أخبار العالم

خبراء تربويون يضعون قدرة الحكومة على إصلاح التعليم تحت مجهر المساءلة



أثار إصدار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي آراءه بشأن أربعة نصوص تشريعية أحالتها عليه الحكومة نقاشا حول مقدرة السلطة التنفيذية على تطبيق مقتضيات الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 في الأجل المحدد لها.

هذا الهاجس حضر بقوة خلال ندوة نظمتها مؤسسة “أماكن لجودة التربية والتعليم”، مساء الجمعة، حيث نبه خالد الصمدي، كاتب الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي سابقا، إلى “غياب مخطط تشريعي وخارطة طريق مندمجة لتنزيل الإصلاح بسبب تعطيل اللجنة الوطنية لمتابعة الإصلاح التي يرأسها رئيس الحكومة”.

واعتبر المسؤول الحكومي السابق أن الوضعية الراهنة تنبىء “بأننا سندخل مرحلة الإصلاح وإصلاح الإصلاح، من خلال إحالة نصوص قانونية على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ورد المجلس عليها بملاحظات في الجوهر، وإعادة بنائها من طرف الحكومة، ثم ردها إلى المجلس.. وهكذا مع الاستمرار في تنزيل إصلاحات غير مؤطرة بالقانون”.

بدوره توقف عبد العزيز سنهجي، الخبير والباحث التربوي، عند المخاوف السائدة من استغراق الزمن المخصص لتنفيذ الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 في “إصلاح الإصلاح”، وعدم تحقيق تقدم في إخراج المنظومة التربوية من أزمتها، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي كان قد قدم آراء حول مشاريع النصوص التي أعطى آراءه بخصوصها بداية هذا الأسبوع.

وزاد متسائلا “هل ستأخذ الحكومة بآراء المجلس، ثم تعيدها إليه مرة أخرى؟ أليس هذا معطلا لورش الإصلاح؟”، لافتا إلى أن المنعطف الذي يمر به إصلاح المنظومة التربوية راهنا “فرصة تاريخية لا يجب تضييعها، ويجب استغلالها لبناء نظام تعليمي يليق بالمجتمع المغربي، وبالدولة والمدرسة المغربيتين”.

وانتقد سنهجي، المتخصص في التوجيه المدرسي، تعاطي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مع هذا العنصر الأساسي ضمن مكونات منظومة التربية، مضيفا أن المجلس “لم يتحلّ بالجرأة الكافية لمعالجة مسألة التوجيه المدرسي”.

وتابع قائلا: “كان على المجلس أن ينجز دراسة معمقة حول التوجيه المدرسي، الحاضر بقوة في الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، وإعطاء نموذج إرشادي وخلفية نظرية ومرجعية حول ما ينبغي عمله”؛ موضحا أن ملف التوجيه المدرسي يقتضي توفر الالتقائية بين جميع القطاعات الحكومية، وعدم إحالته على وزارة التربية الوطنية وحدها.

وتعقيبا على ذلك، قال حميد بوشيخي، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إن المجلس “محكوم بجدول زمني معين، ويجب الاشتغال في هذا الإطار”، مشيرا إلى أن المجلس كان قد نظم ندوة حول موضوع التوجيه المدرسي، وأن هذه الإشكالية “تبقى مطروحة وموضوعَ نقاش، وينبغي مواصلة النقاش حولها”.

وبخصوص المخاوف التي يبديها عدد من الفاعلين بشأن تأخر إصلاح المنظومة التربوية، قال بوشيخي إن “الجميع يعرف المخاض الذي أفرز القانون الإطار. هذا التأخر هو موضوعي، ولكن ربما لديه أسباب متعددة، فهناك الزمن الطويل للرؤية الاستراتيجية من جهة، ومقابله هناك زمن الديموقراطية التمثيلية، وقد يكون هناك تفاوت بين الزمنين”.

وأضاف أن “المدرسة الجديدة”، التي يطمح المجلس الأعلى إلى بلوغها من خلال الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 “هي المدرسة المبنية على برنامج بيداغوجي جديد، وعلى تفعيل استقلالية المؤسسة المدرسية فيما يخص التدبير والحكامة، وتفويض مسؤوليات في تدبير هذا المرفق إلى الجماعات الترابية”.

فيما توقف الباحث التربوي عبد الحق بالأخضر عند مسألة الهندسة اللغوية، التي تعد من الإشكاليات الكبرى في المنظومة التربوية المغربية، منتقدا وضع القطاع الحكومي المعني لمشروع الهندسة اللغوية قبل الإجابة عن ملاحظات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.

وقال بالأخضر: “هذا يجعلنا كمن يضع العربة أمام الحصان، وما يحصل في ميدان اللغات منذ ثلاثين عاما هو أننا في كل خمس سنوات نفقد درجة، ونحن ذاهبون إلى الحضيض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى