منوعات

«فاست إكس».. بداية نهاية «فاست أند فوريوس»



مارلين سلوم

ما الذي لم يقله بعد مؤلفو هذه السلسلة ويستحق منهم العودة بفيلم جديد يراهنون من خلاله على كسب ود جمهور جديد وإرضاء الجمهور القديم؟ وما الذي يستحق أن يكون مسك الختام لهذه السلسلة التي جذبت الشباب لدرجة «الهوس» وصارت في وقت ما النموذج الذي يحبون تقليده في التحدي وسباق السيارات الجنوني والمغامرات؟ «فاست أند فوريوس» أو «سريع وغاضب» الذي انطلق بفيلم عام 2001 ثم تحول إلى سلسلة أفلام تنافس نفسها وتحاول التطور مع كل عمل جديد، وصلت إلى نقطة النهاية مع الفصل العاشر «فاست إكس» المعروض حالياً في الصالات، وكأنهم يترددون في توديع المشاهدين، فارتأى المؤلفون أن يمتد العمل الأخير إلى ثلاثة أجزاء، مع المحافظة على نفس المسافة التي اعتادوا عليها، إنتاج فيلم كل عامين، ما يعني أن «فاست إكس» هو بداية النهاية، والتشويق مضمون، ولأول مرة النهاية عبارة عن مجموعة مشاهد غير مكتملة تفتح الطريق أمام أحداث كثيرة وتساؤلات كبيرة.

من يتذكر أين وكيف انتهى الفيلم التاسع؟ لا حاجة لذلك، فالمؤلفون وكتّاب السيناريو دان مازو، جاري سكوت طومسون وجاستن لين -الذي أخرج أجزاء سابقة واكتفى هنا بالكتابة- أعادونا في أول مشهد إلى الأفلام القديمة وخاصة الفيلم الثامن «مصير الغاضب»، واستعانوا بلقطات ومواقف من الخامس «فاست فايف»، خلطة قديمة على تدخلات جديدة لتتشكل القصة وندخل مباشرة في تفاصيلها، نستعيد حكاية هيرمان ريس الذي سرق دوم ومجموعته خزنته بكل الثروة الضخمة التي تحتويها، مشهد لا تملك إلا أن تضحك من سرياليته، ويحلق عالياً جداً في عالم الخيال والمبالغة الساخرة في جعل مجموعة دومينيك توريتو الملقب بدوم (فان ديزل) أو كما يسمونهم «العائلة» أبطالاً خارقين في قدرتهم وقدرة سياراتهم على تحمل ما لا يتحمله بشر وحجر وحديد!. 

تذكير سريع بما حصل زمان وكيف مات ريس لنلتقط طرف خيط بداية القصة الجديدة، والتي تستند إلى عودة ابن هيرمان دانتي ريس (جايسون موموا) للانتقام من دوم ورفاقه وعائلته، من خلال تعذيبه بشتى الوسائل الإجرامية المتاحة والمفاجآت غير السارة، قبل القضاء عليه نهائياً، طبعاً كل ما نشاهده في هذا الجزء الأول من سلسلة النهاية والذي يمتد إلى ساعتين و21 دقيقة، ما هو إلا تمهيد ومرحلة تعذيب وانتقام تدريجي، على أن تأتي مرحلة القتل في الجزء التالي أي بعد عامين من الآن.

شريط الإعادة

المؤسف أن شريط الإعادة الذي ينطلق منه الفيلم لن يكون الوحيد الذي يشعرك بأن المؤلفين يلوكون أفكارهم ولا يملكون أي جديد يقدمونه، بدءاً من استعادة معظم الشخصيات التي مرت خلال الأعوام الماضية، على رأسها شخصية براين أوكونر التي تتم استعادتها في كل عمل كتحية تقدير للممثل الراحل بول ووكر، وتظهر في هذا الفيلم لأول مرة ابنته في مشهد خاطف كضيفة شرف، وصولاً إلى استعادة لقطات ومشاهد من الأعمال السابقة.. وكأن المخرج لويس ليترييه لم يجد في قماشة الفيلم ما يستحق مدّه لساعتين وثلث الساعة، فاستعان بالقديم، وأتى بكل شخصيات السلسلة ليتناوبوا على المشاركة ولو بمشهد سريع وخاطف مثلما جاء حضور النجم دوين جونسون في نهاية الفيلم سريعاً وممهداً لما هو آتٍ، كذلك حلت ضيفة شرف النجمة هيلين ميرن بدور «كويني» والحضور المميز لشارليز ثيرون بدور سيفر وجون سينا بدور العم جايكوب، وجايسون ستاثام (شو) وسكوت إيستوود بدور ليتل نوبادي، وجوردانا بوستر بدور ميا شقيقة دوم، وناتالي إيمانويل بدور رامزي.. كثرة الشخصيات التي تحيط بالبطل الأول، والأهم دوم أثرت العمل، وحجبت عنه الملل لكثرة «اجترار»، بعض الأفكار واللقطات، علماً بأن كل هذه السلسلة ترتكز على المغامرات وسباق السيارات والسرعة في القيادة واستخدام قدرات غير عادية لقيادة سيارات غير عادية بل خارقة.

