آخر خبر

جريمة الاتجار بالأشخاص في بيئة العمل


تعد جريمة الاتجار بالأشخاص مظهرا خطيرا من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان وأعنف أشكال التعدي على كرامة البشر وهي أسرع القضايا نموا على الساحة الدولية، حيث إنها باتت تمثل ثالث أكبر تجارة إجرامية غير مشروعة في العالم بعد تجارة المخدرات وتجارة السلاح، تحقق أنشطتها أرباحا طائلة تقدر بالمليارات وذلك على حساب أكثر فئات المجتمع عرضة للاستغلال وهما النساء والأطفال.

الاتجار بالبشر من أقدم الممارسات ذات السمعة السيئة والأثر البالغ على الإنسانية والتي لا تزال قائمة إلى عصرنا هذا! فبعد أن كانت تقتصر على تجارة الرقيق الذين يتم بيعهم في سوق النخاسة بعد أسرهم في الحروب أو بعد بخطفهم من ذويهم تطورت الآن وأصبحت ذات أبعاد وصور كثيرة يجمعها ركن مفترض وهو ركن الاستغلال.

وما نطرحه جديدا في هذا المقال أن استغلال الموظف في بيئة العمل من قبل صاحب العمل أو مديره المباشر ونحوه ممن له سلطة عليه بحيث يستغله في إنجاز أعمال شخصية له أو يقضي له لوازمه الخاصة به مثل إحضار الإعاشة لمنزل صاحب العمل أو تخليص بعض المعاملات أو الإشراف على أعماله الخاصة أو غيرها مما يدخل فيه بعد الاستغلال أو تكليفه بأعمال جوهرية هي من صلب أعمال مديره المباشر – مثلا – بقصد حماية بقائه في منصبه أو يظهر بصورة (السوبر مان) الذي قامت المنظمة على إنجازاته وغيرها من صور الاستغلال القسري وذلك تحت ضغط حاجة العامل إلى الوظيفة وخوفه الشديد من خطة قلم تنهي عقده ثم يعود مرة أخرى يئن تحت أنقاض البطالة!

هذه الفرضية التي وضعتها – ببساطة – اعتبرها المنظم السعودي من الصور التي تعد من جرائم الاتجار بالأشخاص فقد نصت المادة الـ2 من نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 40 بتاريخ

21 / 7 / 1430هـ على أنه يحظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعة أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرا، أو التسول، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه.

المتأمل لنص المادة سابقة يجد سلوك يجرمه المنظم السعودي لسبب أنه يمس كرامة الإنسان وهو استغلال الوظيفة أو النفوذ أو إساءة استعمال سلطة، جميع هذه الممارسات تقع في كثير من الأحيان خصوصا إذا كان العامل أو الموظف يجهل ما هي حقوقه كإنسان وما هي حقوقه كعامل ضمن له نظام العمل حماية حقوقه من الإهدار، بل نصت المادة الـ5 من النظام أنه لا يعتد برضا المجني عليه في أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها بمعنى ولو كان العامل رضي إكراها بأداء عمل يكتسب منه صاحب العمل بطريقة غير مشروعة أو يستغل من قبل مديره المباشرة لتكسب أي منفعة شخصية أو ربحية فإن هذا الرضا لا يعتبر إقرارا من الضحية، ولذا فإن مثل هذا التصرف غير الأخلاقي والمجرم في النظام عقوبته كما نصت عليه المادة الـ3 من النظام السجن مدة لا تزيد على (خمس عشرة) سنة، أو بغرامة لا تزيد على (مليون) ريال، أو بهما معا.

ويبقى عبء الإثبات على من ظهرت له مثل هذه الجرائم وسط بيئة العمل أو الضحية بنفسه والحل موجود لمن تعرض إلى استغلال غير مشروع نظاما، أن يتوجه إلى الإدارة المعنية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وهي إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص للنظر فيما تعرض له وكيفية علاجه بالطرق القانونية.

ختاما: بعض فقهاء القانون يعرفون الاتجار بالأشخاص من خلال التركيز على الغرض من هذه الجريمة وهي التربح أو التكسب غير المشروع بكافة صوره بمعنى أي فعل يقع على إنسان دون رضاه من خلال أي وسيلة قسرية بهدف استغلاله ماديا وتحقيق الربح منه يعد متاجرة بهذا الإنسان المستغل!

expert_55@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى