مصر واليونان علاقات تاريخية وثقتها أساور والدة «خوفو»
كشفت دراسة حديثة نشرها موقع «لايف ساينس» العلمي، عن وجود نسبة من الفضة في أساور الملكة حتب حرس أم الملك خوفو باني الهرم الأكبر بمصر، الأمر الذي يدل على علاقات تجارية كانت موجودة قديماً بين مصر واليونان.
وبينت الدراسة وجود عنصر الفضة وكلوريد الفضة في أساور الملكة حتب حرس أم الملك خوفو وزوجة الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة.
من جانبه، أوضح شريف شعبان، المسؤول بوزارة السياحة والآثار المصرية والمحاضر في كلية الآثار جامعة القاهرة، أن هذه الدراسة أحدثت تغييراً في الأوساط الثقافية والتاريخية والأثرية، لأن الفضة كانت من العناصر النادرة في الحضارة المصرية القديمة، وفقاً ل سكاي نيوز عربية.
وأشار شعبان إلى أن هذه الأساور وجدت في 1925 في مقبرة الملكة حتب حرس، ووجدها المكتشف الأمريكي، جورج رايزنر، وقد قسمت محتويات المقبرة ما بين المتحف المصري في القاهرة ومتحف بوسطن للفنون الجميلة في الولايات المتحدة، وكان من ضمنها هذه الأساور التي جرى عليها البحث.
وأضاف أن اكتشاف الفضة في الألفية الرابعة قبل الميلاد يدل على وجود علاقات اقتصادية وتجارية بين مصر واليونان، حيث كانت الأخيرة مصدر صناعة وتصدير الفضة، وكانت لديها أسواق تجارية ضخمة في جنوب حوض البحر المتوسط.
وتابع أنه من المرجح أن مصر قد عقدت صفقات تجارية مع اليونان من خلال وسيط تجاري أو مركز وسيط، وهي مدينة جبيل أو بيبلوس في لبنان. ومن المعروف أن الملك سينفرو أبو الملك خوفو كان يستجلب شجر الأرز من جبيل، لصناعة أبواب المعابد والأجزاء الداخلية الخشبية للأهرامات.
وحول أهمية هذا الاكتشاف قال الباحث والخبير في الآثار المصرية، إن الفضة لم تكن منتشرة في مصر، فالمصريون القدماء لم يعرفوا الفضة إلا في القرن التاسع أو العاشر قبل الميلاد، بعكس معادن أخرى ثمينة مثل الذهب الذي كان يصل من بلاد النوبة، وكذلك الأحجار الكريمة التي كانت في معظمها موجودة في الأراضي المصرية، إلا أن بعض المعادن الثمينة كانت مصر تستوردها من الخارج مثل الفضة.
وأوضح أن الدراسة تكشف أن الحضارة المصرية القديمة كانت على دراية بتجارة واسعة النشاط مع بلاد اليونان بشكل غير مباشر منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، على عكس ما كان يعتقد أن هذه العلاقة كانت من القرن التاسع الثامن قبل الميلاد، عندما بدأت مصر التعاون مع المرتزقة الإغريق في هذه الفترة.
كما تكشف عمق العلاقات بين مصر واليونان، وأن مصر كان لديها باع تجاري منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد.
ولفت شريف شعبان المحاضر بكلية الآثار جامعة القاهرة إلى أن هذه الدراسة ليست اكتشافاً أثرياً جديداً، وإنما إعادة اكتشاف مجموعة من الآثار الموجودة سابقاً عن طريق الدراسة والأبحاث العلمية، مما يمكّن من إعادة ترتيب أحداث التاريخ بفضل العلم المتطور وأساليبه التي تساعد على إجراء أبحاث على القطع الأثرية.