أحداث فرنسا: هل فشلت الحكومات الفرنسية في علاج مشاكل الضواحي؟
خمس ليال من العنف والنهب، حولت شوارع المدن الفرنسية إلى مايشبه ساحة حرب أهلية، احتجاجا على مقتل الشاب نائل، ذي الأصول الجزائرية بسلاح شرطي فرنسي، قال إن الشاب لم يمتثل لأوامره، ولإن كانت الشوارع الفرنسية قد هدأت الآن، إلا أن الأحداث المتفجرة، فتحت من جديد ملف الضواحي الفرنسية، وما تعانيه من إهمال وتهميش، على مدار سنوات، أديا إلى تفشي البطالة والفقر بين سكانها، وكلهم من أبناء مستعمرات فرنسا السابقة المهاجرين إليها.
وليل السبت/الأحد، وحتى الساعة الثالثة والنصف فجرا بتوقيت باريس، قالت وزارة الداخلية الفرنسية، إنها لم تسجل أي أحداث شغب كبرى، رغم أنها أفادت الأحد الثاني من تموز/يوليو أيضا، بتوقيف 719 شخصا وإصابة 45 عنصرا من الشرطة والدرك بجروح، وإضرام النيران في 577 عربة و74 مبنى بمختلف أنحاء البلاد.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، عبر تويتر، “ليلة أكثر هدوءا بفضل العمل الحازم لقوات حفظ الأمن”.، وكانت وزارة الداخلية قد نشرت 45 ألف عنصر من قوات الشرطة، ليل السبت/الأحد لليلة الثانية على التوالي، بينهم سبعة آلاف في العاصمة باريس، وضواحيها المجاورة، في وقت تشير فيه تقديرات، إلى أن عدد من تم إيقافهم من قبل سلطات الأمن، خلال تلك الأحداث ربما يتجاوز 1300 شخص.
وتشير بعض التقديرات الرسمية، إلى أن أحداث العنف التي شهدتها فرنسا،على مدى خمس ليال متتالية، أسفرت عن خسائر مادية جسيمة، منها إحراق مراكز تجارية، وإضرام النيران في نحو 1350 سيارة، و250 مبنى سكنيا.
وتفتح تلك الأحداث الأخيرة من جديد، الملف المزمن للواقع المتردي، لسكان الضواحي الفرنسية، التي تعاني منذ وقت طويل من الإهمال والتهميش، رغم جهود حكومية لعلاج هذا الواقع، كما أنها تعيد للذاكرة أحداث عام 2005، التي أشعلت ضواحي المدن الفرنسية الكبرى، بعد مصرع مراهقين صعقا بالكهرباء، في حيّ كليشي – سو – بوا بضاحية سين – سان – دوني الباريسية، أثناء فرارهما من الشرطة.
وأدت أعمال عنف وشغب غير مسبوق، تلت الحادث مباشرة، واستمرت لثلاثة أسابيع حينئذ، إلى إحراق 10 آلاف سيارة، وتدمير أو إلحاق أضرار بـ 300 مبنى، وإصدار مذكرات جلب بحق 600 شخصاً، إضافة إلى اعتقال 1300 آخرين.
وتقول وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها، إن أعمال الشغب الأخيرة التي عمّت عدداً من المدن الفرنسية، تميزت هذه المرة، بمشاركة عدد كبير من الشباب “الصغار جداً”، في تدمير الممتلكات العامّة وإحراق السيارات ونهب المتاجر والاشتباك مع الشرطة، ووفقا لما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن ثلثا الأشخاص الذين أوقفتهم الشرطة،على خلفية أعمال نهب وشغب ليل الخميس الماضي، وعددهم 875 شخصا، كانوا من الشباب و”أحيانا فتية صغار جدا”.
خطط التطوير لم تنجح
ووفقا لخبراء نقلت عنهم وكالة الأنباء الفرنسية، فإن الأحداث الأخيرة، كشفت عن قصور في سياسة تطوير مناطق الضواحي، رغم الإيجابيات التي حققتها السياسات الحكومية المتعاقبة في هذا المجال.
وتراهن فرنسا منذ 30 عاماً، فيما يعرف بسياسة ” المدينة”، على تحديث الأحياء الشعبية، وهي سياسة اعتبرها البعض “مفيدة، لكنها غير كافية” لاحتواء مشكلات الضواحي، ويعتبر بعض المنتقدين أن تلك السياسة، ركزت على الشكل الظاهري للضواحي، دون أن تركز على علاج المشكلات الاجتماعية والإنسانية.
وفي أول برنامج لها بين عامي 2004 و2020، أنفقت الوكالة الوطنية للتحديث الحضري، المعنية بتطبيق سياسة “المدينة”، 12 مليار يورو، استُخدمت في هدم صفوف الأبنية الشاهقة، في الأحياء التي تحظى بالأولوية، لتشييد أبنية أصغر،وفيما نجحت هذه السياسة في تغيير وجه عدد من الضواحي الفرنسية، عبر تحسين وسائل النقل العام التي تصلها بالمدن، وتشييد مباني حديثة، فإنها لم تنجح في وضع حدّ للتمييز العرقي، ومستويات الفقر المرتفعة والتهميش الاجتماعي.
وتشير عدة تقارير، إلى أن ما ظهرت عليه الشوارع الفرنسية من عنف، يؤشر إلى حالة من الاحتقان المتراكم، في أوساط سكان الضواحي الفرنسية والذي يجد شرارة توقظه من وقت لآخر، مع ارتكاب الشرطة الفرنسية لحوادث مشابهة، للحادث الأخير الذي قتل فيه الفتى الجزائري الأصل نائل.
عنصرية الشرطة الفرنسية
وفي تقرير بصحيفة الجارديان البريطانية، تعليقا عى ماحدث، تقول الكاتبة رقية ديالو، إن السلطات الفرنسية، تجاهلت عنف الشرطة العنصري منذ عقود، وهي تدفع الآن الثمن.
وتشير الكاتبة إلى أن عدد حالات وحشية الشرطة، يتزايد بلا هوادة كل عام في فرنسا، وأنه وفقا لمنظمة للمدافعين عن الحقوق، فإن الشباب الذين يُنظر إليهم على أنهم من السود، أو من أصل شمال أفريقي، أكثر عرضة بنسبة 20 مرة لعمليات التحقق من الهوية من قبل الشرطة، مقارنة بباقي السكان.
وتضيف الكاتبة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أدانت عام 1999، فرنسا، التي يفترض أنها مهد لحقوق الإنسان، بسبب التعذيب، بعد الاعتداء الجنسي على شاب من أصل شمال أفريقي من قبل الشرطة، وفي عام 2012 قالت “هيومن رايتس ووتش”، إن “نظام التحقق من الهوية مفتوح للانتهاكات من قبل الشرطة الفرنسية، وتنطوي هذه الانتهاكات أحيانا على الإساءة الجسدية واللفظية”.
ويعتبر مراقبون، أنه وحتى مع تمكن سلطات الأمن الفرنسية من إخماد العنف هذه المرة، فإن هذا لايعني أن الأزمة المزمنة، قد تم حلها، وهم يعتبرون أن القطيعة والعزلة، التي يعيشها سكان الضواحي الفرنسية، ستظل بمثابة قنبلة موقوتة، قد تنفجر في كل مرة مع وقوع أي حادث يشعلها.
وبنظر هؤلاء فإن سياسة تطوير الضواحي الفرنسية، وعلاج مشكلاتها والمعروفة بسياسة “المدينة”، أثبتت فشلا حتى الآن، لتركيزها على الجانب الشكلي التجميلي، في علاج عشوائيات المساكن، وتحسين سبل ربط الضواحي بالمدن الفرنسية، عبر مواصلات أفضل، لكن الأمر يحتاج إلى علاج جذري، يركز على رفع الغبن، وإزالة مظاهر وأسباب التمييز العرقي، واحتواء الجيل الناشئ في تلك المناطق، من أجل سلام اجتماعي يدوم.
هل ترون أن السلطات الفرنسية فشلت في سياساتها لإصلاح أحوال سكان الضواحي؟
كيف ترون طريقة تعامل السلطات الفرنسية مع الأحداث الأخيرة التي فجرها مقتل الفتى نائل؟
هل تتفقون مع ماتقوله السلطات الفرنسية من أن معظم الذين شاركوا في أعمال العنف والنهب هم مراهقون صغار ولا يدرون ما يفعلون؟
وإذا كنتم في فرنسا حدثونا عن طريقة تعامل الشرطة خاصة مع أبناء المهاجرين؟
هل يمكن تحميل الشرطة الفرنسية كل المسؤولية فيما يتعلق بسعيها لتطبيق القانون؟
وماهو برأيكم السبيل الأمثل لمعالجة مشكلة الضواحي الفرنسية المزمنة؟
ومن الذي يتحمل مسؤولية عدم اندماج أبناء الضواحي في المجتمع الفرنسي الدولة أم أبناء الضواحي أنفسهم؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 3 تموز/ يوليو
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب