أخبار العالم

حصيلة مكافحة الهجرة غير النظامية تسائل سياسة الدعم الأوروبي للمغرب



تتواصل جهود المغرب المكافحة لأنشطة الهجرة غير النظامية التي تكتسي أشكالا متعددة غير شرعية، لا سيما تلك التي تتخذ من السواحل المغربية نقطة انطلاق لها نحو “الفردوس الأوروبي”؛ هذا الأخير الذي بات “أمنية” تهفو إليها أفئدة كثير من المهاجرين، معظمهم متحدرون من دول الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء.

تجلى ذلك في أحدث المعطيات الصادرة عن وزارة الداخلية المغربية، أكدت “إجهاض حوالي 366 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا” على مدى السنوات الخمس الماضية، مفيدة بأن هذا الرقم وصل إلى 70 ألفا و781 محاولة أحبطت في سنة 2022. أما إلى متم شهر ماي 2023 فقد أُحبطت 25 ألفا و519 محاولة للهجرة غير النظامية.

ووفقا للمعطيات ذاتها، همت عمليات الإنقاذ في عرض البحر حوالي 90 ألف مهاجر خلال السنوات الخمس الماضية؛ بينما بلغ العدد خلال 2022 ما مجموعه 12 ألفا و478 مهاجرا، مقابل 3 آلاف و150 عند متم شهر ماي الماضي.

وبشأن الشبكات الإجرامية التي تنشط في الاتجار بالمهاجرين، أوردت الأرقام الرسمية المغربية أرقاما دالة عن تشديد الإجراءات لتفكيك 290 شبكة إجرامية سنة 2022، بوتيرة متسارعة استمرت إلى غاية الخمس أشهر الأولى من 2023؛ وهو ما رفع العدد الإجمالي للشبكات المحبَطة إلى 1500 خلال السنوات الخمس الماضية.

كما شهدت الأعوام الخمسة الماضية تعدد وكثرة محاولات اقتحام سبتة ومليلية التي أحبطتها السلطات المغربية، بوصولها نحو 100 محاولة مُجهَضة، تورط فيها حوالي 17 ألفا و500 شخص؛ وفق المعطيات عينها التي أشارت إلى أن عدد محاولات اقتحام السياج الحديدي لسبتة ومليلية برسم العام المنقضي فقط بلغ 16 محاولة مقابل محاولة وحيدة خلال الخمسة أشهر الأولى من السنة الجارية، بفضل تعزيز جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

تفاعلا مع الموضوع ودلالة الأرقام سالفة الذكر، قال محمد الخشاني، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث حول الهجرة أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، إن “المملكة ما زالت وفية لالتزامات موثقة مع الاتحاد الأوروبي في ما يخص الحد من تدفقات الهجرة النظامية”.

وأضاف الخشاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “على الرغم من الالتزامات بالحد من هذا النوع من الهجرات فإنها ما تصطدم عادة بصخرة رفض حقوقي مبدئي”، وزاد شارحا في هذا الصدد: “الحق في التنقل بين البلدان عبر الحدود دون قيد أو شرط يظل حقا مكتسبا لكل إنسان فوق الأرض بموجب البند 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وسجل الخبير في شؤون الهجرة الدولية أن “بروز الدولة المعاصرة جعل من قضية الحدود تأخذ بُعدَها الأمني المحض لدى معظم الدول التي نَحَت منحى التشديد في سياساتها في هذا المجال”، لافتا إلى أن “حجم الإجراءات التي اتخذتها الدول المستقبِلة يظل دون حجم الهجرة غير النظامية، فما زالت نسب المهاجرين المتدفقين بطرق غير قانونية ضعيفة؛ بالنظر إلى مجموع ساكنة العالم أو المغرب بشكل عام”.

وفي قراءة تحليلية تركيبية لمعطيات وزارة الداخلية المغربية بخصوص عمليات توزعت بين إحباط عمليات الهجرة وتفكيك شبكات الاتجار في المهاجرين والتهريب طيلة السنوات الخمس الماضية، علق الأكاديمي ذاته قائلا إن “العدد يظل ليس بالكبير جدا” إذا ما قُسم على فترة زمنية طويلة نسبيا هي 5 سنوات، قبل أن يستدرك بأن أرقام سنة 2022 تمثل استثناء بارتفاعها الطفيف، مدفوعة بتنوع أنشطة ومسارات “شبكات التهريب والتهجير السري” من ضفاف المغرب إلى سواحل أوروبا.

التزام مغربي قوي

وأوضح المختص في الهجرة أن “مراقبة الحدود تجمع المغرب والاتحاد الأوروبي في إطار سياسة الجوار والعلاقات الثنائية باعتباره التكتل الأقرب قاريا، إلا أن هناك التزاما قويا من طرف المغرب مع السلطات الإسبانية بالخصوص لتكثيف المراقبة وتشديدها في السنين الأخيرة”.

ورقة حاسمة

“فضلا عن الاقتصاد وقضايا سياسية أخرى، تبرز الهجرة كورقة محورية لا محيد عنها بالنسبة للإسبان في تدبير علاقاتهم بالمغرب”، سجل المتحدث نفسه لهسبريس، مشددا على “ضرورة أن تراعي باقي دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما الجنوبية منها، وليس إسبانيا فقط، فعالية ونجاعة الدور المغربي المستمر باعتباره “دَركي أوروبا” منذ عقود.

ولفت الخشاني إلى أن “أوروبا بكامل إمكانياتها المسخرة وقوانينها وإجراءاتها (نظام فرونتكس مثلا) تظل عاجزة عن مراقبة حدودها وسواحلها”، مؤكدا أنها أقرت غير ما مرة بـ”صعوبة المهمة” لتلجأ طالبة يد المساعدة من المغرب.

وخلص الخبير إلى أن “500 كيلومتر من السواحل الحدودية، التي تتوفر عليها المملكة المغربية، تستدعي من أوروبا مضاعفة جهودها من الدعم المادي واللوجستي لمرافقة جهود المغرب الموفقة إلى حدود اليوم في الحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين على أراضي أوروبا”، خاتما بأن “كلفة التكفل بهؤلاء المهاجرين ومعاملتهم الاجتماعية وتوفير خدمات إنسانية تليق بهم هي أثقل وأغلى من دعم المغرب الذي ما زال الاتحاد الأوروبي مترددا بشأن رفعه، رغم المطالب الإسبانية المتجددة في هذا الموضوع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى