اشتباكات السودان: واشنطن والرياض تعلنان تعليق محادثات جدة بين طرفي الصراع
أعلنت الولايات المتحدة والسعودية في بيان مشترك تعليق محادثات السلام في جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وانتقد البيان بشدة أفعال طرفي الصراع في السودان واتهمهما بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار وعرقلة جهود الإغاثة والتهدئة.
بيد أن البيان أشار إلى استمرار التواصل بين الدولتين الراعيتين للمحادثات، الولايات المتحدة والسعودية، وطرفي النزاع من أجل بناء الثقة واستئناف المفاوضات.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية على طرفي الصراع في السودان يوم الخميس، وجددت دعمها للشعب السوداني وحرصها على إنهاء الصراع والسعي إلى تأسيس حكومة مدنية.
وفرضت واشنطن عقوبات على شركات اتهمتها بتأجيج الصراع في السودان، وشددت الضغط على الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بغية وقف المعارك الدائرة في الخرطوم ومناطق أخرى.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها استهدفت شركتين ذات صلة بالجيش، بما في ذلك أكبر مؤسسة دفاعية في البلاد، وشركتين ذات صلة بقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بما في ذلك شركة تورطت في تعدين الذهب.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لصحفيين، بشرط عدم ذكر اسمه: “لن نتردد في اتخاذ خطوات إضافية، إذا استمر الطرفان في تدمير بلدهم”.
وأضاف المسؤول: “استهداف الشركات ليس رمزيا على الإطلاق”، وقال إن الإجراءات تهدف إلى تضييق الخناق على الأطراف من أجل عدم الوصول إلى أسلحة وموارد تسمح لهم بمواصلة الصراع.
ولم يرد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على طلبات للتعليق.
وأدى الصراع، الذي اندلع في 15 أبريل/ نيسان الماضي، إلى مقتل المئات، كما دفع ما يزيد على 1.6 مليون شخص إلى الفرار وتحويل المدن الثلاث، الخرطوم وأم درمان وبحري، إلى منطقة حرب.
وقال سكان إنهم سمعوا دوي نيران مدفعية ثقيلة في شمالي أم درمان، وإطلاق نار متقطع في جنوبي بحري، على الرغم من اتفاق الهدنة الذي من المقرر أن ينتهي مساء السبت.
وقال نادر أحمد، البالغ من العمر 49 عاما، في حي الثورة في مدينة أم درمان: “نشعر برعب من أصوات المدفعية الثقيلة حولنا، المنزل يهتز، أين هو وقف إطلاق النار هذا الذي نسمع عنه؟”
كما استمرت الاشتباكات بالقرب من سوق في جنوبي الخرطوم، وقُتل نحو 19 شخصا وأصيب 106 أشخاص يوم الأربعاء، بحسب عضو في لجنة أحياء محلية.
عقوبات صارمة
تقود الولايات المتحدة والسعودية جهودا تهدف إلى تأمين وقف فعّال لإطلاق النار من خلال محادثات جدة، على الرغم من انتهاك الطرفين اتفاقات سابقة للهدنة.
وقالت الرياض وواشنطن في ساعة متأخرة مساء الخميس إنهما علقتا المحادثات بعد يوم من إعلان الجيش السوداني تعليق مشاركته.
وتعد العقوبات، أول إجراءات عقابية تُفرض بموجب أمر تنفيذي وقعه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في مايو/أيار، وتستهدف أكبر مؤسسة دفاعية في السودان، “منظومة الصناعات الدفاعية”، التي قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها تحقق عائدات تصل إلى نحو ملياري دولار، وتقوم بتصنيع أسلحة ومعدات أخرى للجيش السوداني.
كما فرضت عقوبات على شركة الأسلحة “جياد”، التي تُعرف أيضا باسم “سودان ماستر تكنولوجي”.
وفرضت واشنطن عقوبات على مجموعة “الجنيد”، وهي على صلة بقوات الدعم السريع، وقالت إنها متورطة في تعدين الذهب، ويسيطر عليها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وشقيقه، وكذلك شركة “تريديف” للتجارة العامة، التي قالت إنها شركة واجهة يسيطر عليها شقيق آخر. وهي متورطة في شراء مركبات لقوات الدعم السريع.
ولم يتسن على الفور التواصل مع الشركات للتعليق، التي تعد جميعها كيانات أساسية لأنشطة أعمال ومشتريات كلا القوتين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إن بلاده فرضت قيودا على التأشيرات استهدفت عددا من الأفراد في السودان، من بينهم مسؤولون في الجيش وقوات الدعم السريع وقادة كانوا في حكومة عمر البشير، الذي أطيح به قبل أربع سنوات. ولم يُكشف بعد عن أسماء الأشخاص الذين استهدفتهم قيود التأشيرات.
“طلقة تحذيرية”
اندلعت اشتباكات خارج الخرطوم في مدن رئيسية في إقليم دارفور غربي البلاد، وقالت جماعة حقوقية إقليمية إن نحو 50 شخصا قُتلوا الأسبوع الماضي في مدينة الجنينة في أقصى غربي البلاد، والتي انقطعت عنها الاتصالات منذ ما يزيد على عشرة أيام.
وأضافت الجماعة الحقوقية أنه في مدينة أخرى في دارفور، زالنجي، تعرضت المستشفى والجامعة لأعمال نهب، وأن الناس قُتلوا “بشكل عشوائي”.
وكان بعض مسؤولي الحكومة قد انتقلوا إلى مدينة بورتسودان الواقعة على ساحل البحر الأحمر التي يسيطر عليها الجيش، والتي أصبحت مقرا للأمم المتحدة، ومنظمات الإغاثة، والدبلوماسيين.
بيد أن حظرا للتجول أُعلن في المدينة الأسبوع الجاري، بعد أن حذر الجيش من وجود “خلايا نائمة”، وقال سكان إن حافلات مُنعت من دخول المدينة، وهي نقطة إجلاء رئيسية.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه في الأبيض، وهي مركز إقليمي جنوب غربي الخرطوم، تتعرض المواد الغذائية للنهب.
وقالت سيندي ماكين، مديرة البرنامج: “غذاء يكفي 4.4 مليون شخص معرض للخطر”.
وقال كاميرون هدسون، مسؤول أمريكي سابق يعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن العقوبات سيكون لها تأثير ضئيل على قدرة الطرفين على مواصلة المعارك، ولن تنفذها روسيا أو الإمارات، اللتان تربطهما علاقة بقوات الدعم السريع.
وأضاف: “من الصعب الاعتقاد في أن إعلان العقوبات هذا هو الشيء الذي سيثني الكيانات التي تتعامل بالفعل مع هذه الشركات عن الاستمرار”.
وقال هدسون: “يبدو هذا أشبه بطلقة تحذيرية أكثر من ضربة مباشرة، وهو أمر غريب نظرا لأننا قد تجاوزنا وقتا طويلا كان يتعين استخدام طلقات تحذيرية فيه”.