مواجهة الخطاب المتطرف ضرورة .. والأمن الروحي ليس “بروباغندا”
دعا محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، الباحثُ في الدراسات الإسلامية، إلى رسم حدود للفاعل الديني، في ظل الفوضى التي تشوب استعمال الخطاب الديني في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، حيث يجري ترويج خطاب ديني تكون له تأثيرات سلبية على المجتمع.
وقال رفيقي، في ندوة نظمها “مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة” حول موضوع “الخطاب الديني والأمن الروحي: المعادلة الكبرى”، إن عددا من الفتاوى التي تروج اليوم في مواقع التواصل “لا يمكن إدخالها في إطار حرية الرأي والتعبير، لأنها تتضمن خطابا دينيا يمكن أن يدمر المجتمع”.
وأضاف: “حين نكون إزاء خطاب ديني يؤدي إلى التطرف والعنف أو التشدد الديني، أو خطاب يحض صاحبه على حرمة تمدرس الفتاة لأن المدرسة فيها اختلاط… فيجب أن توضع للفاعل الديني نوع من الحدود”.
واعتبر أبو حفص أن “الحديث عن الأمن الروحي ليس مجرد بروباغندا، بل هو هدف كان مطلوبا خلال كل فترات التاريخ الإسلامي، واستُحدثت آليات للمحافظة عليه، لاسيما في العصور الأولى للإسلام وما عرفته من ظهور فرَق وطوائف، من أجل تحقيق وحدة الدولة الإسلامية”.
وشدد على أن الأمن الروحي لدى قادة الدولة الإسلامية كان في المقام الأول هدفا سياسيا، أكثر منه هدفا دينيا.
رفيقي ذهب إلى القول إن آلية “الإجماع” التي تم إحداثها من أجل تحقيق الأمن الروحي لدى المسلمين ليس ثمة ما يسندها من الناحية الشرعية، رغم أن الأصوليين اعتبروا أن المخالف للإجماع كافر، مضيفا: “عندما نرجع إلى الأصول النصية، ولو بحثنا عن مستند يعتبر الإجماع واجبا لما وجدناه”.
وأوضح أن الإمام الشافعي “الذي ابتدع الإجماع، جاءته امرأة وطالبته بدليل لهذا المبدأ، فقال لها أمهليني ثلاثة أيام، وبعد ذلك قال إن الدين هو الآية (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى)”، وعلق رفيقي بأن “هذا دليل لا علاقة له بموضوع الإجماع”.
وزاد موضحا: “رغم ضعف الأدلة التي ثُبت بها الإجماع، إلا أنه ضُخّم لأن هناك حاجة سياسية لتحقيق التسييج العقدي لتحقيق مبدأ الجماعة، ومن هنا أيضا جاء المذهب المالكي لكي تحافظ الدولة على نوع من التوحيد”.
علاقة بذلك، قال رفيقي إن المغاربة تصادموا مع الإسلام لما جاء في نسخه الأولى، قبل أن يتقبلوه مع المذهب المالكي، الذي كان عاملا مساعدا، لكونه يتضمن أمورا قريبة من الأعراف التي كانت سائدة في ذلك العصر.
وعلى الرغم من تأكيده أهمية الأمن الروحي، إلا أن رفيقي لفت إلى أن الأخير لا يمكن أن يؤدي الوظيفة نفسها التي كان يؤديها في الماضي، “لأن الدولة تغيرت، وانتقلت من دولة سلطانية إلى دولة حديثة، والسلطة الدينية عادت إلى مربعها العادي”.
وتساءل المتحدث ذاته: “هل شباب اليوم يعرفون العقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي وما فائدتهما وما موقعهما اليوم في واقعنا وماذا يستفيد منهما المواطن؟”، مجيبا: “إن الشباب اليوم أبعد ما يكونون عن هذه المسائل”.