أخبار العالم

نشطاء بيئيون يحذرون من “استنزاف الفرشة المائية” خلال صبيحة عيد الأضحى



يفصلنا أقل من أسبوع عن إحياء شعيرة عيد الأضحى، التي تحظى بقدسية خاصة عند المغاربة رغم كونها سنة مؤكدة فقط؛ بيد أن المخاوف التي حذرت منها العديد من الفعاليات الجمعوية بمختلف ربوع المملكة، عبر التحسيس والتوعية بأهمية الحفاظ على الماء خلال “العيد الكبير”، ما زالت مرتفعة.

لكن ما الإجراءات الممكنة من الناحية الرسمية للحفاظ على الماء أمام الظرفية الراهنة المتعلقة بالجفاف؟ وهل ثمة من خطة لدفع المغاربة إلى ترشيد وعقلنة استغلال المياه الصالحة للشرب خلال عيد الأضحى؟ وبالأحرى ما الذي يحضره لنا الجمعويون والنشطاء البيئيون لحماية المياه من الاستنزاف؟

زكرياء الكرطيط، رئيس قسم التوعية بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء)، أكد أن الاستراتيجية التوعوية بخصوص الماء لا تستثني التبذير الذي يحدث خلال عيد الأضحى”، مؤكدا أن “الخطة التحسيسية برمتها تندرج في حملات متعلقة بالسنة كاملة، بكل مناسباتها”.

وحسب ما أكده الكرطيط لهسبريس، فإن المكتب الوطني للماء “ليس لديه أي تصور أو خطة خاصة بعيد الأضحى؛ لكن فبما أننا نكثف الجهود في الصيف، فالعيد هذه المرة يأتي في الصيف، وبالتالي هو معني بالحملة بشكل مباشر وغير مباشر”، مشيرا إلى أن “الطلب على الماء يرتفع إلى مستويات قياسية خلال الصيف بكامله”.

المغاربة، وفق ما أفاده رئيس قسم التوعية بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، “يدركون، مبدئيا، أن الماء هو الحياة”، مبرزا أنه “لتأكيد هذه القناعة أكثر لديهم، فتجد أن من بين التدابير التي يقوم بها المكتب ما يتعلق بإنتاج العديد من المواد التوعوية، سواء التصاميم والملصقات أو الفيديوهات، التي تبرز أهمية الماء الصالح للشرب وكيف نحافظ عليه ونرشد استعماله”.

هذه الكبسولات، شدد المتحدث ذاته، “يتم الرهان على بثها عبر الوسائل المرئية وأيضا المسموعة، بما فيها التلفاز والمذياع، حتى تصل إلى أكبر عدد من المواطنين”، موضحا أنه “بالموازاة، تم إطلاق حملة رقمية مخصصة لوسائل التواصل الاجتماعي، عبر التعاون مع المؤثرين والإعلاميين والفنانين، إلخ، للمساهمة في الحملة ومشاركة هذه المحتويات مع متتبعيهم”.

ولعل “هذه الحملات المكثفة ساهمت في الوصول إلى حوالي 24 مليون مواطن مغربي خلال السنة الماضية”، قال المتحدث، لافتا إلى أن “الرهان أيضا يكون على الأطفال وتلاميذ المدارس، عبر تنظيم زيارات لمحطات ومنشآت المكتب، لمعرفة المراحل التي يمر منها الماء قبل أن يصبح صالحا للشرب؛ وذلك بغاية تقريبهم من المجهودات التي تُبذل، ولتقريبهم من قيمة الماء وأهميته”.

زكرياء الكرطيط لا يعتبر “هذا الأمر عاديا”، بما أن “هؤلاء الأطفال هم بمثابة سفراء لتوعية محيطهن الأسري بأهمية الثروة المائية وحمايتها من التلوث ومن التبذير”، وزاد: “هذا الموضوع لا يهم المكتب فقط. لذلك، نشرك فعاليات المجتمع المدني، وننسق معهم، عبر توعيتهم، ودفعهم إلى المشاركة في عملية التوعية، عبر تنظيم حملات وتوزيع مطويات، وأنشطة كثيرة أخرى مختلفة”.

من جانبه، تأسف مصطفى العيسات، رئيس “جمعية البساط الأخضر”، لكون “الماء لا يزال يشكل عنصرا ثانويا عند العديد من المغاربة، على الرغم من أن كل كائن في الحياة يعيش من الماء”، مشيرا إلى أن “الجمعيات البيئية تقوم بإجراءات مهمة في مجال النظافة؛ لكن ما يتعلق بالماء، فلا نشهد مبادرات لافتة”.

وشدد العيسات، في تواصله مع هسبريس، على “أن حجم الضرر البيئي الذي يقع خلال عيد الأضحى ينبغي أن يعيد هذا النقاش إلى الواجهة، لكونه لا يتعلق بالعيد بقدر ما يتعلق بالحفاظ على البيئة وعلى الثروة المائية خلال هذه المناسبة المقدسة عندنا كمسلمين”، مؤكدا أن “أي مواطن عليه أن يعرف أن حصة الفرد في الماء نقصت بشكل مهول، وبالتالي استنزاف الفرشة المائية الحالية هو سلوك متهور يقضي على حق الأجيال المقبلة من الماء”.

واعتبر المتحدث عينه أن “التقرب إلى الله عبر نحر الأضحية، عليه أن يذكرنا بأن الدين ينهى أساسا عن التبذير”، مبينا أن عملية ذبح وسلخ الأضحية ستتطلب فقط كميات معقولة يمكن توفيرها في سطول عوض استعمال أنبوب المياه كما تفعل الكثير من العائلات”، منبها إلى “ضرورة غسل أحشاء الماشية بالكميات الكافية لتنظيفها فقط”.

هي عملية، أفاد العيسات، تتعلق “بترتيب الأولويات وبتنظيم طريقة استهلاك الماء، بما أن كل مدن المغرب تكون على موعد مع عملية الذبح؛ لكن هذا يجب ألا ينسينا أهمية المياه في حياتنا اليومية”، مشيرا إلى أن “اللامسؤولية التي يفصح عنها العديد من المغاربة تجعل عدادات استهلاك المياه ترتفع إلى نسب قياسية”.

وأجمل المتحدث أن “الظرفية المائية صعبة، ونحن في المغرب، نعيش ندرة وخصاصا في الثروة المائية بشكل غير مسبوق، حتى أن سدودا لا تتجاوز نسبة ملئها 35 في المائة، وبعض السدود تحت المستوى الأدنى”، محذرا “من خطورة الوضع إذا زاد عن هذا الحد، بما أن فترة الجفاف والتغيرات المناخية المتطرفة بلغت مداها، ومن ثمة لا يمكن أن نقوم بمخالفة شرعية وهي تبذير المياه لتحقيق سنة مؤكدة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى