ندوة دولية تناقش النموذج المغربي في مواجهة “فوضى فتوى الفضائيات والانترنت”
قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن الندوة العلمية الدولية حول موضوع “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”، التي تنعقد على مدى ثلاثة أيام بمدينة مراكش بدعوة من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، “شرّفها الملك محمد السادس بتوجيه رسالة تضمنت شرحا لأهمية الفتوى في بلدنا والتقاليد المعتمدة في المملكة المغربية؛ وبذلك فهي خريطة طريق لجميع الهيئات المهتمة بالإفتاء بالبلدان الإفريقية”.
وفي كلمته بالجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، أوضح محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، أن المملكة المغربية استطاعت أن تضع حدا لفوضى فتوى الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي، بهيكلة الحقل الديني وجعل الفتوى من اختصاص المجلس العلمي الأعلى الذي اعتمد الفتوى الجماعية.
وأردف المتحدث نفسه أن المجلس العلمي الأعلى “للفتوى مكانة مهمة في المجتمع، لكونها “تشمل توجيهات وإرشادات وإصلاحات”؛ لذا أوكل هذه المهمة إلى لجنة علمية خاصة تعمل على إصدار الفتاوى بشكل جماعي في القضايا التي تعرض عليها؛ وهي تختلف عن “الآراء” الشرعية والفقهية التي قد تصدر عن العلماء بشكل فردي.
بدوره، قال محمد الروكي، عضو المجلس العلمي الأعلى، إن الفتوى موعظة ولا سلطة لها، لأن هذه الأخيرة تبقى خاصية تميز القضاء فقط، لكن للفتوى سلطة القرآن، لذلك فهي أمر خطير يجب إعطاؤها ما تستحق من الاعتبار والقيمة، فهي ليست مهمة يتعاطاها من هب ودب، لأن لها شروطا؛ وأهمها أن يكون من يتعاطى للإفتاء على درجة عالية بالعلوم الشرعية واللغة العربية، وتصور النازلة وظروفها، لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره.
وتابع الروكي: “بدون هذه الضوابط ستسبب الفتوى الفوضى وانتهاء الحرمات والأعراض، لأن من يصدرونها بدون علم. ولذلك، قال العلماء: “لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف”؛ والأسوء هو أن يدخل مجال الإفتاء الجهال ممن لا يتوفرون على قواعد العلم الشرعي، وهذا مصدر المصائب التي تقع لنا”.
وأردف عضو المجلس العلمي الأعلى: “على المفتي الارتباط بواقع مجتمعه، لأن الفتوى الرائدة هي التي تحل مشاكل الناس، فالسؤال ابن واقعه، والجواب له قواعد لترشيد الفتوى حتى تأخذ طريقها نحو ما هو أقوم، ومن شروطها لا إفتاء لغير المؤهل، ما يعني الإلمام بالعلوم الشرعية، وفقه التأصيل، حتى يحسن تصور النازلة، وإدراك خصوصيتها، لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره. وفي زماننا يجب على المفتي أن يستمع لذوي الاختصاص، كالعلوم الإنسانية وغيرها، لإدراك النازلة”.
من جانبه، أكد قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي- غينيا، أن فكرة الفتوى الجماعية تنم عن إبداع مغربي خلاق، لأنها نحت نحو مأسسة هذا المجال الفقهي، مضيفا: “الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم في إفريقيا يتسم بالتخبط في إصدار الفتوى والتخلف؛ ما يشكل تربة خصبة لانتشار الحركات المتطرفة. وفي مقابل هذه التحديات يأتي دور العالم في المجتمع الإسلامي من حيث قيادة الأمة الإسلامية لتبليغ الدين”.
وشدد سانو على أن “مهمة الفتوى هي من اختصاص أهل العلم الشرعي وذوي الاختصاص من علماء العلوم الإنسانية، لمواجهة فوضى الإفتاء؛ لأن هذه الفوضى حولت وظيفة الفتوى من سبيل إلى الإنارة والاستنارة إلى طريقة للإغواء والاقصاء والاعتداء والتجاوزات”.
وخلص المتحدث ذاته: “لذلك، تأتي هذه الندوة الدولية لتبرز ذلك النموذج المغربي العريق في مجال الإفتاء؛ لأن الفتوى لم يعد مناسبا تركها لأشباه المتعلمين في قضايا تهم المجتمع والأمة ولا ينبغي تركها للأفراد، بل يجب أن تكون جماعية”.