آخر خبر

مناطق آمنة في عالم الفكر


في الكيان الصهيوني هناك مقولة صهيونية ذات صيت واسع، تقول «إن في (إسرائيل) يهودا غير مؤمنين بالله؛ لكنهم يعتقدون أن منح أرض إسرائيل لليهود هو موقف يعبر عن المسؤولية التي يستشعرها الإنسان في إطار المشروع الصهيوني».

حيث لا يهم في نظرهم أن يكون المرء مؤمنا بالله أو كافرا به؛ لأن الأهم هو أن يضم صوته إلى أصوات المتمسكين بأرض الميعاد في فلسطين، باعتبار أن تلك قضية من الثوابت الضرورية لإقامة المشروع واستمرار الكيان المسمى (دولة).

اليهود يلاحقون الذين يشككون في التاريخ اليهودي، وبسبب ملاحقاتهم طرد المؤرخ البريطاني (ديفيد إيرفينج) في وسط التسعينيات الميلادية من كندا، ومنع من دخول أستراليا، وقضت محكمة ألمانية بتغريمه 100 ألف مارك؛ لأنه شكك في إبادة النازيين لليهود، وسحبت في فرنسا شهادة الدكتوراه من الباحث الدكتور هنري ردك، بعد أن نال شهادته من جامعة (نانت)؛ لأنه شكك في حكاية غرف الإعدام بالغاز، التي يقال إن النازيين نصبوها لإفناء اليهود، وفي فيينا حكم على الناشر النمساوي جيود هونسيك بالسجن 18 شهرا؛ لأنه أصدر كتابا نفى فيه قصة غرف الغاز، أما في الولايات المتحدة فطرد البروفيسور توماس طومسون أستاذ علم الآثار بجامعة ماركويت في ميلواكي، أحد أكبر علماء الآثار من منصبه؛ لأنه أصدر كتابا أكد فيه أن التاريخ الإسرائيلي يستند إلى قصص من صنع الخيال في العهد القديم.

إن ما نأمله ونرجوه وندعو له في بلادنا العربية ليس أقل من ذلك، فإحاطة عقيدتنا الدينية السليمة بسياج من الاحترام، وتصحيح ما وقع في تاريخنا العريق من بعض السقطات بما يحول دون العدوان عليه أو انتهاكه من خلال تأصيل ذلك قانونا وعرفا، يحافظ على الدين أولا ثم على ثوابت المجتمع ووشائجه.

إن مناطق الفكر واسعة، ولك أن ترتدي منها ما تريد، ولكن ثمة قيما أساسية ينبغي أن يلتقي الجميع على ضرورة حمايتها وتأمينها ضد الانتهاك والتعدي أيا كان مصدره، حيث يعد العبث بها لعبا بالنار، ويمكن إقامة مناطق آمنة لها في عالم الفكر، بحيث لا تستعلي على الحوار، ويتم تحصينها ضد العدوان؛ لأن تسويغ ذلك وتبرير ذلك باسم التنوير أو التجديد أو أي اسم، والدفاع عنه تحت هذه اللافتة يعد نوعا آخر من العبث يبلغ الدرجة القصوى!.

أخيرا، لا أعلم هل كتب علينا أن نظل نتحاور في البدهيات، بحيث نبقى مشدودين إلى درجة الصفر لا نغادرها؟!

ومتى ننتهي من ذلك العبث بشقيه الخاص والعام، لكي ننصرف إلى بناء ما هو أجدى وأنفع؟!

إن كثيرين من الواقفين في ساحة الثقافة والفكر مطلوب منهم الإجابة عن السؤالين، وليس سؤالا واحدا فقط.

hq22222@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى