تلاميذ المغرب في تقييم القراءة.. الهشاشة الاجتماعية تعصف بـ”مدرسة الإنصاف”
أثارت نتائج تلاميذ المغرب في تقييم تعلم القراءة “بيرلز 2021” جملة من التساؤلات والاستنتاجات، صبّت في اتجاه أن النتائج المحققة تعكس الوضعية السلبية للمنظومة التربوية المغربية.
وفي قراءته للنتائج التي حققها التلامذة المغاربة، قال رشيد جرموني، الخبير التربوي والأستاذ الباحث في علم الاجتماع، إن التقييم يبين أن المنظومة التربوية الوطنية مازالت تعاني من ضعف في هذا الجانب، كما يعيد إلى الواجهة سؤال الإنصاف في المدرسة المغربية.
جاء ذلك في ندوة نظمتها “مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم” حول نتائج تلاميذ الدول العربية في تقييم مهارة القراءة “بيرلز 2021″، شارك فيها خبراء تربويون من تونس ومصر وقطر.
وأشار جرموني إلى أن الوضعية الاجتماعية مازالت عاملا مؤثرا على أداء التلاميذ المغاربة، وهو ما يطرح سؤال مدى ضمان المدرسة المغربية للإنصاف.
ولفت الخبير التربوي المغربي إلى أن حصول 7 في المائة من التلاميذ المنتمين إلى أسر ميسورة على 452 نقطة يعكس إشكالية أن الوضعية الاجتماعية للتلاميذ هي المحددة للنجاح من عدمه، معتبرا أن الأرقام التي كشف عنها تقييم “بيرلز” في هذا الجانب تطرح سؤال: “هل المدرسة محايدة في نقل المعارف إلى التلاميذ على قدم المساواة بغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي والسوسيو اقتصادي؟”.
وأردف المتحدث ذاته: “للأسف هذا يعكس أن المدرسة تزكي الأوضاع الاجتماعية خارجها، وتكشف أن التلاميذ الذين لا يستطيعون قراءة نص بسيط من 350 كلمة هم من الفئة الاجتماعية الأكثر هشاشة”، لافتا إلى أن العوامل الخارجية مازالت تؤثر في المدرسة.
هذا الاستنتاج تزكيه المعطيات الواردة في تقييم “بيرلز”، في الشق المتعلق بالتأثير الاجتماعي على أداء التلاميذ، إذ بلغ متوسط أداء تلاميذ الأسر المصنفة في المستوى العالي 457 نقطة، ومتوسط أداء المستوى المتوسط 401 نقطة؛ في حين كان متوسط أداء تلاميذ المستوى المنخفض 364 نقطة.
وذهب جرموني إلى القول إن نتائج تلاميذ المغرب هي “تقييم فاضح يفضح المنظومة التربوية المغربية، ويسائل المنظومات العربية، التي لم تتعدّ عتبة 500 نقطة، ولم تصل إلى ما كان مأمولا رغم إمكانياتها الكبيرة”.
وأظهرت نتائج تقييم “بيرلز” ضعف تحكّم التلاميذ المغاربة في الكفايات (مستويات الأداء) مقارنة مع المعدل العالمي، ذلك أن التنقيط الذي حصلوا عليه بالنسبة للمستوى العالي لم يتعد 5 نقط مئوية، بينما المعدل العالمي هو 36 نقطة.
وحصل التلاميذ المغاربة على 41 نقطة مئوية في المستوى المنخفض، في حين أن المعدل العالمي هو 94 نقطة مئوية؛ وفي المستوى المتوسط الذي يصل معدله العالمي إلى 75 نقطة مئوية حصلوا على 17 نقطة.
معطى آخر يشغل بال الخبراء التربويين يتعلق بتزايد تفوق الإناث على الذكور في مهارة القراءة، فرغم أن هذا المعطى إيجابي، إلا أنه يستدعي الاشتغال على تحسين مستوى الذكور.
وذهب عبد الناصر ناجي، رئيس “مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم”، إلى القول: “في المستقبل ينبغي أن يكون هناك ‘تمييز إيجابي’ لصالح الذكور في القراءة وفي التعليم بصفة عامة، بعد أن أظهرت نتائج التقييم تفوق الإناث بفارق كبير يصل في بعض الدول إلى 49 في المائة، كما هو الحال في البحرين”.
وبلغ الفارق في الأداء بين الإناث والذكور في المغرب 34 في المائة، و36 بالمائة في كل من السعودية والأردن، و35 بالمائة في عمان.
واعتبر ناجي أن النتائج التي حققها تلاميذ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “تعكس أنه رغم المجهودات التي بذلت لتطوير التعليم، وتطوير مهارات القراءة خصوصا، مازال لدى الدول العربية الكثير من الأمور التي ينبغي أن تقوم بها من أجل الوصول إلى مستوى أفضل”.