لماذا جاء الاجتياح الإسرائيلي لجنين كبيرا وفي هذا التوقيت؟
بعد اجتياح لمدينة ومخيم جنين بالضفة الغربية، دام يومين، وأسفر عن مقتل إثني عشر فلسطينيا وجندي إسرائيلي، أعلنت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي الأربعاء 5 تموز/يوليو أن العملية “انتهت رسميا”. مؤكدة أن جميع الجنود الإسرائيليين المشاركين فيها قد انسحبوا من جنين.،
وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية، قد وصفت بأنها أكبر اجتياح إسرائيلي لجنين، منذ الاجتياح الإسرائيلي الكبير لها عام 2002، والذي أطلقت عليه تل أبيب وقتها، اسم “السور الواقي” إبان انتفاضة الأقصى.
وفي الوقت الذي أكد فيه العديد من المسؤولين الإسرائيليين، أن العملية الأخيرة التي شهدتها جنين، لم تكن تستهدف المدنيين الفلسطينيين، وأنها جاءت لملاحقة من وصفوهم بالإرهابيين، الذين يتخذون من جنين مقرا لنشاطهم، فإن عدة مصادر فلسطينية قالت إن القوات الإسرائيلية استهدفت المدنيين ودمرت جانبا كبيرا من البنية التحتية في المدينة والمخيم.
وكان متحدث متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد صرح للبي بي سي قائلا : “لدينا أهداف محددة داخل مخيم جنين، خاصة إلغاء الاعتقاد السائد بأنه مكان آمن للإرهابيين، ويمكن للأمر أن يستغرق ساعات أو يوما أو يومين”.
وكان من أبرز التساؤلات التي برزت خلال العملية الإسرائيلية الأخيرة، ذلك التساؤل عن السبب الذي دفع إسرائيل، إلى القيام بتلك العملية الواسعة النطاق، والتي وُصِفت بأنها الاجتياح الأكبر لجنين منذ عام 2002، واستُخدِمت فيها الضربات الجوية عبر المسيّرات، والجرافات العسكرية التي شردت المئات من سكان مخيم جنين.
الرواية الإسرائيلية
في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة الفلسطينية، الثلاثاء 4 تموز/يوليو، ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي، على جنين ومخيمها إلى 10 قتلى و100 جريح، بينهم 20 في حالة الخطر، تقول ماشا ميكلسون، المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، في تصريحات للبي بي سي، إن الجنود لم يستهدفوا سوى “المقاتلين”.
ويشير الجيش الإسرائيلي أيضا إلى أنه كان يعمل بناء على معلومات استخبارية دقيقة ولم يسع لإلحاق الأذى بالمدنيين، لكن العديد منهم وقعوا في مرمى النيران، في وقت صرح فيه وزير الخارجية الإسرائيلي بأن بلاده لا تستهدف الشعب الفلسطيني، ولكن يتم استهداف “الجماعات المسلحة التي ترعاها إيران وتعمل في جنين”.
ويبقى التساؤل حول الأسباب التي دفعت إسرائيل، إلى شن هذه العملية الموسعة، واستخدام كل تلك الأسلحة فيها، أما مايجمع عليه كل القادة الإسرائيليون فهو أن الهدف من العملية، هو الحيلولة دون أن تتحول جنين إلى مكان آمن لتجمع الإرهابيين على حد قولهم، وفي معظم روايات المسؤولين الإسرائيليين، يتردد أن هناك قرارا اُتُخذ بقلب الأوضاع رأسا على عقب في الضفة الغربية، وجنين على وجه الخصوص، في ظل مايقولون إنه تصاعد للهجمات الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قد علّق على عملية جنين قائلا، إن المعادلة تغيرت، ومن لم يفهم ذلك سابقا، سيفهمه في الأيام القادمة، مضيفا “سنضرب الإرهاب في كل مكان”، أما قائد الجيش الإسرائيلي آفي بلوت فقال في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام إسرائيلية إن ” مدينة جنين، وتحديدا مخيم اللاجئين، أصبح معقلا للإرهاب الذي يصدّره إلى الضفة الغربية بأسرها والجبهة الداخلية”، في إشارة إلى الداخل الإسرائيلي.
غير أن مراقبين لايستبعدون، أن يكون قرار نتانياهو، بالاقدام على اجتياح جنين، جاء كنوع من الهروب من الضغوط الداخلية، ومحاولة لإرضاء حلفائه من اليمين المتطرف، داخل الحكومة الإسرائيلية، فعلى مدار الأشهر الأخيرة ومع تصاعد الهجمات الفلسطينية، تعالت أصوات داخل الحكومة الإسرائيلية خاصة، من قبل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الفلسطيينين .
الرواية الفلسطينية
ينفي الفلسطينيون الرواية الإسرائيلية، والتي تعتبر أن الاجتياح الأخير لجنين، يستهدف الإرهابيين، وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، قد صرح بأن “ما تقوم به حكومة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها، جريمة حرب جديدة”. بينما طالبت الخارجية الفلسطينية بـ “تحرك دولي وأميركي عاجل لوقف العدوان فوراً”.
وقالت بلدية جنين في بيان لها، إن الجيش الإسرائيلي، وخلال اليوم الأول من عملية الاجتياح، قام بتدمير الخطوط الرئيسية للمياه والكهرباء، في مخيم جنين، وهو ما أدى إلى انقطاع خدمات المياه والكهرباء، عن أجزاء واسعة من المخيم.
من جانبها قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين، إن القوات الإسرائيلية، منعت طواقم الإسعاف من إخلاء الجرحى ، وعرقلت مركبات الإسعاف، وقالت جوفانا أرسينيجيفيتش، من منظمة “أطباء بلا حدود” الخيرية الطبية، لبي بي سي إنها كانت في مستشفى شهد إصابة أكثر من 90 مريضا بنيران أو شظايا عبوات ناسفة.
على المستوى العربي، تكرر نفس السيناريو المعهود، في كل مرة إذ أدانت دول عربية عدة، عملية الاجتياح الإسرائيلي لجنين، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل لوقفها، وعقدت الجامعة العربية، اجتماعا طارئا الثلاثاء 4 تموز/يوليو، وفقا لطلب من السلطة الفلسطينية، وبالتعاون مع مصر والأردن، وكان بيان للخارجية المصرية، قد أدان العملية الإسرائيلية مؤكدا على رفض مصر الكامل للاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية المتكررة ضد المدن الفلسطينية.
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره التركي هاكان فيدان، خلال زيارة له لأنقرة إن بلاده وتركيا تتفقان على إدانة “العدوان” الإسرائيلي على جنين ، وتدعوان إلى وقفه فوراً، واعتبر الوزير الأردني أن “العدوان على جنين تصعيد خطير من الاحتلال الإسرائيلي”.
وفي نفس السياق نددت الحكومة العراقية، الثلاثاء 4 تموز/يوليو ايضا، بالعملية الإسرائيلية وقال بيان رسمي للمتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، إنّ العراق “حكومة وشعباً يعرب عن الاستنكار الشديد لاستمرار جرائم الاحتلال الصهيوني”، مضيفاً أنّ “استمرار الكيان الصهيوني الغاصب بهذا السلوك العدواني، بلا رادع أو ضمير، وبتغافل القوى العظمى وحيودها عن التزاماتها، هو فعل يقود إلى زعزعة الاستقرار والأمن في عموم المنطقة”.
على المستوى الدولي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن العملية، ينبغي لها أن تحترم القانون الإنساني الدولي، بينما بدا رد الفعل الأمريكي مماثلا لردود فعله السابقة، في مناسبات مشابهة، إذ قال البيت الأبيض إنه يراقب “عن كثب” الوضع في إسرائيل، وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي لشبكة CNN “لقد اطّلعنا على التقارير ونراقب الوضع عن كثب”.
لكن المتحدث أضاف:”على نطاق واسع نحن ندعم أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن شعبها ضد حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والجماعات الإرهابية الأخرى”.
لماذا جاء هذا الاجتياح الإسرائيلي الواسع لجنين في هذا التوقيت؟
كيف ترون الرواية الإسرائيلية بأن العملية لا تستهدف المدنيين ولكنها تستهدف إرهابيين؟
ومارأيكم فيما قاله وزير الخارجية الإسرائيلي من أن بلاده لاتستهدف الشعب الفلسطيني، ولكنها تستهدف “الجماعات المسلحة التي ترعاها إيران وتعمل في جنين”.؟
كيف ترودن ردود الفعل العربية على ما يحدث وهل اختلفت عن ردود فعل سابقة في مناسبات مشابهة؟
وكيف تقيّمون رد فعل الأمم المتحدة؟
لماذا تبدو واشنطن متمسكة دوما بمقولتها بأن “من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها”؟ وهل تبدو إسرائيل في موقف الدفاع عن النفس في كل مرة؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 05 تموز/ يوليو
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب