارض لهذا التوظيف السياسي لذاكرة جماعية تحاول إسبانيا تجاوزها.

وقد رد سانشيز بتفكيك هجوم اليمين واليمين المتطرف من خلال محاربة “السانشيزم” بقوله بأنها استراتيجية قديمة لليمين عندما يكون في المعارضة، وإن المقصود من الحملة هو التنقيص والتقليل منه وخلق صورة بأن الزعيم التقدمي رئيس الحكومة هو شخص أناني ومتعطش للسلطة، وأنه مستعد لكل شيء من أجل البقاء.

وأضاف سانشيز أن الاستراتيجية نفسها استخدمت مع فيليب غونزاليس 1982/1996 تحت اسم “filipismo”، ومع لويس زاباتيرو 2004/2011 تحت اسم “ZAPETERISMO”، والآن معه هو باسم “chanchismo”.

من جهة أخرى، فإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في صيف 2023 جعل الطلب على اختيار انتخابات عن طريق البريد يرتفع بنسبة الضعف مقارنة مع انتخابات نوفمبر 2019؛ فوفق القوانين الإسبانية، حددت شركة البريد الإسبانية يوم 13 يوليوز آخر أجل لتقديم طلب إجراء انتخابات عن طريق البريد، وقد توصلت مكاتب البريد بـ 2.456.826 طلبا، 94 ألف طلب منها فقط في يوم 12 يوليوز، أي بنسبة 7% من مجموع الناخبين.

الطلبات القوية دفعت شركة البريد الإسبانية إلى تشغيل حوالي 19 ألف موظف بعقود محددة المدة، كما قام 30% من موظفي البريد بتأجيل عطلهم.

ولم تسلم شركة البريد الإسبانية من انتقادات قياديي وإعلاميي اليمين الإسباني، فقد تحدث فييخو بكثير من الهمز والغمز مُشكِكا في حيادية مكتب البريد في العملية الانتخابية، وهو الخبير بذلك مادام أنه كان رئيس شركة البريد الإسبانية بين سنوات 2000 و2003؛ فقد نبه زعيم الحزب الشعبي فييخو إلى أن رئيس شركة البريد الحالي شغل سابقا منصب مدير ديوان سانشيز.

وقبل إعلان “الصمت الانتخابي”، مازالت أحزاب اليمين في المقدمة، لكن مشكلتها هي الحصول على الأغلبية المطلقة وعدم اللجوء إلى البحث عن تحالفات مع أحزاب جهوية صغيرة، وستهدد، لا شك، استقرار حكومته.

في حين ذكّــر سانشيز، خلال اجتماع أوروبي يوم أمس، بأن حزب “فوكس” هو تهديد لكل أوروبا في أفق انتخابات البرلمان الأوروبي سنة 2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى