أخبار العالم

“لعبة التوازن الصعبة” .. صحيفة إسبانية تشيد بمهارات الدبلوماسية المغربية



نجحت المملكة المغربية منذ استئنافها علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل أواخر العام 2020 في موازنة علاقتها مع هذه الدولة مع مواقفها الثابتة والمبدئية في عدد من القضايا المرتبطة بها، على رأسها القضية الفلسطينية، على غرار نجاح الدبلوماسية المغربية في الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا من جهة أخرى، من خلال مواقفها الحيادية من الحرب في أوكرانيا.

في الصدد ذاته أشارت صحيفة “نويس” الإسبانية، في مقال لها بعنوان “لعبة التوازن المغربية الصعبة في العلاقة مع إسرائيل”، إلى “إعلان تل أبيب استعدادها الاعتراف بسيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية على لسان عدد من المسؤولين الإسرائيليين، مقابل التزام المغرب الصمت حيال هذه التصريحات”، مضيفة أنه “لم يشكر حتى مسؤولي تل أبيب، خاصة في خضم العمليات الإسرائيلية الأخيرة في الضفة الغربية التي لا تنظر إليها المملكة بعين الرضا، وسبق أن نددت بها في عديد المناسبات”.

ولفتت الصحيفة ذاتها إلى التصريح الأخير لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي ربط فيه الاعتراف بمغربية الصحراء بعقد قمة النقب الثانية في المغرب، معتبرة أن “إسرائيل تكون بذلك قد رمت الكرة إلى ملعب الرباط، التي قد يبدو أنها صفقة غير مكلفة بالنسبة لها، إذ سيكون لها شرف جمع عدد من القوى الدولية والإقليمية على أراضيها وتعزيز صورتها القيادية”، واستدركت: “لكن رغم ذلك فإن المغرب مازال غير مقتنع بمدى استصواب اللحظة أو الصيغة التي ينبغي أن تعتمدها القمة المذكورة”.

وأوضح كاتب المقال أن “المملكة المغربية مستعدة للانتظار حتى تحين اللحظة المناسبة لعقد قمة النقب، لأنها تعرف أن الاستمرار في تعزيز العلاقات مع تل أبيب في وقت تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية، مع مواصلة الحكومة الحالية سياستها الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، يمكن أن يكون بتكلفة باهظة على صورتها أمام رأي عام حساس بشكل خاص تجاه معاناة الفلسطينيين”.

“المغرب حصل بالفعل على دعم إسرائيلي لأطروحته في الصحراء من وزراء في الحكومة الإسرائيلية السابقة والحالية أيضا”، يوضح المصدر عينه، مردفا: “غير أن حكومة نتنياهو الحالية التي تشكلت في دجنبر الماضي، وهي الأكثر محافظة في تاريخ البلاد، ليست محبوبة في المغرب أيضا، كما أنه لا يبدو أن هناك الكثير من المشاعر تجاه الرباط من طرف بعض الوزراء المنتمين إلى التشكيلات القومية المتدينة والمتطرفة في الائتلاف الحاكم”.

الرباط تدرك تمام الإدراك أن “عليها ضبط كل خطوة في علاقاتها مع تل أبيب”، وإذا كان هناك شيء تجلى بوضوح في الأشهر الأخيرة فهو “مهارات الدبلوماسية المغربية في الموازنة والحفاظ على توجهها الموالي للغرب، مع السعي إلى الحفاظ على علاقتها مع روسيا رغم الحرب في أوكرانيا”. وينطبق الشيء نفسه على المسرح الإقليمي، حيث إن “المغرب رغم اعتزازه بتحالفه مع إسرائيل لكنه ميز نفسه لسنوات بدور الوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما يرأس ملك البلاد لجنة القدس المسؤولة عن مراقبة الأماكن الإسلامية المقدسة في مدينة القدس منذ العام 1999″، وفق المصدر ذاته.

كما تتجلى مهارات الدبلوماسية المغربية في “قدرتها على الضغط على الحكومة الإسبانية لتغيير موقف مدريد التقليدي تجاه الوحدة الترابية للمملكة”، يوضح المقال عينه، مبرزا أنه “رغم أهمية اعتراف إسرائيل رسميا بمغربية الصحراء بالنسبة للرباط فإن هذا لا يكفي بالنسبة للمملكة التي تسعى إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من علاقاتها مع الدولة العبرية”.

وحول إن كان هناك فتور في العلاقات المغربية الإسرائيلية في ظل الوضعية الحالية، خلصت “نويس” إلى أنه “من السابق لأوانه الحديث عن خلاف عميق في التحالف الجديد، لأنه حتى في أحلك أوقات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تنكسر الجسور بين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والجالية اليهودية من أصل مغربي وبين المغرب، رغم أن العلاقات بين البلدين لا تخلو من تناقضات وتوترات”، مبرزة أنه “رغم أهمية دعم تل أبيب السيادة على الصحراء بالنسبة للمغاربة لكنهم في الوقت الحالي لا يمكن أن يرموا بأنفسهم في أحضان إسرائيل في سبيل ذلك، كما أن العلاقات بين الدوليتين لا تقوم فقط على أسس سياسية، بل على أسس وروابط إنسانية وثقافية عميقة، لكنها تمر الآن بلحظات معقدة نتيجة عوامل إقليمية ومحلية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى