أخبار العالم

لغدش وتاريخ الطيران بالمغرب.. “مبحث بكر” يبرز صدمة عسكرية وثروة علمية



تاريخ غني يكشفه كتاب جديد صادر باللغة الفرنسية حول تاريخ الطيران المغربي في عهد الاستعمار، قدم مساء الأربعاء بفيلا الفنون بالرباط، مسلطا الضوء على بدايات دخول الطائرة إلى المغرب، وتطور الطيران العسكري فالمدني، وآثاره على انتشار الاحتلال الأجنبي وذهنية المغاربة.

كتاب حسن لغدش أنتجه وعي بـ”فراغ في الكتابة التاريخية” حول هذا الموضوع، رغم وجود “أرشيف غني”، من صور ورسومات ووثائق؛ كانت المهمة هي “إعادة بنائها” وفق ما تقوله المعلومة التاريخية.

وكانت بداية الطيران “منذ المناطيد بالدار البيضاء في سنة 1907، التي كان دورها المراقبة والتعرف على البلاد، قبل أن تغادر المغرب في السنة المقبلة لأسباب تقنية خاصة”، في وقت كان فيه المغرب “أرضية للتجريب” ثم دخلت الطائرة في شتنبر 1911، “في سياق أزمة مولاي حفيظ الذي طلب من فرنسا إعادة النظام في فاس”.

وكانت سنة توقيع معاهدة الحماية، 1912، سنة “تأسس الطيران العسكري الفرنسي بالمغرب، لاستكشاف أرض المعركة”، وكان من أوائل من وثق ركوبهم في الطائرات من المغاربة الباشا الكلاوي والقايد الدكالي بمراكش سنة 1913.

ومن “النقط السواء” لدخول الطائرةِ المغربَ “حرب الريف” التي استعملت فيها القنابل الأمريكية، كما تظهر الوثائق وفق لغدش أن محمدا بن عبد الكريم الخطابي حاول بمساعدة طيارين أمريكيين خلق طيران ريفي دون أن تكلل المحاول بنجاح.

ومن بين ما يتطرق إليه هذا الكتاب “تفجير الشاون”، الذي “كان تراجيديا رغم إهماله تاريخيا”، و”تفجير الريف” الذي “كان من الأوائل في التاريخ الذي استهدف الساكنة المدنية بالطائرات”، كما يهتم العمل ببدايات الطيران المدني مع جورج لاتيكوير سنة 1918.

ومن بين ما يدققه الكتاب معلومة حول المطار الذي أقل السلطان محمدا الخامس من المطار الذي نفاه، قائلا إن الوثائق التي اطلع عليها تثبت أنه “المطار العسكري للرباط – سلا” بأمر من الجنرال غيوم.

وسجل صاحب الكتاب في اللقاء التقديمي أن الوثائق ومسار توسع الاستعمار ووسائله تظهر أنه “دون طائرة كان سيكون تاريخ الاستعمار بالمغرب شيئا آخر”.

ومن بين الأعلام الذين يهتم بهم الكتاب ثريا الشاوي، أول طيارة مغربية، وقتلها على يد مغربي بسبب رفضها الزواج منه أو بسبب قربه من الفرنسيين، قبل أن يضيف الكاتب: “هناك بالنسبة لي منطقة مظلمة في حياتها (غير معروفة على وجه الحقيقة والدقة)، مثل موقف الوطنيين منها، ولو أن طائرتها كانت ترافق إعادة محمد الخامس إلى المغرب”.

ومن الأسئلة التي يهتم بها الكتاب أسئلة الشرق والغرب والأنا والآخر، ورؤية “الموريين”، و”شرعية الغزو التكنولوجي”، ونفسية الجماهير “عند رؤية الطائرات، بعدما كانت العادة جبالَ الصحاري”. كما يهتم ببدايات “مغربَة الطيران”، ولو أن “الطيران المغربي قد تأخر لأسباب سياسية مرتبطة بالحركة الوطنية التي دافعت عن إفراغ جميع القواعد الجوية من المستعمر”، كما يتحدث عن المتخرجين المغاربة الأوائل من فرنسا الذين كانوا “نواة الطيران العسكري المغربي بعد الاستقلال”.

الناقد إدريس اشويكة، الذي قدم المؤلف، قال إن هذا العمل “انزياح فكري” لكاتبه حسن لغدش الذي هو “ناقد أدبي وباحث في الجماليات، له رؤى مثرية ومختلفة للحقل الفني”، وأرخ للحركية التشكيلية بالمغرب، وكتب عن النواة الأولى لها بوجدة قبل الدار البيضاء.

وتابع: “لا مثيل للكتاب من حيث مجال الاشتغال، لاهتمامه بتاريخ الطيران بالمغرب في الفترة الكولونيالية”؛ فـ”الوصول إلى الأرشيف والوثائق يتطلب تراخيصَ وصبرا”، وهو ما يظهر “جدية وأصالة المؤلف”.

ومن بين ما يبرز أهمية الكتاب الجديد، حسب اشويكة، تأريخه لبدايات الطيران من “المناطيد” إلى “الطائرات العسكرية” و”بداية الطيران المدني” ثم “إحداث الطيران العسكري المغربي المستقل”، مع مواضيع من قبيل “الإشهار الخاص بالطيران” وما يروجه عن “ذهنية” و”طقوس جديدة للسفر”، مع “لائحة المطارات في المغرب”، و”وثائق، وصور، وخرائط قيمَة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى