سبع سنوات على قيادة غالي لجبهة “البوليساريو”.. عزلة دولية واحتقانات داخلية
سبع سنوات كاملة مرت على انتخاب إبراهيم غالي زعيما لتنظيم “البوليساريو” المسلح، خلفا للمتوفى محمد عبد العزيز المراكشي؛ وهي الفترة التي عرفت “تراجعا ملموسا في نسب الاعتراف بالجبهة، وإخفاقات دبلوماسية متواصلة إلى حدود الساعة”.
وعد غالي ساكنة مخيمات تندوف بالجزائر، خلال حفل تنصيبه، بـ”إنهاء نزاع الصحراء لصالح أطروحته”؛ غير أنه، طوال السبع السنوات التي تزعم فيها الجبهة المسلحة، “اتجه المنتظم الدولي إلى الموقف المغربي، سواء عبر موجة فتح القنصليات بمدينتي الداخلة والعيون أو اعتراف كبريات الدول العالمية بالسيادة المغربية على الصحراء على غرار الموقف الأمريكي سنة 2020”.
ومع فوزه بولاية جديد، تبدو طموحات غالي لقيادة الجبهة الانفصالية “مكسورة” بعد الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية المغربية؛ الأمر الذي دفعه إلى مواصلة “إعلان وقف إطلاق النار الموقع سنة 1990، بعد فشل رهانه على معبر الكركرات الذي عرف عملية تحرير دقيقة دخلت بعدها الجبهة في دوامة من التخبط انعكست على صورتها في الأمم المتحدة”.
“نجح في إقبار الجبهة”
طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، قال إن “غالي نجح في شيء واحد فقط، هو قتل الجبهة التي كان لها هامش من الحياة في عهد عبد العزيز”.
حسب أتلاتي الذي تحدث إلى هسبريس، فإن “الجبهة الانفصالية حاليا ميتة في أيدي حكام نظام الجزائر، تقوم بتحريكها كما تريد، وكان تنصيب غالي زعيمها للجبهة بمثابة رصاصة الرحمة لحلم الانفصاليين”.
أورد رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية أن “غالي عمد إلى بيع مصير ساكنة تندوف، عبر ممارسة شتى أنواع القهر، إلى طموحات حكام قصر المرادية بالجزائر”.
“فشل غالي لم يصل تأثيره إلى ساكنة تندوف، بل وصل أيضا إلى قادة الجبهة من حوله”، تابع المتحدث عينه، مبرزا أن “العاهل المغربي محمد السادس، منذ توليه العرش، أراد إنهاء هذا النزاع المفتعل، عبر سلسلة من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، ثم عبر تقديم مخطط الحكم الذاتي، وذلك في رغبة قوية لطي الملف بشكل سلمي”.
وشدد المتحدث عينه على أن “الخطوات الملكية أعطت أكلها بشكل كبير للغاية، ليظهر بذلك الضعف الكبير الذي تعرفه أطروحة جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر”.
وأردف أتلاتي أن “المغرب خطا في الوقت الحالي خطوات كبيرة في ملف الصحراء، آخرها اعتراف الدول الأوروبية بالموقف المغربي، على غرار هولندا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا… في تجسيد واضح للتفوق الدبلوماسي المغربي”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الكل مقتنع اليوم بمدى فشل قيادة البوليساريو، وليس فقط غالي الذي يعد نموذجا مبسطا لهذا الفشل، في سياق عالمي جديد يعرف تطورا في مفاهيم العلاقات بين الدول”، مشيرا إلى أن “الاحتجاجات الأخيرة بمخيم الرابوني دليل على رغبة المحتجزين هناك في الانعتاق من القهر الذي يعيشونه”.
حصيلة فاشلة
من جانبه، فسر عبد الواحد أولاد مولود، باحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية، أن “حصيلة غالي في هاته السنوات الكاملة تظهر للعيان وجود تراجع كبير مقابل توهج قوي للدبلوماسية المغربية”.
وأضاف مولود، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هاته الفترة عرفت الكثير من المتغيرات على سبيل دبلوماسية فتح القنصليات، واعتراف العديد من الدول بمغربية الصحراء، وكذا تحرير معبر الكركرات، فضلا عن وعي داخلي لدى الساكنة وقيادة الجبهة بأهمية الحوار مع المملكة، وتطبيق تقرير المصير من خلال الحكم الذاتي”.
“في مقابل ذلك، لا يزال غالي حريصا على نهج سياسة الهروب إلى الأمام”، تابع المتحدث عينه، ثم استدرك قائلا إن “هروب غالي إلى إسبانيا أوضح للجميع أنه مسير من طرف حكام نظام العسكر الجزائري”.
وزاد أن “غالي فشل في قيادة الجبهة على المستوى الداخلي، وكذا خارجيا من خلال عجزه على خلق توازنات مع الطرف المغربي الذي بدو مرتاحا بشدة في الوقت الحالي؛ الأمر الذي أضاع على غالي فرصة التفكير في مقترح الحكم الذاتي”.
“حلم جبهة البوليساريو في الانفصال تبخر حتى قبل تنصيب غالي؛ لأنه منذ تأسيسها كانت بهدف مناورة جزائرية ليبية ضد المصالح المغربية، إذ إن ما تم تأسيسه على باطل يبقى على باطل”، حسب تعبير مولود.
وخلص الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية إلى أن “الجبهة تعيش على ويلات التراجع في جميع المستويات، وغالي ضحية من ضحايا التوظيف الجزائري للنزاع المفتعل”، مبينا أنه “في الوقت الحالي قادة الجبهة فهموا أن سياسة غالي الموجهة من طرف قصر المرادية فاشلة تماما، ومن يريد الخروج بشجاعة لتحدي ذلك يتم إقباره تماما”.