“أزمة العطش” تعيد احتجاجات الساكنة إلى إقليم تاونات.. وزاكورة تنتظر الدور
رغم أن السيناريوهات تُطرح كلّ سنة لمشكلة العطش في إقليمي زاكورة وتاونات ومناطق أخرى، إلا أنّ الجفاف يصرّ على أن يُطيل أمد “المعضلة” المتكررة كلّ صيف، التي تؤرق الساكنة وتنسف محاولاتها في عيش صيف مختلف، والتي قرّرت أن تخرج مجددا هذه السّنة للاحتجاج، خاصة في إقليم تاونات، وتبقى الفكرة محتملة وواردة أيضا في زاكورة.
تعليقا على الاحتجاجات التي شهدها إقليم تاونات في اليومين الماضيين، قال المفضل العاطفي، حقوقي فاعل جمعوي بالمنطقة، إنّها “احتجاجات عفوية نابعة من الغضب العارم الذي صار يعتري الساكنة جراء الانقطاع المزعج للماء الصالح للشرب”، مؤكدا أنّ “المنطقة مازالت تعاني من هذا المشكل بشكل سنوي متكرر رغم تنديدات الحقوقيين والفاعلين الجمعويين وكل الغيورين على المنطقة”.
وأضاف العاطفي، ضمن حديث مع هسبريس، أنّ “مناطق تاونات لا تعاني من ندرة المياه، نظرا لكون السدود الكبرى محاذية للمنطقة، لكنها تعاني من التوزيع غير العادل للثروات المائية، بحيث تذهب الحصة العُظمى إلى المدن الكبرى المجاورة، بينما تبقى المنطقة عاجزة عن توفير الحدّ المقبُول من المياه”، مشيراً إلى أن “سياسة الدولة في مجال تدبير المياه لضمان استدامة هذه الثّروة ووصولها إلى كافة المواطنين، مازالت قاصرة ولم تضع بعدُ تصوراً كفيلاً بوقف هذا المشكل”.
وتابع الفاعل الجمعوي ذاته قائلا: “حوالي شهرين متواصلين والماء منقطع عن منطقة عين باردة، رغم أنّ هذه المنطقة يقطنها آلاف السكان، والجهات المختصة تقول إن محطّة المعالجة لم تعد قادرة على توفير الماء لكل السّاكنة بإقليم تاونات”، وزاد: “حتى بعض المياه التي تصل صارت ملوّثة وخطيرة تهدّد صحة الإنسان، وهناك مشاكل تقنية عديدة في توزيع الماء بالمنطقة”.
وقال المتحدث ذاته: “مع ظرفية العيد وأمام كل هذه المشاكل، من الطبيعي أن تحتجّ الساكنة، خصوصا أن العائلات تشعر بالحرج وهي لا تجد ماء تقدمه لضيوفها ولأبنائها القادمين من المدن الكبرى أو من خارج أرض الوطن”، وختم بأن “الدّولة يجب أن تتدخّل بشكل عاجل لتجد حلاّ لمشكلة الماء بإقليم تاونات، لكون هذا الوضع لا يعبر عن التنمية المستدامة والتدبير العقلاني للثروات، بما فيها الماء”.
زاكورة تترقب
من جهته، قال محمد لمين لبيض، فاعل جمعوي بمنطقة الجنوب الشّرقي، إنّ “كابوس العطش مازال يحاصر ساكنة مناطق كثيرة بالمغرب، بما فيها منطقة زاكورة والدواوير التابعة لها، التي مازالت تعاني الويلات إلى حدود اليوم”، ذاكراً أنّ “هذه الظرفية الحرجة التي تعانيها الساكنة بخصوص ندرة المياه، دفعت سكان بعض الدواوير إلى الاحتجاج في الفترة الأخيرة، نظرا لكون الوضع صار كارثيا ولم يعد محتملاً بالنّسبة إليهم”.
وشدّد لبيض، في تصريح لهسبريس، على أنّ “محنة العطش التي بدأت في سنة 2017، لا تزال مستمرّة في خلق الرّعب وسط الساكنة، بحكم أنّ الماء ثروة حقيقية لتدبير الحياة اليومية بأبسط تفاصيلها”، مسجلاً أنّ “جماعة تَمكروت والمجال الحضري لمدينة زاكورة يعرفان وفرة في الموارد المائية، لكن بحكم حدوث أعطاب مؤخرا في أنابيب التزويد وبحكم الاستغلال المكثف للماء خلال فترة عيد الأضحى، فقد خلّف ذلك مشاكل جمّة لدى بعض الساكنة”.
وقال: “حتى جودة المياه متدهورة، نظرا فقد صارت مالحة وثقيلة”، موضحا أنّ “بلدية أكدز تشهد معضلات مائية كبيرة في الفترة الأخيرة بسبب الحرّ، إضافة إلى جماعة تامزموت وجماعة الروحا وجماعة ترناتة وجماعة فزواطة وجماعة تاكونيت وجماعة كتاوة، وهناك دواوير وأحياء تتلقى الماء عبر خزانات ضخمة فقط. وفي ظل غياب التّساقطات وتسجيل موسم جافّ مجدداً، فإن هذا يربكُ الحياة العادية لساكنة الجنوب الشّرقي”.
ونبه لبيض إلى “خطورة الوضع على السلم الاجتماعي بمنطقة زاكورة، لكون المياه اليوم تعد من المصادر الأساسية للعيش وتدبيرها يحتاج صبراً كبيراً لدى الساكنة التي تئن من العطش سنويا”، لافتا إلى أنّ “ارتفاع درجة الحرارة وبداية موسم الصيف بهذا الشكل الحار للغاية وعدم إطلاق مياه السدود مؤخراً، عوامل جعلت الأوضاع أكثر تعقيدا وتأزماً، ومن الوارد جدًّا أن تخرج الساكنة في احتجاجات مجددا”.