الأفكار السلبية تخلق حلقة مفرغة بدماغك.. وهذه الحلول لكسرها
هل سبق لك أن ركزت على القدر الضئيل من السلبية في موقف ما وتجاهلت كل الإيجابية؟ هذا الأمر حالة شائعة وليست استثنائية، وهناك تفسير علمي لذلك. وانطلاقاً من ذلك، يمكن فهم الميل نحو السلبية ومكافحته. وفي هذا السياق، شرح تقرير نشره موقع New Trader U، استراتيجية تهدف لتغيير طريقة التفكير هذه.
فهم التحيز السلبي
التحيز السلبي هو مبدأ نفسي يشير إلى أن البشر من المرجح أن يتذكروا ويتأثروا بالتجارب السلبية أكثر من الإيجابية. يمكن رؤيته في جوانب مختلفة من حياتنا، من التفاعل مع الآخرين إلى إدراك العالم من حولنا.
واحتاج أسلافنا إلى التحيز السلبي للبقاء على قيد الحياة. في عصور ما قبل التاريخ، كان التعامل مع الأخطار المحتملة، مثل الحيوانات المفترسة أو التهديدات من القبائل الأخرى، مسألة حياة أو موت. وهكذا تطور دماغ الإنسان لإعطاء الأولوية لهذه التجارب السلبية، حيث كان لها آثار كبيرة تساعد على البقاء على قيد الحياة.
تدعم العديد من الدراسات العلمية وجود التحيز السلبي وقد أظهرت الأبحاث أن الدماغ يتفاعل بقوة أكبر مع المنبهات الضارة.
يؤثر التحيز السلبي بشكل كبير على علاقات الإنسان، خاصةً في ما يخص الانتقادات أو الخلافات التي يمكن أن تلقي بظلالها على الجوانب الإيجابية للعلاقات الاجتماعية.
كما يمكن أن يؤثر التحيز السلبي على عملية صنع القرار وتقييم المخاطر، مما يجعل الشخص أكثر حذراً وهو ما يمكن أن يعيق اتخاذه قرارات بالمخاطرة المفيدة المحتملة.
حلقة مفرغة
يمكن للسلبية المزمنة أن تمهد الطريق لمشاكل الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب. وكلما ركز الشخص على الأفكار السلبية، زاد تغذية الميل إلى الأفكار السلبية، مما يخلق حلقة مفرغة يمكن أن يكون من الصعب كسرها.
(تعبيرية)
وحلقة التفكير السلبي هي حلقة من الأفكار والمشاعر السلبية التي يمكن أن تكون ذاتية الاستمرارية ويصعب كسرها. تبدأ العملية غالباً بفكرة أو حدث سلبي واحد. على سبيل المثال، يمكن أن يرتكب الشخص خطأً بسيطاً في العمل، وبدلاً من الاعتراف به كخطأ بشري، يبدأ في التفكير بشكل سلبي فيه ويتشكك في كفاءته أو قيمته.
تثير هذه الأفكار السلبية المشاعر السلبية، مثل القلق أو الحزن. وبدورها تؤدي هذه المشاعر إلى المزيد من الأفكار السلبية، مما يخلق حلقة مفرغة لانهائية من ردود الفعل. وكلما تفاعل الشخص مع هذه الأفكار السلبية، زادت تقويتها لنفسها وبدت أكثر واقعية.
على سبيل المثال، إذا كان الشخص قلقاً بشأن عرض تقديمي في العمل، فربما يفكر بأنه سيفشل في أدائه كما ينبغي. يمكن أن يثير هذا التفكير القلق، مما يؤدي إلى أفكار سلبية مثل أن الشخص غير جيد في عمله أو أن زملاءه سيفقدون تقديرهم له. يمكن أن تتصاعد هذه الأفكار والمشاعر، كل منها يتغذى ويزيد الآخر تفاقماً، مما يخلق حلقة من السلبية يصعب كسرها.
ويمكن أن يصبح هذا النمط راسخاً. كما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى سلوكيات التجنب، حيث يمكن أن يبدأ الشخص في تجنب المواقف أو المهام التي تربطه بهذه الأفكار والمشاعر السلبية، مما يمكن أن يعزز الحلقة بشكل أكبر. في أغلب الأحوال، يتطلب كسر هذه الحلقة جهوداً واعية واستراتيجيات مثل العلاج السلوكي المعرفي CBT واليقظة والتحدث الذاتي الإيجابي.
استراتيجيات للتغلب على التحيز السلبي
وإدراك التحيز السلبي يعتبر الخطوة الأولى نحو التغلب عليه. وفيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية للتغلب عليه:
-العلاج السلوكي المعرفي: العلاج المعرفي السلوكي هو نهج علاجي يساعد الأفراد على تحدي وتغيير الأفكار والسلوكيات والاستجابات العاطفية غير المفيدة. يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في مواجهة التحيز السلبي عن طريق تغيير تصورنا للأحداث السلبية.
-اليقظة والتأمل: يمكن أن تساعدنا هذه الممارسات على البقاء حاضرين وتجنب الضياع في الأفكار السلبية، لأنها تشجع على قبول مشاعرنا دون إصدار أحكام، وتعزيز منظور متوازن.
-التفاعلات الاجتماعية الإيجابية وتحسين البيئة المحيطة: إحاطة أنفسنا بأفراد وبيئات إيجابية يمكن أن يساعد في التخفيف من التحيز السلبي. يمكن أن تكون التجارب والعواطف الإيجابية، عند مشاركتها، بمثابة حاجز قوي ضد السلبية.
-ممارسة الرياضة البدنية ونمط الحياة الصحي: يمكن للتمارين الرياضية المنتظمة والنظام الغذائي المتوازن أن يعزز مزاجنا ويساعدنا في الحفاظ على نظرة إيجابية.
(تعبيرية)
المرونة العصبية
يذكر أن دماغ الإنسان غير ساكن ويمكن أن يتغير. وتشير المرونة العصبية إلى قدرة الدماغ على إعادة تنظيم نفسه من خلال تكوين روابط عصبية جديدة في جميع أنحاء الجسم. وقد أظهرت الأبحاث أن التمارين الإيجابية، مثل التعبير عن الامتنان أو ممارسة اليقظة، يمكن أن تعيد توصيل الروابط العصبية في العقل وتقلل من التحيز السلبي.
يمكن أن يؤدي تنفيذ هذه التمارين في الروتين اليومي، مثل الاحتفاظ بدفتر لتسجيل نقاط بسيطة عما يشعر الشخص بالامتنان لوجوده في حياته أو التأمل لبضع دقائق يومياً، إلى تغييرات جوهرية.
وللتحرر من التحيز السلبي فوائد عميقة حيث يمكن أن يؤدي إلى تحسين الرفاهية العقلية وتعزيز علاقاتنا وقدراتنا على اتخاذ القرار ونوعية الحياة بشكل عام. ويسمح اعتماد الشخص منظور أكثر توازناً باحتضان الطيف الكامل لتجربته الإنسانية دون العبء السلبي للسلبية.