الموت الغامض لقنفذ البحر يهدد الشعاب المرجانية في البحر الأحمر
تعد الشعاب المرجانية ذات الألوان الزاهية في البحر الأحمر جنة تحت الماء، وهي موطن للأسماك الجميلة المبهرة ولتشكيلات رائعة من الحياة البحرية الأخرى.
وعلى الرغم من تأثير التغير المناخي، فقد أظهرت هذه الشعاب مرونة ملحوظة تجاه ارتفاع درجات حرارة البحر.
لكن الآن يشكل الانخفاض الغامض لنوع رئيسي من قنافذ البحر تهديدا جديدا، مما يثير مخاوف من أن هذا الموطن الثمين سيختنق بشكل متزايد بسبب الطحالب الخضراء سريعة النمو.
ويمكن لآثار ذلك على السياحة أن تكون مدمرة.
ولاحظ باحثون إسرائيليون لأول مرة نفوق قنافذ البحر الأسود بالقرب من مدينة إيلات الجنوبية في بداية العام.
المخلوقات الشائكة – ذات الأشواك الدفاعية التي يصل طولها إلى 50 سم – مألوفة للغواصين والغطاسين الذين يتدفقون إلى خليج العقبة بسبب مياهه الصافية. وكانت هذه القنافذ تغطي أجزاء من الشعاب الساحلية في المنطقة.
الموت الغامض لقنفذ البحر يهدد الشعاب المرجانية في البحر الأحمر
وتظهر استطلاعات جديدة انخفاضا لوجودها بنسبة 90 في المئة في منتجع العقبة الأردني، وحالات اختفاء جماعي في مصر، وخسائر في المملكة العربية السعودية، يعتقد أنها ناجمة عن طفيلي ينتقل عن طريق المياه.
ويقول الدكتور عمري برونشتاين من جامعة تل أبيب: “نحن نعلم أن الجرثومة مؤذية”.
ويقول إن هناك علامات واضحة على أن المرض يشل العمود الفقري لقنفذ البحر وأقدامه الصغيرة.
ويضيف: “ترى ما نسميه النخر، وفقدان الأنسجة، حتى تحصل على هيكل عظمي عاري. ووفياتها سريعة جدا. تستغرق العملية برمتها حوالي 48 ساعة”.
الطحالب البحرية مقابل الشعاب المرجانية
تظهر مقاطع الفيديو التي صورها غواصون كيف أنه من دون أشواكهم الدفاعية، سرعان ما تلتهم الأسماك المفترسة قنافذ البحر الأسود المصابة.
ويبدو من المرجح أن الأسماك والأنشطة البشرية، وخاصة الشحن، ساعدت في انتشار المرض.
ويمكن أن يكون هناك تأثير بيئي عميق على واحدة من أقدم الشعاب المرجانية الحية باستمرار في العالم في البحر الأحمر، والتي يقدر عمرها بأكثر من 5 آلاف عام.
وتلعب قنافذ البحر دورا حيويا من خلال مساعدة يرقات المرجان على الاستقرار والنمو، وكذلك عن طريق تناول الطحالب، ومنعها من حجب أشعة الشمس والاستيلاء عليها.
يقول عمري عميسي، وهو مفتش بحري في سلطة الحدائق والطبيعة الإسرائيلية ومقره في إيلات: “الطحالب البحرية والشعاب المرجانية تتنافس دائما على المساحة”.
ويقول إن الطحالب البحرية ستنتشر بشكل أسرع بمجرد اختفاء القنافذ، ويضيف: “يمكن أن تنتشر الطحالب البحرية بشكل أسرع من الشعاب المرجانية. الشعاب المرجانية، كما نعلم، يمكن أن تنمو بمعدل 1 سم في عام واحد. فيما يمكن أن تنمو الطحالب البحرية 1 سم في اليوم!”.
ولتوضيح السرعة التي انتشر بها المرض، يروي قصة شخصية عن قضاء عطلة غوص في نويبع في مصر، على بعد حوالي 80 كيلومترا إلى الجنوب، بعدما بدأ في مراقبة فقدان قنافذ البحر الأسود في أقصى شمال خليج العقبة.
يتذكر رؤية الآلاف من قنافذ البحر الأسود في مصر والتفكير في أن “كل شيء قد يكون على ما يرام”.
ويضيف: “لكن بعد أسبوعين، أخبرني الناس هناك أنني إذا عدت إلى نويبع، فلن أجد حتى قنفذا واحدا [من القنافذ]. هذا حقا عنيف وسريع جداً”.
