احتجاجات إيران: والدة نيكا شكارامي تتحدث عن حزنها ومعاناتها عقب مقتل ابنتها
تحدثت والدة فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، قتلت في ظروف غامضة خلال احتجاجات إيران، وانتشرت مزاعم بأنها تعرضت للضرب حتى الموت على أيدي قوات الأمن خلال الاحتجاجات في إيران، عن الحزن والألم اللذين عانت منهما بعد وفاة ابنتها.
وقالت الأم نسرين شكارامي، في مقابلة حصرية ضمن فيلم وثائقي من إنتاج بي بي سي، إنها “لا تستطيع للحظة نسيان ما حدث لابنتها”.
وأكدت نسرين خلال حديثها مع الممثلة الإيرانية زار أمير إبراهيمي التي فرّت من بلادها عام 2008، رفضها مزاعم السلطات الإيرانية بشأن كيفية مقتل المتظاهرين، قائلة: “جميعنا نعلم أنهم يكذبون”.
وكانت وفاة نيكا، استقطبت الكثير من الاهتمام خلال الاحتجاجات التي اندلعت في إيران أواخر عام 2022.
وتواصلت الاحتجاجات منذ ذلك الحين، رغم أنها باتت أقل حدة بسبب القمع الدموي من قبل قوات الأمن.
وبدأت الاضطرابات بعد وفاة مهسا أميني، وهي شابة كردية توفيت أثناء احتجازها من قبل شرطة الآداب في العاصمة بزعم انتهاكها القواعد الإيرانية الصارمة المتعلقة بملابس النساء، والتي تطالبهن بتغطية شعورهن بشكل كامل بالحجاب.
بعد أربعة أيام من وفاة مهسا، صُوّرت نيكا وهي تضرم النار بحجابها أثناء إحدى المظاهرات التي خرجت في العاصمة طهران.
وتُظهر مقاطع فيديو انتشرت على الإنترنت، نيكا وهي تقف على حاوية قمامة كبيرة وتحرق حجابها، بينما كان الذين حولها يهتفون “الموت للديكتاتور” في إشارة إلى المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.
وتقول نسرين: “كانت نيكا تشعر بالقلق باستمرار من الظلم والتمييز تجاه الشعب الإيراني، وكانت تفكر في الأمر كثيراً. لقد كانت شخصية مجازفة للغاية وشجاعة. وكنت دائما أشعر بالقلق بسبب جرأتها، وأخشى من أن تصاب بمكروه”.
وتقول نسرين إنها اتصلت بابنتها في ذلك اليوم وكان بإمكانها سماع هتافات المتظاهرين من حولها عبر الهاتف.
لكن القصة التي حاولت السلطات في إيران إخفاءها عن عيون العالم – الوحشية التي رافقت الاحتجاجات الأخيرة في الشوارع – رويت للعالم من خلال مقاطع الفيديو التي نشرها مواطنون عاديون على مواقع التواصل الاجتماعي،
وتظهر المقابلة ضمن فيلم وثائقي بعنوان “داخل الانتفاضة الإيرانية”، إلى جانب 350 مقطعاً مصورا بطول 100 ساعة، تم تصويرها وتحميلها من قبل شباب إيرانيين.
وتظهر نيكا في مقطع فيديو تم تصويره في 20 سبتمبر / أيلول عام 2022، وهي ترشق الشرطة بالحجارة. وتبدو في مقطع آخر صُور في نفس الليلة، وهي لا تزال مع المحتجين، وقد اختبأت خلف سيارة.
واختفت الفتاة بعد أن أخبرت أحد أصدقائها عبر مكالمة هاتفية قبل منتصف الليل بقليل، بأن الشرطة تطاردها.
وفي العام الماضي، قالت شاهدة عيان لشبكة سي إن إن، إنها رأت نيكا في أحد الاحتجاجات، وقد اعتقلها عدد من ضباط الأمن “من ذوي الأجسام الضخمة مرتدين أزياء مدنية” ووضعوها في سيارة.
في تلك الليلة، حُذف حسابا نيكا على موقعي التواصل الاجتماعي إنستغرام وتليغرام.
وبدأت أسرتها في البحث عنها، وطلبت من السلطات المساعدة، لكن نسرين تقول: “لم يقدم لنا أحد أي إجابات”.
وعثرت الأسرة على جثة ابنتها الشابة في نهاية المطاف في مشرحة كهريزك في 30 سبتمبر / أيلول، ولم يسمح لهم المسؤولون إلا برؤية وجهها لبضع ثوان للتعرف عليها.
وقالت آتش، خالة نيكا، في أوائل أكتوبر / تشرين الأول، إن ضباطا من الحرس الثوري الإيراني أخبروها أن نيكا كانت محتجزة لديهم لخمسة أيام، ثم سُلمت إلى سلطات السجن.
وتشير شهادة وفاة صادرة عن مقبرة في طهران، حصلت عليها بي بي سي فارسي، إلى أن نيكا ماتت بعد تعرضها “لإصابات متعددة ناجمة عن ضربات بأداة صلبة”.
ونفت السلطات ارتكاب أي مخالفات، وأدلت بتصريحات غير متسقة بشأن الشابة.
ولم ترد الحكومة الإيرانية على طلب بي بي سي التعليق على الفيلم الوثائقي.
وبث التلفزيون الحكومي الإيراني مقطع فيديو أعد بحيث تبدو فيه نيكا عائدة إلى منزلها بعد الاحتجاجات.
وقالت النيابة إن الفتاة قفزت لاحقاً من أحد المباني، أو ربما دفعها أحد ما.
وحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان الإيرانية (HRANA) فإن أكثر من 530 متظاهراً قُتلوا، من بينهم 71 طفلاً، واعتُقل ما يقرب من 20 ألف آخرين في حملة قمع عنيفة من قبل قوات الأمن، التي صورت الاحتجاجات على أنها “أعمال شغب” بتحريض من الخارج.
كما تم إعدام سبعة متظاهرين عقب ما وصفه أحد خبراء الأمم المتحدة بأنه “محاكمات تعسفية، وموجزة، وصورية وتشوبها مزاعم بالتعذيب”، وقد تحدثت تقارير عن الحكم بالإعدام على عشرات آخرين أو إدانتهم بجرائم جسيمة يحكم على مرتكبها بالإعدام.
تقول نسرين: “إنهم لم يتحملوا مسؤولية قتلها ولم يخبرونا من الذي فعلها”. “إنهم لا يتابعون القضية، لمن نشكو إذاً؟”.
وكانت نسرين قد قالت في وقت سابق إن خالة نيكا، التي أدلت بتصريح أثناء احتجازها، قالت فيه إن ابنة أختها “قُتلت بعد سقوطها من مبنى” قد أُجبرت على الإدلاء بهذه الاعترافات”.
وفي مقابلتها مع زار أمير إبراهيمي تقول نسرين: “أنا أمٌ، وقد أحببت ابنتي بلا حدود، كانت حب حياتي، وفقدان ابنة مثل نيكا مأساة كبيرة”.
وتضيف “أنا شخصياً أكن الكثير من الاحترام لشجاعة نيكا وروحها الحرة. أعتقد أننا نعيش في مرحلة حساسة من التاريخ تبرز فيها الحاجة لمثل هذه الأحداث”.
منذ اللحظة التي ولدت فيها نيكا، أدركت نسرين أن لدى ابنتها “طاقة غير عادية”، كما تقول.
وتضيف نسرين “لا يمكنني أن أنسى للحظة ما حدث لها، حتى أنني أراها في أحلامي، وأنا أرجوها أن تأتي إلي وتتحدث معي”.
وتقول: “لدي أمنية واحدة فقط، وهي ألا تراق دماء أبنائنا”.