نشطاء أمازيغ يستنكرون تصريحات الرجوب ويدافعون عن “التطبيع” مع إسرائيل
استنكر نشطاء أمازيغ التصريحات الأخيرة لجبريل الرجوب، وزير الشباب والرياضة الفلسطيني، التي دافع من خلالها على مواقف النظام الجزائري من قضية الوحدة الترابية للمملكة، وندد بما اعتبره “استخدام إسرائيل كفزاعة واللجوء إليها لتكون مصدر قوة لطرف أو إضعاف للطرف الآخر”، وفق تعبيره، في إشارة واضحة إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب.
في هذا الصدد، اعتبر منير إكجي، ناشط أمازيغي، أن “الموقف الذي عبر عنه المسؤول الفلسطيني يسير في نفس اتجاه المواقف الرسمية للقادة الفلسطينيين، التي تطبعها سياسة الطعن من الخلف في ظهر المغرب؛ هذا البلد الذي انخرط منذ عقود في بناء المستشفيات والمدارس للفلسطينيين وتقديم يد العون لهم، وكذلك إيواء طلبتهم وتوفير منح دراسية لهم على أراضيه”.
وأضاف المتحدث عينه أن “الحركة الأمازيغية طالبت أكثر من مرة بأن لا يكون المغاربة فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، كما طالبت حتى بانسحاب المغرب من جامعة الدول العربية، ذلك أننا كمغاربة لنا قضيتنا، كما لدينا أولويات وإكراهات اقتصادية واجتماعية تفرض علينا أن نوليها الاهتمام أولا قبل كل شيء”.
وأردف بأن “تفسيرات السفير الفلسطيني المعتمد بالمغرب في محاولة منه لاحتواء غضب المغاربة، لا يمكن أن تجدي نفعا؛ فقد ألفنا منذ سنوات مثل هذه المواقف المعادية”، مشددا على أن “أولويات مغرب الأمس ليست هي أولويات مغرب اليوم، ذلك أن هناك عددا من المتغيرات الاستراتيجية في شمال إفريقيا التي فرضت على المملكة نسج تحالفاتها وشراكاتها بالشكل الذي يخدم مصالحها القومية”.
وانتقد الناشط الأمازيغي ذاته، في تصريحه لهسبريس، “المؤاخذات الفلسطينية على المغرب على إثر إعادة علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل”، معتبرا أن “خيار التطبيع هو خيار استراتيجي لا محيد عنه، كما أنه خيار مزعج لأعداء المغرب، بدءا من الجزائر. ولذلك، فلا غرابة في أن تصريحات المسؤول الفلسطيني صدرت منه انطلاقا من هذا البلد”.
وخلص إكجي إلى أن “الرباط حرة في نسج التحالفات التي تراها مناسبة، ولا يمكن فرض السلطة الأبوية على المغاربة في اختياراتهم الاستراتيجية؛ فكما أن للجزائر الحق في نسج علاقات مع إيران أو روسيا أو دول أخرى، فإن المغرب بدوره يحتفظ بحقه في هذا الصدد”.
من جهته، اعتبر أحمد عصيد، حقوقي وفاعل أمازيغي، أنها “ليست أول مرة يقوم فيها مسؤول فلسطيني بإصدار هذا النوع من التصريحات المتحيزة للطرف الانفصالي الراغب في تقسيم المغرب، وفي كل مرة يقال إنه مجرد رأي شخصي لا يلزم القيادة الفلسطينية، ولكن في الحقيقة إذا جمعنا آراء العديد من أعضاء القيادة الفلسطينية، من ياسر عرفات إلى اليوم، فسنجد أن هناك تحيزا واضحا من طرف العديد من الفلسطينيين للجزائر ضد المغرب”.
“هذا الموقف له جذور تاريخية في العقود السابقة عند حركة التحرير الفلسطينية التي تعتبر الجزائر بلد الثورة وتعتبر نظامه العسكري نظاما ثوريا”، يضيف المتحدث عينه، موضحا: “هكذا كانت القيادة الفلسطينية تنظر إلى الأنظمة العسكرية في المنطقة في مقابل نظرتها إلى الأنظمة الملكية على أنها أنظمة تابعة للغرب وغير مستقلة ورجعية، ونتذكر كيف سمح ياسر عرفات بالجزائر لزعيم جبهة البوليساريو بأخذ الكلمة أمامه واعتبار نضال [الشعب الصحراوي] ضد المغرب شبيها بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما نتذكر كلمة جورج حبش، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في مخيم تندوف، التي بشر فيها البوليساريو بالانتصار على المغرب وإقامة جمهورية عربية صحراوية على أرضه”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المغرب يجب أن يكون حازما ضد هذه المواقف اللامسؤولة التي تذهب أحيانا إلى تخصيص أروقة للبوليساريو في تظاهرات فلسطينية، وهو موقف ظاهر بالعداء للمملكة ولا يمكن إيجاد تبريرات له بالقول إنها مجرد مواقف شخصية؛ فهذه المواقف الشخصية عندما تكثر تطرح سؤالا عن الأسباب التي تجعل القيادة الفلسطينية لا تسائل هؤلاء القياديين عن تلك المواقف، مع العلم أنهم-بحكم مواقعهم-ملزمون بواجب التحفظ”، موردا أن “الموقف المطلوب من القادة الفلسطينيين هو موقف الحياد في الصراع بين المغرب والجزائر، وذلك حتى يكون الجميع مع القضية الفلسطينية”.
وحول تصريحات رجوب بشأن “التطبيع” مع إسرائيل، قال عصيد إن “من مظاهر التحيز الفاضحة ما ذكره الوزير الفلسطيني بالجزائر عن الاتفاقية الثلاثية المغربية-الأمريكية-الإسرائيلية، التي هي شأن مغربي سيادي، حيث سمح المسؤول الفلسطيني لنفسه بإصدار الأحكام وتأويل الموضوع سياسيا لإرضاء الطرف الجزائري الذي ما فتئ يتحدث عن [الخطر الصهيوني] المتواجد على حدوده، التي هي حدود مغلقة بين شعبين شقيقين بإرادة القيادة الجزائرية، وليس بقرار لا من المغرب ولا إسرائيل”.
وخلص عصيد، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “السياسة الخارجية لبلدنا سياسة سيادية تهدف إلى لعب دور إقليمي ناهض اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، كما ترمي إلى حل معضلة الصحراء التي صنعتها الجزائر، بإقناع المجتمع الدولي باقتراح المغرب المتمثل في الحكم الذاتي. وفي هذا الإطار، يحق للمغرب أن يبرم اتفاقيات مع من شاء لدعم مقترحه وتقوية موقعه دوليا، كما أن الجميع يعلم بأن المغاربة، دولة وشعبا، مع الحق الفلسطيني في السيادة والاستقلال والتحرر، ولكنهم لا يسمحون لفلسطينيين أن يتخذوا مواقف ضد وحدة المغرب ولصالح خصومه”.