ظاهرة إقليمية
وإلى الجنوب على طول ساحل البحر الأحمر المصري، يجري الدكتور محمود حنفي، عالم الأحياء البحرية في جامعة قناة السويس، دراساته الخاصة.
يقول لي: “كنت تجد بسهولة من قبل، 20 إلى 30 لكل متر مربع. الآن اختفى قنفذ البحر الأسود من جميع المناطق التي قمت بمسحها شمال الغردقة إلى جنوب مرسى علم. لم أتمكن من العثور على عينة واحدة”.
ويقول إن هذا يشير إلى أن الأنواع تختفي في جميع أنحاء المنطقة.
كما شهدت بلدان أخرى مجاورة حالات وفاة دراماتيكية. وتشمل هذه الدول الأردن الذي قام بمسح 13 موقعا، والمملكة العربية السعودية التي فحصت 113 موقعا على ساحلها الطويل، على الرغم من أنها لم تعلن النتائج رسميا بعد.
وقد أثيرت مخاوف من أن هذا الاتجاه يمكن أن ينتشر إلى الخليج العربي بعد الإبلاغ عن نفوق قنفذ البحر بالقرب من مسقط في عمان. كما أبلغت بي بي سي عن خسائر قبالة ساحل المحيط الهندي في الصومال.
وتختلف الآراء حول العواقب المحتملة.
يؤكد العلماء الذين تحدثت إليهم في مصر والأردن أن الشعاب المرجانية لا يبدو أنها تعاني بعد من اختفاء قنافذ البحر. ويشيرون إلى أن الحيوانات البحرية الأخرى تواصل دعم الشعاب المرجانية.
ويخشى خبراء آخرون من تكرار ما حدث قبل 40 عاما في منطقة البحر الكاريبي عندما قتل أحد الجراثيم ما يصل إلى 99٪ من نوع وثيق الصلة من قنفذ البحر. تحولت الشعاب المرجانية المزدهرة إلى حقل طحالب.
ويقولون إن الآثار في البحر الأحمر قد لا تكون واضحة حتى حلول فصل الشتاء، عندما تزهر الطحالب بشكل طبيعي.
جيوب بقيت على قيد الحياة
بالعودة إلى مختبر الدكتور برونشتاين في تل أبيب، بدأ السباق لتحديد ما الذي يقتل قنافذ البحر الأسود بالضبط. إحدى التقنيات التي يستخدمونها هي دراسة الحمض النووي البيئي والذي كان بالصدفة قد أخذ عينات بالفعل من المياه قبالة إيلات عندما ظهر العامل الممرض لأول مرة.
ويقول برونشتاين: “يعتبر هذا بالفعل كنزا لأنه حقا الصندوق الأسود لهذا الحدث. نحن الآن فقط بحاجة إلى فك شفرتها”.
هناك بصيص أمل آخر.
ومنذ حوالي عقد من الزمان، كان فريق تل أبيب يدرس قنافذ البحر الأسود في شرق البحر الأبيض المتوسط بعد ظهورها من البحر الأحمر كنوع غازي.
في حين أن هذه المجموعات التي ينظر إليها إلى حد كبير على أنها آفات، كانت أول من تأثر بالوفيات الأخيرة، إلا أن هناك بعض الجيوب الصحية المتبقية التي يمكن أن تصبح مفرّخات، يتم الاحتفاظ بها في الأسر لنقلها في نهاية المطاف إلى بيئتها الأصلية.
بالإضافة إلى ذلك، ظهر عدد قليل من القنافذ الصغيرة التي تُرصد في خليج العقبة.
وبينما تتخذ الدول خطوات لمكافحة الصيد الجائر والتلوث الذي يشكل خطرا خاصا بها على الشعاب المرجانية، يرى الدكتور برونشتاين أيضا تعاونا مشجعا في هذه المنطقة المعقدة سياسيا، حيث لا توجد علاقات رسمية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
ويضيف: “المسافات بين إسرائيل والأردن ومصر والجنوب لا توجد حقا تحت الماء”.
ويقول إن الدول تتبادل المعلومات وتعمل معا بشكل أفضل، حتى لو لم يتم الإعلان عن التعاون في كثير من الأحيان.
في حين أن هناك الكثير من الانقسام بين البلدان المتاخمة للمياه الفيروزية للبحر الأحمر، فإن مصير قنفذ البحر الأسود يظهر الاهتمام المشترك بمحاولة الحفاظ على بيئة بحرية فريدة من نوعها.