قمة منظمة شنغهاي للتعاون: بوتين يقول إن العقوبات ستجعل روسيا أقوى
- Author, فيكاس باندي
- Role, بي بي سي نيوز – دلهي
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن بلاده ستواصل مقاومة العقوبات الغربية التي فُرضت عليها جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وألقى بوتين خطابه خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت افتراضيا عن بعد، ويعد هذا أول خطاب له أمام المجتمع الدولي، منذ تمرد مجموعة فاغنر الشهر الماضي في روسيا.
ودعا الرئيس الروسي إلى تعزيز العلاقات التجارية بين دول منظمة شنغهاي للتعاون، كما دعم فكرة استخدام العملات المحلية بالمعاملات التجارية – وهي فكرة يُنظر إليها كمحاولة لتخفيف حدة العقوبات الغربية على بلاده.
وانطلقت اليوم قمة زعماء دول منظمة شنغهاي للتعاون لعام 2023 عبر تقنية الفيديو كونفرانس، ولأول مرة تستضيف الهند هذه القمة تحت قيادتها.
ووجه بوتين خلال القمة رسالة تحدٍ إلى الغرب، قائلا:” روسيا تقاوم بثبات وستواصل المقاومة في مواجهة العقوبات الخارجية، والضغوط والاستفزازات، وستستمر في التطور كما لم يحدث من قبل”.
ومنذ تمرد مجموعة فاغنر – قصير الأمد – أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، ظهر الرئيس الروسي أمام الملأ عدة مرات، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها برفقة مجموعة من القادة الدوليين.
وقال بوتين في خطاب متلفزمن داخل الكرملين:” أتوجه بالشكر الى زملائي في دول منظمة شنغهاي للتعاون الذين أبدوا دعمهم لخطوات القيادة الروسية لحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم”.
وأضاف بوتين أن أكثر من 80 في المئة من التجارة بين بلاده والصين تنفذ بعملتي الروبل واليوان وبعيدا عن الدولار الأميركي، وحث أعضاء المنظمة على اتباع نفس النهج القائم بين البلدين.
كما رحب بطلب بيلاروسيا – حليفة روسيا – أن تصبح عضوا دائما في منظمة شنغهاي للتعاون العام المقبل.
ودعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي – مضيف القمة – الدول الأعضاء إلى تعزيز التعاون في المجالات التجارية، والتقنية، والاتصالات، إضافة إلى قطاعات أخرى.
ولم يُشر مودي بشكل مباشر إلى الحرب في أوكرانيا، أو موقف الصين المتشدد في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ.
وتاريخيا انتهجت الهند سياسة الحياد، إلا أنها الآن تسعى إلى تحقيق موازنة دقيقة على الجبهة الدبلوماسية؛ بسبب علاقاتها القوية وبشكل متزايد مع الغرب.
وقبل أيام قليلة، فرشت الولايات المتحدة السجادة الحمراء لمودي، عندما استقبلته في واشنطن في زيارة دولة – وهي أعلى مستوى من البروتوكول الدبلوماسي الذي تتفق عليه الولايات المتحدة مع القادة الزائرين.
ومع أن رئيس الوزراء الهندي تحدث عن الأمن الإقليمي أمام قادة منظمة شنغهاي، فأنه لم يذكر الصين – الجارة التي تربطها علاقات عدائية مع الهند منذ زمن طويل.
وفي عام 2020 خاضت القوات الهندية والصينية اشتباكات دامية في بعض مناطق حدودها الطويلة، ولا تزال التوترات قائمة حتى يومنا هذا.
وينظر الغرب بشكل متزايد إلى الهند كثقل موازن للصين، بيد أن الهند لم تتبن علنا هذا الموقف الغربي صراحة، كما امتنعت عن التصريح بذلك في القمة الحالية.
وبدلا من ذلك، حض رئيس الوزراء الهندي أعضاء المنظمة على اتخاذ تدابير حاسمة لمكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون في مكافحة تمويل الأنشطة الإرهابية.
وقال مودي:” تلجأ بعض الدول الى الإرهاب العابر للحدود كأداة في سياساتها، (إنها) تمنح بذلك ملجأ للإرهابيين … يجب ألا تتردد منظمة شنغهاي للتعاون في انتقاد مثل هذه البلدان”.
وعادة ما يُنظر إلى مثل هذه التصريحات على أنها انتقادات مبطنة إلى باكستان، الخصم التاريخي للهند.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إنه يتعين على دول المنظمة اتخاذ إجراءات “لمكافحة الشرور الثلاثة المتمثلة في الإرهاب والتطرف والانفصالية”.
لكنه قال أيضا إنه لا ينبغي شيطنة الأقليات الدينية عبر “السعي وراء أجندات سياسية محلية”، وكثيرا ما تتهم باكستان – ذات الأغلبية المسلمة – الهند بعدم حماية حقوق المسلمين.
وطالما رفضت حكومة مودي الإقرار بصحة الأدلة المقدمة التي تشير إلى أنها لا تحمي حقوق الأقليات في الهند – البلد الذي يتألف معظم سكانه من الهندوس.
ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال كلمته أمام قادة المنظمة، إلى ضرورة بذل جهود لحفظ الأمن والسلام الإقليميين. كما حثّ أعضاء المنظمة على “انتهاج الطريق الصحيح وتعزيز تضامنهم وثقتهم المشتركة”.
واتفق جميع أعضاء المنظمة على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في أفغانستان، بعد الانسحاب الأمريكي وعودة حركة طالبان إلى الحكم قبل عامين.
وقد يعطي البيان المشترك للمنظمة – الذي سيصدر لاحقا – معلومات حول الكيفية التي تهدف بها دول منظمة شنغهاي للتعاون إلى العمل معا بشأن أفغانستان.
وفي عام 2001، أنشأت الصين وروسيا وأربع دول في آسيا الوسطى منظمة شنغهاي للتعاون، كإجراء مضاد للحد من نفوذ الغرب في المنطقة. وفي عام 2017 انضمت كل من الهند وباكستان إلى المنظمة.
وتشكل المنظمة أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا والصين، بعدما تدهورت علاقاتهما مع الغرب.
ويقول الخبراء إنه لا يمكن التقليل من شأن إمكانات وتطلعات المنظمة، على الرغم من وجود منتديات أكثر بروزا مثل بريكس (وهو تكتل اقتصادي يضم كل من: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، ومجموعة العشرين ومجموعة السبع.
وتضم منظمة شنغهاي للتعاون حوالي 40 في المئة من سكان العالم، كما أن أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من دول المنظمة. وأقرت القمة عضوية إيران الكاملة رسميا، وسوف تسيطر على حوالي 20 في المئة من احتياطي النفط في العالم.
وستعززعضوية إيران ملف الطاقة للمنظمة، لكنها ستثير أيضا غضب العواصم الغربية، حيث تتعارض أجندات منظمة شنغهاي بشكل كبير مع المنتديات الغربية الأخرى، فقد يكون من الصعب على الهند أن تحقق توازنا دبلوماسيا بين شركائها العالميين المختلفين.
لكن الدبلوماسيين في الهند يقولون إنهم قادرون على ضمان استقلالية سياستهم الخارجية من دون الخضوع لمجموعة أو أخرى.
كما أن الطريقة التي تدير بها دلهي دبلوماسيتها – وخلافاتها مع روسيا والصين وباكستان على وجه الخصوص – سيكون لها تأثير على مستقبل منظمة شنغهاي للتعاون.