الحكومة تعتمد مقاربة جديدة لإيصال الدعم إلى الفلاح الصغير لمواجهة الجفاف
توالي سنوات الجفاف يواصل الضغط على القطاع الفلاحي بالبلاد، حيث يكون الفلاحون الصغار أكثر تضررا من تبعات شح التساقطات التي خيمت على البلاد خلال السنوات الأخيرة. وإذا كانت الحكومة تعمد إلى تخصيص دعم يقدر بمليارات الدراهم للحد من تداعيات الوضع فإن الكثير من المنتمين إلى هذه الفئة يشتكون دائما من عدم توصلهم بأي نصيب من الدعم الحكومي المهم.
وأعاد توقيع اتفاقية إطار بين الحكومة ومهنيي قطاع الفلاحة، الثلاثاء الماضي، تتعلق بالبرنامج الاستباقي للحد من تأثير نقص التساقطات المطرية والظرفية العالمية على النشاط الفلاحي، الذي يدخل في إطار تنفيذ التعليمات الملكية لتنزيل برنامج دعم الفلاحين، موضوع استفادة الفلاحين الصغار من الدعم إلى الواجهة مرة أخرى.
وكانت السنة الماضية، التي عرفت تخصيص دعم مماثل للحد من تداعيات وآثار الجفاف، سجلت تذمرا في أوساط الفلاحين الصغار الذين اشتكوا من عدم استفادتهم من الدعم الحكومي، متهمين الفلاحين الكبار بالاستحواذ عليه في ظل تعقيد مساطر الاستفادة وطريقة توزيع الحصص الخاصة بكل منطقة وإقليم.
تفاصيل البرنامج
البرنامج، الذي أعدته الحكومة من أجل التخفيف من آثار الجفاف والتقلبات الظرفية وإعادة التوازن لسلاسل الإنتاج، خصص له غلاف مالي يقدر بـ10 مليارات درهم. وسيشمل هذا البرنامج ثلاثة محاور تتمثل في: حماية الرصيد الحيواني، وحماية الرصيد النباتي ودعم سلاسل الإنتاج، وتعزيز قدرات تمويل القرض الفلاحي.
ووفق الاتفاقية الموقعة بين الحكومة ومهنيي القطاع، ستخصص 5 مليارات درهم لحماية الرصيد الحيواني، من خلال دعم الشعير والأعلاف المستوردة المخصصة للمواشي والدواجن، و4 مليارات درهم لحماية الرصيد النباتي ودعم سلاسل الإنتاج لدعم أثمنة بعض المواد الأولية كالبذور والأسمدة، بغية خفض كلفة إنتاج مجموعة من الخضر والفواكه؛ في حين سيتم رصد مليار درهم لتعزيز القدرة المالية لبنك القرض الفلاحي من أجل دعم الفلاحين.
ومن أجل خفض كلفة إنتاج مجموعة من الخضر الأساسية التي عرفت أسعارها ارتفاعا بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية خاصة البذور والأسمدة، سيتم بموجب هذا البرنامج تخصيص دعم لبذور وشتائل الطماطم في حدود مليار درهم، ودعم مالي في حدود 580 مليون درهم لبذور البطاطس المعتمدة، و120 مليون درهم لخفض كلفة إنتاج البصل عبر دعم اقتناء البذور، كما سيتم رصد 2,3 مليارات درهم لدعم الأسمدة التي ارتفعت أسعارها بفعل الظرفية الحالية.
تخوفات مشروعة
طيلة هذه الأيام، لا حديث يعلو في الأوساط الفلاحية إلا عن الدعم المتوقع وطريقة الوصول إليه، وسط تخوفات من تكرار سيناريوهات السنوات الماضية التي كان نصيب الفلاحين الصغار منها لا يسمن ولا يغني من جوع.
يحكي محمد الباهي، وهو فلاح من ضواحي مدينة سيدي قاسم، لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه يملك 4 بقرات وعجلين، كان نصيبه من الشعير المدعم خلال السنة الماضية عبارة عن 3 قناطير، مؤكدا أن هذه الكمية بالكاد تغطي 10 أيام من العلف الذي يستهلكه.
وأضاف الباهي بنبرة لا تخلو من سخرية: “إذا كان مثل السنة الماضية، غير بصحتهم به”، في إشارة إلى عدم رضاه عن مستوى وحجم الدعم الذي يصل إلى الفلاحين الصغار من المليارات التي يعلن عنها.
التخوف الذي عبر عنه الباهي يتقاسمه معه العديد من الفلاحين الصغار المنتشرين بمختلف مدن وأقاليم المملكة، الذي كان نصيبهم أقل من 5 قناطير من الشعير المدعم، والذي شابت عملية توزيعه مجموعة من الاختلالات؛ من بينها استحواذ كبار الفلاحين والتجار على كميات كبيرة منه.
منهجية جديدة
رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (COMADER)، الذي كان أحد الموقعين على الاتفاقية الإطار مع الحكومة، أكد، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن عملية توزيع الشعير المدعم خلال هذه السنة ستكون مغايرة للسنوات الماضية.
وأضاف بنعلي أن جميع الفلاحين بمختلف المناطق سيكون من السهل عليهم الوصول إلى الشعير المدعم، والذي سيحدد ثمنه في 200 درهم للقنطار الواحد، مؤكدا أن تدبير هذه العملية ما زال العمل جاريا على تحديد الطريقة المثلى لتطبيقها.
وأفاد بنعلي بأن الاتفاق ينص على إقرار انخفاض مهم في أسعار الأعلاف المركبة الموجهة للاستهلاك الخاص بأصناف البقر المنتج للحليب، لافتا إلى أن هذه العملية سيجري تدبيرها من خلال التعاونيات التي ينتظم فيها الفلاحون منتجي الحليب.
ولم يحدد رئيس “كومادير” قيمة الانخفاض الذي سيطرأ على أسعار الأعلاف المركبة، في الوقت الذي تحدث عن إمكانية خفض الدعم المقدم لسلسلة إنتاج الطماطم بـ75 ألف درهم في البيوت المغطاة للهكتار، و40 ألف درهم في الزراعة العادية.
كما أبرز بنعلي أن التراجع المرتقب للأسعار سيشمل أسعار الأسمدة بالسوق الوطنية، من دون تحديد قيمة هذا الانخفاض، والذي يبدو أنه لم يتفق عليه بعد، مشسرا إلى أن الأيام المقبلة ستعرف عقد اجتماعات بين مسؤولي وزارة الفلاحة والجمعيات المهنية لتحديد كيفية تنزيل الاتفاق الموقع بين الطرفين.