وسائل التواصل الاجتماعي تقرب المسافات بين المهاجرين والأسر في العيد
رغم النقاش المتعاظم حول مخاطرها على تماسك المجتمع وتكريس النزعة الفردانية فيه، يبرز في الأعياد والمناسبات الدينية الوجه الإيجابي والمشرق لوسائل التواصل الاجتماعي، من خلال لعبها دورا محوريا في تقريب المسافات بين الأسر وأفرادها من مغاربة العالم.
عائلة أحمد الموساوي القاطنة بمدينة طنجة لها ثلاثة أبناء بهولندا وبلجيكا، لم تسعفهم ظروف العمل في القدوم إلى طنجة ومشاركة الأسرة فرحة عيد الأضحى المبارك، الأمر الذي خلف حالة حزن داخل العائلة بعدما ظلت تحتفي بالعيد مجتمعة طيلة سنوات. غير أن هذا البعد، يقول مصطفى، أصغر فرد في العائلة، في اتصال هاتفي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، خففت من حدته وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
وأوضح مصطفى أن “الإخوة المتواجدين ببلدان المهجر تابعوا معنا تفاصيل العيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر”.
وأضاف “ربطنا الاتصال بهم منذ الصباح عبر تقنية الفيديو التي يتيحها “واتساب”، وتابعوا معنا عملية ذبح الأضحية في المنزل وسط حضور الوالدين وباقي أفراد الأسرة”.
وتابع قائلا: “التواصل كان جيدا، والعملية أدخلت الفرحة والسرور على الوالدة، التي قالت إن أبناءها كانوا كأنهم بيننا في العيد”، وأعرب عن استحسانه للإمكانات التي تتيحها الوسائل الجديدة في الاتصال والتواصل بالصوت والصورة بين أفراد العائلة مهما كانت المسافات بعيدة بينهم.
من جهته، اعتبر زكرياء مفلح، الطالب الذي يتابع دراسته بفرنسا، أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلته يعيش مع عائلته أجواء العيد ويتابع تفاصيلها الكاملة عن بعد، مؤكدا أن الافتراضي يقرب الإنسان من الواقعي ويقترب من تعويضه في عدد من المستويات.
وأضاف زكرياء، الذي تواصلت معه هسبريس عبر “واتساب” ليحكي تجربته مع عيد الأضحى الذي يقضيه هذه السنة وحيدا في الغربة، “في السنة الماضية حضرت العيد مع عائلتي بمدينة أكادير، إلا أن الظروف لم تسمح لي بذلك هذه السنة”.
وتابع قائلا: “لكن الحمد لله على نعمة “واتساب”، اتصلت بأخي عبر تقنية الفيديو وتحدثت مع والديّ، وتابعت عملية ذبح الأضحية، وشاهدت شواء “بولفاف” عبر الفيديو مع الأسف (ضاحكا)”.
وأردف أن “الغربة جد صعبة وتكون قاسية في مثل هذه المناسبات، إلا أننا نتحايل عليها من خلال هذه الوسائل، ونستثمرها في التخفيف من حدتها”.
وفي تعليقه على الموضوع، يرى علي شعباني، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، أن “لا أحد يمكن أن يستهين بدور وسائل التواصل الاجتماعي في التقريب بين العائلات، وتوطيد العلاقات التي تبعدها الجغرافيا”.
وأوضح شعباني، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الابتكارات الجديدة وسيلة تقرب أفراد العائلة من بعضهم البعض”، مبرزا أنها توفر إمكانيات كبيرة للتواصل، سواء عبر الصوت والصورة أو التسجيل الصوتي أو الفيديو.
وأبرز أنه مع مرور الأيام “أصبحنا نجد أن الكثير من الناس يستغنون عن التنقل والأمور التي كانوا يقومون بها في الماضي من أجل التقارب والتواصل مع العائلات، ويكتفون بالاقتصار على هذه الوسائل للتخاطب والتواصل”.
وأضاف أن دور هذه الوسائل “أصبح قويا في مجتمعات اليوم، وربما ستتحسن أكثر فأكثر مع مرور الزمان لأن هناك دائما ابتكارات جديدة ووسائل في تقريب العائلات وتوطيد العلاقات بينها، خاصة في المناسبات الدينية مثل عيد الأضحى”.