موسم الصيف يخلق انتعاشا في خدمات “نقل الخطافة” بين المدن بالمغرب
يعرف الموسم الصيفي سنويا تزايد لجوء المغاربة إلى النقل السري (الخطّافة) للربط بين المدن، لأسباب عديدة، منها عدم الارتياح لخدمات النقل العمومي، والاكتظاظ الذي تعرفه الحافلات، ما يجعل مواطنين يقبلون على خدمة “الخطافة” لتسهيل وصولهم إلى مدن أخرى، نظير أثمنة قد تكون في أحيان كثيرة مرتفعة.
ويُعزى هذا الإقبال، وفق مصادر مهنية، إلى “فشل وزارة النقل واللوجستيك في تدبير النقل العمومي، وفي الحفاظ على استقرار الأسعار وردع أصحاب المأذونيات الذين يتغولون على المواطن سنويا”.
وأمام انعدام البديل القانوني للتنقل، يلجأ المواطن إلى “الخطاف”، أو إلى النقل عبر التطبيقات، الذي صار يربط أيضا بين المدن المغربية، ويتيحُ الاتفاق بين السائق والزبون مسبقا حول مقابل الخدمة عبر التطبيق الهاتفي.
وعرفت الخطوط الطرقية الرابطة بين المُدن المغربية عشرات الرحلات السرية في الأيام القليلة الماضية، بما أن النقل السري كان آخر حل ليصل بعض المواطنين إلى مدنهم خلال مناسبة عيد الأضحى، خصوصا بين مدن الشمال ومناطق سوس، وبين مراكُش وأكادير وورزازات، أو حتى بين المدن القريبة من بعضها كفاس ومكناس، حسب ما أكدته مصادر مهنية مطلعة.
وعلق مصطفى شعون، الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، على الموضوع بالقول إن “الإقبال على ظاهرة الخطّافة يعرف تناميا ملحوظا مع بداية كل صيف، وخلال الأعياد والدخول المدرسي، إلخ، بسبب الضعف الذي يطبع تدبير وزارة النقل واللوجستيك ووزارة الداخلية لتنقل المواطنين في الأوقات الضرورية والمهمة”، مبرزا أنه “في كل سنة، يتضح أنه في الوقت الذي نحتاج فيه إلى منظومة نقل مُتكاملة تحفظ كرامة المغاربة، لا نجدها”.
وشدد شعون، ضمن تصريح لهسبريس، على أن “الدولة وهي تهمل هذا الملف، تبين أنها تستهتر بسلامة المغاربة الذين يقبلون على الخطّافة بشكل يهدد أمنهم ويعرض سلامتهم للخطر”، موضحا أن “الإقبال كان أيضا في الفترة الأخيرة على خدمات النقل عبر التطبيقات، التي صارت تتيح عرض التنقل بين المدن، بعدما كانت تقتصر على النقل داخل المجالات الحضرية، ما يبين أن عروض النقل العشوائية صارت مغرية للمواطنين المغاربة أمام فشل الوزارة الوصية في تدبير الملف”.
وأفاد النقابي ذاته بأن “الأمر أحيانا يبدو وكأنه أكبر بكثير من إشكال النقل الجماعي والعمومي، بل يمتد ليكون مشكلا بنيويا؛ فالقطاع يدبر من طرف وزارة النقل بتداخل مباشر مع وزارة الداخلية، من خلال الأقسام الاقتصادية، وهناك شق آخر يتعلق بوزارة الداخلية وهو قطاع سيارات الأجرة”، موضحا أن “هذا الخلط خلقا مشكلا بنيويا مرتبطا، حصرا، بغياب ترسانة قانونية حديثة تراعي كل أنماط النقل المتوفرة لدينا، وذلك لكوننا اليوم مازلنا نشتغل في إطار ظهير 1963، الذي تعدل وفق قانون 16.99، وإلى حدود الساعة لم يؤت أكله”.
وقال المتحدث ذاته إن “القرارات المتصلة بقطاع النقل مازالت وزارية أو تابعة للجهات الرسمية المحلية المكلفة بالنقل، وهو ما خلق استمرارية الفوضى والعشوائية”، مسجلا أن “الجهود لا تصب في اتجاه النهوض بالنقل العمومي، رغم أننا اليوم لدينا، لأول مرة، وزارة خاصة بالنقل بشكل قطاعي، ومن ثم عليها أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، وأن تقوم بتحديث بنيات النقل الطرقي وتصدر مدونة خاصة به”.
ودعا شعون الوزارة الوصية على النقل إلى أن “تخرج من هذه الارتجالية، وتبين عن جدية وفعالية في تنظيم تنقلات المواطنين في الوسائل العمومية”، خاتما بأن الدولة عليها أن “تُخرجنا بالتالي من هذه الأنظمة المعمول بها حاليا، لكونها منفرة ولا تتصف بالنجاعة، ولم تزد الوضع إلا تأزيما، بحيث فتحت الفرصة أمام النقل السري لينتعش ويقبل عليه المواطنون كاحتجاج على رداءة العرض العمومي للنقل”.