آخر خبر

كهرباء من ماء البحر | صحيفة مكة


عندما كنت طالبا في مرحلتي المدرسية، وأنا أقرأ كتاب الله لأقف عند الآية 30 من سورة الأنبياء في قوله تعالى (أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون)، وجدت حينها أن الأمر منطقي ومرتبط بشرب الماء.

في حقيقة الأمر لم أدقق كثيرا بأن الآية الكريمة شملت الماء العذب والمالح. بعد ما أضافته لي السنوات منذ ذلك الحين، وجدت نعما كثيرة في هذه الآية الكريمة.

واحدة من تلك النعم ولتتخيل عزيزي بعد نعمة الماء، هي خط دفاع رئيس يعمل في هذه اللحظة لمواجهة ارتفاع الحرارة في المناخ، حيث إن المحيطات قد امتصت 90% من تزايد الحرارة الحاصل في العقود الأخيرة بسبب زيادة الغازات الدفيئة.

المحيط الذي يغطي 70% من الأرض له فوائد متنوعة من تنظيم مناخ الأرض، وتوفر موطنا لمجموعة متنوعة من الحياة، وهو مصدر رئيس للغذاء والوظائف للبشر. ليس ذلك فحسب، بل نجد له أيضا فائدة جديدة في تخزين الطاقة الكهربائية.

لا يخفى علينا جميعا أن هناك حاجة لأنظمة تخزين الطاقة (ESS) في شبكات الكهرباء، وذلك لتوفير الاستقرار والتوازن، وزيادة ربط الطاقة المتجددة بشبكة الكهرباء، وتقليل ذروة الطلب.

طالما أننا تحدثنا عن تخزين الطاقة، أود أن أنوه بأن هناك عدة أنواع لتخزين الطاقة ومن أشهرها بطاريات الليثيوم التي لا تفارقنا أبدا في يومنا الحالي، فهي موجودة في جوالاتنا وأجهزتنا الحاسوبية وغيرها من تطبيقات مختلفة.

لكن تأتي تقنية قديمة جدا تدعى بطاريات التدفق Flow Batteries التي بدأت قبل أكثر من 100 عام وتطورت تدريجيا حتى أصبحت تنافس بطاريات الليثيوم.

أحدث تطور قرأته عن هذه البطاريات ضمن اطلاعاتي على الطاقة والطاقة المتجددة كان قبل عدة أيام، حيث قامت إحدى الشركات التقنية باستخدام ماء البحر في هذه البطاريات ليصبح اسمها بطاريات تدفق المياه المالحة Sea Water Flow Batteries.

هذه الإضافة حسنت هذا النوع من البطاريات لتكون منافسا شرسا لبطاريات الليثيوم. في هذا السياق، عادة ما نختار التقنية الأفضل بناء على التطبيقات ومعطياته.

كي نفهم الفكرة بشكل أكبر، سأستعرض المقارنة بين التقنيتين بناء على أهم العناصر المطلوبة في اختيار النوع المناسب لطرق تخزين الطاقة:

كثافة الطاقة: بطاريات تدفق المياه المالحة لها كثافة طاقة أقل من بطاريات الليثيوم، مما يعني أن بطاريات الليثيوم أفضل؛ لأنها تحتاج إلى مساحة أقل.

قابلية التوسع: بطاريات تدفق المياه المالحة قابلة للتطوير، حيث يمكن زيادة حجم البطارية ببساطة عن طريق تكبير حجم الخزانات.

بينما في بطاريات الليثيوم حجم البطارية الواحدة ثابت بعد التصنيع والتركيب.

التكلفة: بطاريات تدفق المياه المالحة رخيصة الثمن نسبيا بالمقارنة مع بطاريات الليثيوم.

معدل الشحن والتفريغ: بطاريات تدفق المياه المالحة لها معدل شحن وتفريغ أبطأ من بطاريات الليثيوم.

الأمان: تعتبر بطاريات تدفق المياه المالحة آمنة.

الأثر البيئي: بطاريات تدفق المياه المالحة لها تأثير بيئي منخفض.

الصيانة: غالبا ما تكون بطاريات تدفق المياه المالحة بحاجة إلى صيانة دورية أكثر من بطاريات الليثيوم؛ لأنها تعتمد على أجزاء ميكانيكية مثل المضخات.

من حيث التطبيقات تعد بطاريات تدفق المياه المالحة مناسبة للتطبيقات التي تكون فيها قابلية التوسع ذات أهمية عالية، مثل التخزين على نطاق شبكة الكهرباء، كما أنها خيار جيد للتطبيقات التي تكون التكلفة فيها عاملا رئيسا، مثل أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خارج الشبكة.

أما بطاريات الليثيوم فهي مناسبة للتطبيقات التي تكون فيها كثافة الطاقة العالية ذات أهمية، مثل المركبات الكهربائية والالكترونيات المحمولة، كما أنها خيار جيد للتطبيقات التي يكون فيها الشحن السريع والتفريغ مهما، مثل أنظمة الطاقة الاحتياطية.

إن بطاريات تدفق المياه المالحة وبطاريات الليثيوم كلاهما من تقنيات تخزين الطاقة الواعدة. من المهم أن نفكر في الخيار الأفضل لمملكتنا الحبيبة خصوصا وأننا نملك ذلك العنصر المهم وهو الماء المحاطون به من عدة جهات وهذه نعمة أكرمنا المولى بها.

HUSSAINBASSI@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى