هل يمكن لفرنسا أن تتحكم أكثر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
اعتمد مجلس الشيوخ الفرنسي ليلة الأربعاء الماضي، مشروع قانون يخطط لتأمين الإنترنت وتنظيمه. وجرت بداية هذا التصويت في سياق خاص تميز بأعمال العنف التي أعقبت وفاة ناهل، وهو شاب يبلغ من العمر 17 عامًا قتل على يد ضابط شرطة في مدينة نانتير في 27 يونيو.
وخلال أعمال الشغب، أثيرت مسألة مسؤولية الشبكات الاجتماعية والسيطرة عليها باعتبار أن هذه المنصات مثل “سناب شات” و”واتساب” لعبت دورًا في تنظيم مثيري الشغب وانتشار صور العنف .
وبينما يدرس الرئيس الفرنسي “قطع” الشبكات الاجتماعية في هذه الحالة، تقول الحكومة إنها مستعدة للعمل على تغييرات تشريعية.
وهذا ما حصل بالفعل، إذ أثناء فحص مشروع قانون “أمن الفضاء الرقمي” أمام مجلس الشيوخ، قدم السناتور باتريك تشيز، المقرر المشارك في المشروع التشريعي، تعديلًا لإلزام منصات التواصل الاجتماعي بإزالة المحتوى الذي “يحرض بوضوح على العنف”.
“سحب المحتوى الضار”
وينص تعديل السناتور الذي تم سحبه بعد تحذيرات جان نويل بارو، الوزير المفوض المسؤول عن الانتقال الرقمي والاتصالات بشأن الصياغة التي من شأنها المخاطرة بعدم الدستورية، على أنه “عندما تكون هناك أعمال شغب أو حركات شعبية تقوض النظام العام أو الأمن العام، وتحرض بشكل واضح على العنف ضد الأشخاص في السلطة العامة، أو الإضرار بالمباني أو المرافق العامة أو اقتحامها، يجوز للسلطة الإدارية المختصة إصدار أوامر الإزالة ضد أي خدمة شبكات اجتماعية عبر الإنترنت لإزالة أو حظر محتوى الوصول، في غضون ساعتين من استلام الأمر القضائي المذكور”.
ورغم سحب التعديل، لم تبقى الفكرة حبرا على ورق، فقد تعهد جان نويل بارو الذي يقود هذا المشروع بالبدء في التفكير مع مجلس الشيوخ “لإيجاد صياغة جماعية” قبل المراجعة من قبل الجمعية الوطنية، لأنه يعتقد أنه من الضروري “إيجاد طريقة تمكن المنصات من وضع الأشياء في مكانها منذ الساعة الأولى في مواجهة هذه الظواهر التي يمكن أن تغذي ديناميات الشغب”
ويؤكد في المقابل على أنه “لا يوجد إخفاء للهوية على الشبكات الاجتماعية ولا يمكن لأحد أن يعتقد أنه آمن وراء لقب أو صورة رمزية عندما ينشر الكراهية والعنف على الإنترنت”، موضحًا أن المنصات يجب أن تحترم التزاماتها القانونية عندما يكون المحتوى “غير قانوني” ويتم الإبلاغ عنه.
هل المرغوب ممكن؟
ويرى الخبير في الشبكات الاجتماعية والاستخدامات الرقمية والتطرف عبر الإنترنت، تريستان مانديس فرانس في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “يجب التفريق بين ما هو مرغوب فيه وما هو ممكن “.
ويضيف، “بعض المعلومات المتداولة على المنصات الاجتماعية محظورة بالفعل بموجب القانون. المشكلة تكمن في تطبيق القانون على المنصات. لست متأكدًا من أن حظرها أو قطعها ممكن مقارنة بقانوننا الحالي، وإذا تم فهو أمر مقلق لأن الدول الوحيدة على هذا الكوكب التي تحجب الشبكات الاجتماعية هي أنظمة استبدادية بشكل عام”.
في المقابل، يشرح أنه “إذا تم تعديل DNS (نظام اسم المجال) -أداة يستخدمها كل هاتف ذكي أو جهاز كمبيوتر للاتصال بموقع معين- لمنع الوصول إلى قائمة العناوين، مثلا فيسبوك، فسيجد المستخدم نفسه في مواجهة صفحة فارغة”.
لكن من السهل التحايل على هذه الأساليب، لا سيما من خلال استخدام برنامجVPN الذي يقوم العديد من مستخدمي الإنترنت باستخدامه لتغيير مواقعهم وبالتالي، من الممكن تجنب إجراءات الحجب الرئيسية التي يتم تنفيذها على نطاق البلد.
حل آخر قد تلجأ إليه الحكومة بحسب الوسائل الإعلامية، يتعلق ب”تحديد الموقع الجغرافي” للمستخدم. لكن الخبير في الشبكات الاجتماعية يقول “إن الاستجابة لهذا الأمر قد تكون صعبة نظرًا لوجود معظم شركات الشبكات الاجتماعية في إيرلندا، فقد لا يتم الاستماع إلى الطلبات الفرنسية”.
القاصرون في انتظار الضوء الأخضر
أما فيما يخص قانون تقييد “وصول القاصرين إلى مواقع التواصل الاجتماعي” الذي اعتمده البرلمان يوم الخميس 29 يونيو لينظم بشكل أكثر صرامة استخدام الشبكات الاجتماعية من خلال تقديم تفويض الوالدين لمن هم دون سن 15 عامًا. ويسمح أيضًا لصاحب السلطة الأبوية بطلب تعليق حساب الطفل، فهذا “يشكل وفقا لمانديس “مشكلة فنية لأن مراقبة السن سيؤدي إلى اضطراب عميق في النظام الداخلي للمنصات الاجتماعية الذي لا يفرض تقديم “الهوية الشخصية” للتسجيل. كما أن فرض هذا الأمر على أصحاب هذه المواقع قد لا يروقهم وربما سيفضلون الانسحاب كما حصل مع “شات جي بي تي” التي هددت بالانسحاب من إيطاليا قبل أسابيع قليلة”.
ولحد الساعة لم يتم تحديد تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ لأنه ينتظر رأيا ستصدره المفوضية الأوروبية بشأن امتثاله لقانون الاتحاد الأوروبي. وسيكون أمام الشبكات الاجتماعية بعد ذلك سنة واحدة للامتثال للقوانين الجديدة.
ووفقا لتحقيق نشر في مارس 2021، يمتلك 63٪ من الأشخاص دون سن 13 عامًا حسابًا واحدًا على الأقل على إحدى الشبكات الاجتماعية في فرنسا.