المديني يقرّب قرّاء العربية من “دو موباسان”
عن منشورات المتوسط-إيطاليا، صدرت ترجمة الروائي والناقد المغربي أحمد المديني لمجموعة للكاتب الفرنسي “گي دو موباسان”، اختار لها “قصص الفانتاستيك” عنوانا.
عن هذا الإصدار قالت دار النشر: “كاتب ومترجم كبيران يصحبان القارئ العربي عبر هذه المجموعة ليتعرف على قصص من نوع مختلف، ذات محتوى ونزوع من طراز خاص، غير المعهود عند كاتبها گي دوموبسان، أحد كبار الأدباء الفرنسيين في منتصف القرن التاسع عشر وإلى نهايته، وأساتذتهم في الرواية، ومعلمٌ أوّل للقصة القصيرة، بصفة خاصة.”
وتابعت: “لا يصح لأيِّ قارئ، دارس أو هاوٍ، للقصة القصيرة، أن يستغني عن نصوص موبسان، أو المرور بها مرّ الكرام، لأنها رائدة، مؤسِّسةٌ له وتُعلِّم أصولَه، مطورةٌ ومجددةٌ فيه. لا عجب أن صيتها على هذا الأساس تجاوز حدود الأدب الفرنسي ليمتد إلى آداب أمم أخرى، لتؤثر فيها، وتصبح مَعْلماً ومرجعاً لتراث هذا النوع الأدبي الصّارم.”
ومن بين ما أورده المديني في مقدمة ترجمته لعمل دو موباسان: “لا يُعذَر دارسٌ للأدب الحديث وقارئٌ مهتم بعدم معرفة من يعد مُعلِّما آخرَ للقصة القصيرة، وراسماً لسُنن فنها وبناءِ معمارها ومدار اهتمامها بعد آبائها الأوائل”.
وزاد: “ألِفنا أن نسمع بأن القصة القصيرة خرجت من (معطف) القاص الروسي غوغول (1809-1852)، وأن نعتبر مُجايِلَه في القارة الأمريكية ألان إدغار بو (1809-1849) المؤسِّسَ الثاني، الرديفَ لهذا الفن؛ وبعدهما الروسي أيضاً تشيخوف (1860-1904) العِمادَ الثالث الذي به شمخ رواقها واستتب”، لكن “عند نقاد الأدب الثِّقاة أن البناءَ لهذا الفن كَمُلَ وأصبح ندّاً بلا منازع للرواية ولسانَ حالِ الإنسان، ورسماً لملامح وهيكل المجتمع في أوضاعه المِجهرية وبلغةٍ وبلاغةٍ منتقاةٍ خصوصية، إنما بقلم گي دوموبسان”.
وَتَعِد الترجمة الجديدة القارئ بأن يستكشف في هذه القصص والحكايات “فنّاّ آخر، ورؤية مغايرة؛ عالَماً سحرياً بأكمله بتمظهراته الواقعية، ينبض بالحياة والحقائق والمعلومات الثاقبة، وتشخصه لقطات دفينة، خفية، منقولة بالعين، والكلام المُبصر، الشفّاف.”
ومن بين ما يقرأ القارئ في ترجمة المديني لدو موباسون: “أجل، فلا أحد يفِد عليه، وما تكلم فيها أحد قط. كانت ميتةً، خرساءَ، بلا صدى لأي صوت بشري. وإن للمرء أن يتصور بأن الجدران تحتفظ بشيءٍ من الأشخاص الذين يعيشون بداخلها، بشيء من إهابهم، من وجوههم، كلماتهم. والمنازل التي تسكنها عائلات سعيدة هي أكثرُ مرحاً من بيوت الأشقياء. أما غرفته هو، فهي فارغةٌ من كل ذكرى مثل حياته تماماً، ومجرد التفكير في العودة إلى هذه الغرفة وحيداً، والارتماء على سريره وإنجاز كل الحركات والأعباء الاعتيادية فيها، يُنهكه أشدّ الإنهاك. وكما لو أنه يحاول الابتعاد عن هذا المسكن التعيس، واللحظة التي سيضطر فيها للرجوع إليه، نهض من جديد وانحشر في أول ممشى في الغابة، واستلقى بجسده على العشب.”
وأضاف المديني: “حوله، تحته، وفي كل ما يحيط به طفق يسمع صوتاً غامضاً، صوتاً هائلاً ومتتابعاً مصنوعاً من ضجيجٍ متعددٍ ومتنوعِ الإيقاع؛ صوتاً أصمّ، قريباً، بعيداً، يحمل نبض الحياة متموجاً: إنه لهاثُ باريس، وهي تستنشق مثل كائنٍ هائل الشكل.”