هل تركت تونس وحدها لمواجهة أزمة المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا؟
جاء مقْتل مواطن تونسي، على يد مهاجرين أفارقة، في مدينة صفاقس الإثنين 3 تموز/يوليو، ليصُب الزيت على النار، في أزمة المهاجرين الأفارقة غير النظاميين ،التي تُثير توتّرا واسعا في تونس منذ فترة طويلة.
وجاء مقتل المواطن التونسي،في خضم عنف استمر لعدة ليالٍ، في المدينة التي تقع على بعد 270 كيلومترا، جنوبي العاصمة تونس، والتي تعد من أكثر نقاط تجمع المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، القادمين من بلدان جنوب الصحراء، والذين يستخدمونها كنقطة عبور، في طريق هجرتهم غير الشرعية إلى دول أوروبا.
ووفقا لتقارير ومراقبين، فإنه وفي إجراءات ربما تكون غير مدروسة، فإن السلطات التونسية، وسعياً منها لحل الأزمة، شرعت بترحيل المئات من هؤلاء المهاجرين الافارقة غير النظاميين، من مدينة صفاقس، باتجاه الحدود التونسية الليبية، حيث تركتهم هناك، وأشارت عدة تقارير، إلى أن هؤلاء المهاجرين الأفارقة، الذين رحلتهم السلطات التونسية باتجاه الحدود مع ليبيا، يعيشون ظروفاً إنسانيةً مزرية، في ظل درجات حرارة مرتفعة وبينهم الكثير من النساء والأطفال.
وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، السلطات التونسية الجمعة 7 تموز/يوليو بوضع حد، لما وصفتها بعمليات الطرد الجماعي، لطالبي اللجوء الأفارقة إلى منطقة صحراوية نائية قرب الحدود مع ليبيا.
وكان النائب بالبرلمان التونسي عن صفاقس معز برك الله، قد أكّد في تصريحات لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أنه تم ومنذ أول أيام عيد الأضحى، تم ترحيل حوالي 1200 مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بالتنسيق بين إقليم صفاقس والأقاليم الحدودية براً، في ليبيا والجزائر التي تتكفل بعملية الترحيل، مشيرا إلى أنه يتم تنظيم 4 قوافل يومياً، تضم كل واحدة منها 200 مهاجرٍ غير شرعي إلى خارج البلاد.
ومع تزايد الاهتمام الإعلامي الدولي، بقضية هؤلاء المهاجرين، بدأت السلطات التونسية الاثنين 10 تموز/يوليو، نقل هؤلاء المهاجرين العالقين عبر حافلات، إلى مراكز إيواء خاصة، في ولايتي تطاوين ومدنين، وفق ما أشارت إليه التقارير،التي قالت أيضا إن العملية يشرف عليها الجيش التونسي، وتجري بعيدا عن الأضواء.
صداع في رأس تونس
وبات ملف هؤلاء المهاجرين الأفارقة، يمثل صداعا دائما لتونس، في وقت تعيش فيه البلاد أزمات متعددة، على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وعلى مدار الأعوام الماضية، تزداد معاناة التونسيين من ارتفاع الأسعار،والتضخم وتدهور مستوى المعيشة، ضمن أزمة اقتصادية تمضي متزامنة مع أزمة سياسية حادة، ووسط مخاوف من إفلاس الدولة التونسية، في وقت يشترط فيه البنك الدولي، قيام السلطة بإصّلاحات قد تؤدي إلى “انفجار اجتماعي”.
وتتصاعد أزمة المهاجرين غير النظاميين في تونس، في هذا الوقت، لتزيد الطين بلة، وتصعب من حياة التونسيين، في ظل انتقادات متواصلة من قبل دول الاتحاد الأوروبي ،وسجالات بينها وبين الرئس التونسي قيس سعيد بشأن القضية، بجانب الانتقادات المتتالية من قبل الجماعات الحقوقية، داخل تونس وخارجها لطريقة تعاطي السلطات مع المشكلة.
ويشير تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن عدد المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، الوافدين إلى تونس، يصل إلى 21 ألف مهاجر، ويقسم التقرير هؤلاء المهاجرين إلى ثلاث طوائف.
أما أولى تلك الطوائف من المهاجرين، فهم ممن يملكون إقامة قانونية في تونس، ويصل عددهم إلى سبعة آلاف، في حين يصل عدد أفراد الطائفة الثانية إلى ستة آلاف، وهم طالبو اللجوء السياسي، والذين يحظون بمتابعة من المفوضية العليا للاجئين، أما الطائفة الثالثة والأخيرة، فيصل أفرادها إلى سبعة آلاف، وهم المهاجرون غير النظاميين، الذين تتمحور حولهم كل هذه الضجّة المحلّية والدولية.
وتحظى ولاية صفاقس التونسية، بالعدد الأكبر من هؤلاء المهاجرين غير النظاميين، الذين يتدفقون عبر الحدود الجزائرية إلى تونس، سيرا على الأقدام، أو بمساعدة شبكات تهريب المهاجرين، وتمثل صفاقس أكثر المناطق التونسية جذبا لهؤلاء، لأنها تقع على شاطئ البحر، في وقّت يضع كل هؤلاء المهاجرين، نصب أعينهم الهجرة إلى الدول الأوروبية، وهم يتخذون تونس كنقطة عبور فقط.
مصالح الدول الأوروبية
ورغم الانتقادات المتتالية من قبل دول الاتحاد الأوروبي، لطريقة تعامل السلطات التونسية مع المهاجرين غير الشرعيين، فإن هذه الدول تبدي اهتماما كبيرا، بالحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، إلى شواطئها بحرا انطلاقا من تونس، وتسعى دول الاتحاد الأوروبي، إلى إغلاق مسار مهم للمهاجرين إلى القارة الأوروبية، بعرض مالي سخي إلى تونس.
فخلال زيارة لتونس، قام بها كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ورئيسة وزراء إيطاليا، جيورجيا ميلوني، ورئيس وزراء وهولندا، مارك روته، وبعد لقاء جمعهم بالرئيس التونسي قيس سعيد، في 11 حزيران/ يونيو الماضي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي مستعدٌ لتقديم ما يصل إلى 900 مليون يورو، لدعم الاقتصاد التونسي، بالإضافة إلى 150 مليون يورو إضافية، ستقدم بشكل فوري لدعم الميزانية بمجرد “التوصل إلى الاتفاق المطلوب”.
ويبدو تركيز الدول الأوروبية، في سعيها لتوقيع ذلك الاتفاق مع السلطات التونسية، منصبا على همها الأساسي، وهو وقف تدفق الهجرة عبر الشواطي الجنوبية للمتوسط، سواء من تونس، أوغيرها من الدول باتجاه أوروبا، ومن ثم فهي تبدو مستعدة للإنفاق بسخاء، على تقديم منح لتونس في هذا الاتجاه، بينما لاتبدو معاناة تونس بفعل هؤلاء المهاجرين، القادمين إليها من دول جنوب الصحراء الإفريقية واردة في اهتمامات تلك الدول الأوروبية.
وكان الرئيس التونسي، قد استبق زيارة المسؤولين الأوروبيين لتونس، في حزيران/يونيو الماضي، بتصريحات قال فيها إن تونس، لن تقبل أن تصبح حارس حدود لدول أخرى، وقال سعيد حينئذ، وخلال زيارة لمدينة صفاقس”الحل لن يكون على حساب تونس… لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه بعضهم ويخفيه البعض الآخر، لا يمكن أن نكون حرسا لدولهم”.
ويثير الرقض المتواصل من قبل الرئيس التونسي، لما يصفه بعملية توطين المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء في تونس، تساؤلات بشأن تداعيات ذلك، على الاتفاق المزمع مع الاتحاد الأوروبي، والذي مايزال قيد البحث بشأن مسألة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
وفي الوقت الذي تبدي فيه الدول الأوروبية، تحمّسا واضحا لإتمام هذا الاتفاق مع تونس، كي تقوم الأخيرة بدور أكبر، لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا، فإن تونس حتى الآن تبدو غير متحمسة للمضي قدما في الاتفاق، الذي يعتبره الرئيس قيس سعيد بمثابة تكليف لتونس، بحراسة حدود أوروبا وفق تصريحاته المتكررة بهذا الصدد.
هل تركت تونس لتواجه وحدها أزمة المهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا؟
إذا كنتم في تونس حدثونا عن رأيكم في تطورات القضية الأخيرة في صفاقس؟
كيف ترون تعامل السلطات التونسية مع أزمة المهاجرين في صفاقس وترحيلهم إلى الحدود مع ليبيا؟
لماذا تبدو أوروبا في موقف المنتقد دائما لتعامل السلطات التونسية مع القضية؟
ومارأيكم في موقف الرئيس التونسي قيس سعيد من الاتفاق المطروح من قبل أوربا بشأن تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط؟
برأيكم ماهو الحل الأمثل لقضية هؤلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين في تونس؟
ولماذا لا تتقدم المؤسسات الدولية بخطط دعم لتونس لمواجهة المشكلة خاصة في ظل معاناة تونس من أزمات متعددة؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 12 تموز/ يوليو
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب