احتفالات “بوجلود” بالمغرب تثير ردود فعل بين “طقوس وثنية” وموروث ثقافي
بينما تستعد مدينة الدشيرة الجهادية لاحتضان مهرجان “كرنفال بيلماون بودماون”، وهو أكبر احتفالية “بوجلود” تُنظم في المغرب، مازالت هذه التظاهرة التي تُنظم مثيلاتها في عدد من مناطق المغرب، ولاسيما سوس، تثير ردود فعل متباينة بين معارض لها ومدافع عن استمرارها.
ينطلق الرافضون لاحتفالية “بيلماون” من كونها تقوم على “طقوس وثنية”، وأن ما يشوبها من ممارسات، كتشبّه الذكور بالإناث، والاعتقاد بكون الضرب بقوائم الأضاحي يجلب الشفاء من الأمراض… يتعارض مع الدين الإسلامي.
في المقابل يبرئ المدافعون عن “بوجلود” هذه التظاهرة من التهم التي يلصقها بها معارضوها، ويؤكدون أنها احتفالية تبتغي الحفاظ على موروث ثقافي عريق.
في هذا الإطار قال عادل أداسكو، منسق “تنسيقية تامسنا لحركة توادا نيمازيغن”، إن تظاهرة “بيلماون” هي “كرنفال يجمع الخصوصية المحلية لأبناء سوس، الهدف منه هو الحفاظ على هذا التراث والتعريف به كموروث ثقافي فرجوي أصيل، والعمل على تصنيفه تراثا للإنسانية، باعتباره كنزا تاريخيا توارثته الأجيال منذ زمن بعيد”.
ولا يقتصر طموح منظمي تظاهرات “بيلماون” على الحفاظ على هذا التراث فقط، بل يسعون إلى تطويرها لتخلق دينامية اقتصادية واجتماعية وسياحية وثقافية على المستوى الإقليمي والجهوي، كما يؤكد ذلك أداسكو في تصريح لهسبريس.
ويتم ذلك، يضيف الناشط الأمازيغي، “بالاعتماد على التكوين والتكوين المستمر للرفع من القدرات والكفاءات التدبيرية لتنظيم تظاهرات ذات أهداف محددة ووقع إيجابي، وخلق آليات إيجابية لتدعيم التواصل بين مختلف الفعاليات الجمعوية والمتدخلين، لتثمين التراث محليا ووطنيا ودوليا”.
ورغم الانتقادات التي مازالت تطال احتفالية “بيلماون” فإن منظمي أكبر تظاهرة ، وهي التي تحتضنها مدينة الدشيرة الجهادية بمناسبة عيد الأضحى، واكتسبت صيتا واسعا، ماضون في تنفيذ مشروعهم الرامي إلى جعل هذه التظاهرة منطلقا لتحويل الدشيرة إلى مدينة سياحية.
“إذا كان العرض السياحي الذي تقدمه مدينة أكادير يقوم أساسا على الشمس والبحر فإننا نسعى إلى تنويع العرض السياحي بأكادير الكبير، وذلك من خلال الاشتغال على السياحة الثقافية، وذلك باستغلال الخصوصية المحلية كأداة لاستقطاب السياح”، يقول سعيد عادل، عضو الجمعية الإقليمية لكرنفال بيلماون بودماون.
وأوضح سعيد عادل، الذي يسابق الزمن رفقة زملائه في الجمعية المذكورة لإنجاح كرنفال بيلماون بودماون مساء يوم الأحد المقبل، أن الهدف الأكبر للمنظمين هو تحويل الدشيرة الجهادية إلى مدينة سياحية على غرار مدينة الصويرة، التي ذاع صيتها عالميا بفضل مهرجان “كناوة”.
وقال المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: “إذا نجح هذا المشروع فإن الدشيرة ستصير من الصويرة، وهذا سيساهم لا محالة حتى في تغيير عقلية كثير من الشباب، وسيجعلهم ينخرطون في تقديم منتج سياحي، وبالتالي إبعادهم عن طريق الانحراف”.
طموح منظمي كرنفال بيلماون بودماون مازالت تقابله مواقف معارضة ترى فيه “طقوسا تنافس الآداب المرعية لعيد الأضحى”، و”عادات متخلفة تشكل خطرا على تقدم المجتمع”؛ كما كتب أحد “معارضي” الكرنفال.
ويبدو أن منظمي المهرجان لا يعيرون اهتماما للأصوات المطالبة بـ”استئصال تظاهرة بيلماون”؛ وهو ما عبر عنه سعيد عادل بقوله: “استمرار هذا الكرنفال هو استمرار لتعبير فني فرجوي كموروث ينوّع العرض السياحي في أكادير. ونحن نعمل على التعريف بهذا الإرث الحضاري والإنساني الذي يميز سوس وشمال إفريقيا وجزءا من دول حوض البحر الأبيض المتوسط”.
من جهته قال عادل أداسكو إن “بيلماون عادة تراثية محلية انطلقت من دواوير سوس نحو المدن الكبرى، وامتاز بها أبناء المنطقة عبر الأجيال فأبدعوا في هذه التظاهرات الاحتفالية بعيد الأضحى المبارك، إذ أبدعوا أشكالا تنكرية إبداعية متناسقة مع رقصات وغناء الفن الكناوي الذي يسمى ‘إسْمكان’”.
وأضاف المتحدث ذاته أن احتفالات بوجلود بسوس “تعدّ فرصة للإبداع ومواصلة الحفاظ على التراث الأمازيغي المحلي المتوارث عبر الأجيال، كما أنها فرصة لتلاقي كل أبناء المنطقة داخل الوطن وخارجه، والزوار من باقي المدن المغربية”.