قمة الناتو: عضوية أوكرانيا على الطاولة مجدداً في فيلنيوس
في غابة كثيفة وسط أوكرانيا، تتدرب قوات من لواء المدفعية الأوكرانية، قبل التوجه إلى الخطوط الأمامية.
بعضهم يعود إلى القتال والبعض الآخر يشارك للمرة الأولى – بعد أن حلّوا مكان الجنود الذين قتلوا أو جرحوا.
خلال إطلاق النار على أهداف ببنادق “آي كاي – 47″، يحرصون على الحفاظ على الذخيرة. ولا يقتصر نقص الإمدادات على معسكرات التدريب فقط.
يقول لي رومان الذي يقود التدريبات: “لدينا ما يكفي من الروح القتالية للفوز، بالتأكيد. لسوء الحظ، ليس لدينا حاليا ما يكفي من الأسلحة. الأمر الأساسي هو الحصول على ما يكفي من الذخيرة”.
أوضح رومان بأن عليهم أن يقتصدوا خارج خطوط القتال. “هذا ليس سراً. كمية الذخيرة التي يستخدمها العدو يوميا تفوق بخمس مرات على الأقل كمية الذخيرة التي نستخدمها”.
إمدادات الحلفاء كانت أمرا أساسيا في هذه الحرب. بالنسبة لرومان والجنود الآخرين، انعقاد قمة حلف الناتو في فيلنيوس، يشكّل لحظة حاسمة لضمان حصولهم على ما يريدون لمتابعة القتال.
التوقعات السائدة بشأن القمة تشير إلى التعهد بتقديم أسلحة جديدة، بالإضافة إلى مزيد إمدادات الذخيرة. كان قرار الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بتوفير الذخائر العنقودية من المخزونات الحالية، بمثابة سدّ للفجوة قبل أن تصبح إمدادات المدفعية جاهزة.
لكن أوكرانيا تنتظر من القمة ما هو أكثر بكثير من مجرد أسلحة وذخائر – الأمر يتعلق بأي نوع من الالتزام ستحصل عليه البلاد عند انضمامها إلى الحلف.
دقت أوكرانياى أبواب الناتو لسنوات. ما تريده هو أكثر من مجرد ضجيج إيجابي وشعور بأنها تركت في غرفة انتظار دائم.
يقول أوليغ نيكولينكو، المتحدث باسم وزير الخارجية الأوكراني: “نعتقد أنه قد طال انتظار دعوة أوكرانيا إلى الناتو”.
ويضيف: “إن دعوة الانضمام إلى الناتو لا تعني عضوية فورية في الناتو. نحن ندرك حقيقة أنه طالما استمرت الحرب، لن تتمكن أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو. لكننا نتحدث عن الدعوة وتحديد إطار زمني واضح لحدوث ذلك”.
تلقي قمة الناتو عام 2008 في بوخارست بظلالها الطويلة. أخبرت كل من أوكرانيا وجورجيا، أن العضوية ستكون على الورق في المستقبل – لكن دون مسار واضح، ولا توقعات بأن يحدث ذلك في أي وقت قريب.
أغضب الأمر روسيا، لكن دون تقديم أي حماية في المقابل. هاجمت روسيا جورجيا عام 2008. وهاجمت أوكرانيا في المرة الأولى عام 2014 وبعدها عام 2022. العديد من الضباط الأمريكيين المنخرطين في اتخاذ القرار في بوخارست، يقرّون الآن بأن ذلك كان خطأً.
هذه المرة، تريد أوكرانيا وضوحاً أكبر وضمانات ملموسة. قد يكون لطبيعة الالتزام وجدوله الزمني عواقب حقيقية بالنسبة للحرب. فعلى سبيل المثال، قد يشجع قبول العضوية عند انتهاء الحرب، روسيا على إبقاء مستوى منخفض من الصراع لتعطيل الانضمام إلى الناتو، وفقا لبعض المحللين.
لكن هناك أعضاء في الناتو يتوخون الحذر بشأن تقديم الكثير لأوكرانيا في الوقت الحالي. إنهم يخشون أن يؤدي هذا إلى اقتراب الناتو من الحرب مع روسيا.
وقد قوبلت الآراء ببعض الإنزعاج في أوكرانيا.
قال لي مستشار المكتب الرئاسي في أوكرانيا، ميخايلو بودولايك، عند زيارة مكتبه شديد الحراسة في وسط العاصمة كييف. “لنكن صادقين، أولى الناتو لوقت طويل، الكثير من الاهتمام بشأن ما إن كانت ستسمح لهم بفعل أي شيئ”.
“على الناتو أن يقول بشكل لا لبس فيه، إنه لا توجد شروط مسبقة أخرى تتعلق بالتهديدات الروسية”
ينظر الأوكرانيون إلى العضوية على أنها وسيلة لإنهاء الحرب من خلال ردع روسيا بدلاً من تصعيدها. وهم يقرّون، كما أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأيام الأخيرة، بحاجة أوكرانيا إلى إجراء إصلاحات يتعيّن على أي عضو محتمل القيام بها.
لكنهم يحاججون بأن حلف الناتو قد تأسس لمواجهة موسكو في الحرب الباردة، ومع ذلك فإن أوكرانيا الآن هي التي تقاتل بفعالية نيابة عن الناتو، وتدافع عن جناحه الشرقي ضد روسيا، في وقت تخسر فيه أرواح جنودها ومدنييها كل يوم.
بالنسبة للعديد في كييف، إن تركيز البعض داخل الحلف علىى مخاطر دعوة أوكرانيا للانضمام، هو خطأ. ويسألون: ما هي مخاطر عدم التحرك؟
المسؤولون الأوكرانيون حذرون من التفاؤل علناً، ولا يدخلون في أي نقاش حول العواقب عند تلقيهم وعود غامضة و”ضمانات أمنية” خاسرة. لا يريدون أن يظهروا ناكرين للجميل تجاه الأسلحة والذخائر التي ما زالوا بحاجة إليها حالياً.
أخبرني أحد المسؤولين أن المسؤولين قلقين من أن الفشل على المدى الطويل في ضمّ أوكرانيا إلى تحالف أوثق مع الغرب، ستستخدمه موسكو لدعم روايتها داخل البلاد، بأن أوكرانيا خُذلت ولا يمكن الوثوق بالغرب. قد يشعر الناس بالخيانة.
من دون عضوية رسمية، هناك خشية من أن يتعب الغرب من إمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخائر التي تحتاجها مع استمرار الحرب. هذا أمر يعتمد عليه فلاديمير بوتين وروسيا.
فهل يقلقون بشأن هذا في كييف؟
أوجه سؤالي هذا لمستشار الرئاسة ميخايلو بودولايك فيجيب: “لدي سؤال معاكس: ما معنى التعب من دعم أوكرانيا؟ معناه أن الديمقرطية لا تعرف أن تدافع عن نفسها. وأنّ أي دولة استبدادية، إن كان لديها القدرة على القتال، ستفوز دائماً”.