روح التشويق

إذا كانت القصة تعاني من فراغ في المضمون وغياب حقيقي لمعنى القصة والحبكة، فإن المخرج لويس ليترييه برع في التصوير والإخراج وفي المحافظة على روح التشويق والقدرة على قطع أنفاس المشاهدين من المشهد الأول وحتى اللقطة الأخيرة. وما ساعد في رفع نسبة التشويق لجعل الجمهور دائم الخوف والقلق وجود طفل في الفيلم، إنه ليتل براين أو ليتل بي كما ينادونه، والذي أداه الطفل ليو أبيلو بيري بتميز، وجود الطفل تم استغلاله درامياً بشكل جيد، فدفع بالمشاهدين إلى سرعة التعاطف معه ومع والده دوم وأمه ليتي (ميشال رودريجيز).

مطاردات الشوارع

الحرب بين دوم ودانتي تعتمد على مطاردات الشوارع، بينما تعتبر مشاهد المواجهة بين سيفر (ثيرون) وليتي (رودريجيز) هي الأقوى والأجمل؛ لأنها معركة حية وجهاً لوجه بين قوتين تجسدان إلى حد ما الخير والشر، ولكنهما تنتهيان إلى الاتفاق والتوافق بعد أن تم اختطافهما ووجدتا نفسيهما في أنتركتيكا، ولا نفهم لماذا حرص المؤلفون على التنقل بين دول العالم في قصة لا تحتاج إلى كل هذا اللف والدوران، ريو دي جانيرو، لوس أنجلوس، روما، لندن، البرتغال.. ملء لفراغ المضمون وإبهار للعين، لكن الجمهور يغفر لهذه السلسلة وصناعها أي خطأ؛ لأن الشخصيات محبوبة وتحافظ على توازنها وعلى «مثاليتها» ومبادئها في تقديم العائلة والأصدقاء على أي شيء آخر مهما كانت المغريات، واللافت أن كلمة «عائلة» ذكرت 56 مرة في هذا الفيلم! كما ركز المخرج على ملامح وجه دوم الحزينة ودموعه والمواقف الإنسانية التي تجعله يخاطر بحياته من أجل الآخرين، وهو يقول مثلاً: «لا يهمني الموت بل أهتم فقط بحماية من أحبهم» وهي النقطة الأساسية التي يراهن عليها عدوه دانتي للانتقام منه من خلال اختطاف وقتل أو محاولة قتل كل من يحبهم دوم وكل أفراد أسرته.

نقطة إضافية

المفاجآت كثيرة، وكذلك المواقف التي تستدر عطف الجمهور، ويكسب جون سينا نقطة إضافية في هذا الفيلم بشخصية العم جايكوب شقيق دوم، والتي تبدو فكاهية طريفة محببة، ومتفانية مضحية بنفسها من أجل حماية ابن أخيه ليتل براين. فان ديزل يحافظ على ليونته وجاذبيته، كذلك سينا وشارليز ثيرون وميشال رودريجيز، بينما يعتبر جايسون موموا هو دينامو هذا الفيلم والأكثر قدرة على خطف الأنظار والتألق بشخصية «الشيطان» المريض النفسي والمتلاعب بكل الناس وكل شيء، ولا بد أن يستمر كذلك في الجزء الثاني وربما الثالث، وفق ما آلت إليه الأحداث وانتهت دون أن تنهي أي عقدة، ودون أن يجتمع الأطراف المتفرقون بحثاً عن حل وعن وسيلة لإنقاذ دوم والعائلة من براثن دانتي.

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى