هكذا تسبب مؤتمر سلام في تزايد حدة التوتر بالعالم
مع نهاية الحرب العالمية الأولى التي خلفت أكثر من 20 مليون قتيل وجريح، وأنهت وجود العديد من الإمبراطوريات على الساحة الأوروبية، اتجهت كل من بريطانيا وفرنسا لعقد مؤتمر للتشاور حول المستقبل السياسي والاقتصادي لأوروبا التي شهدت تغييرات جيوسياسية عديدة عقب انتصار البلشفيين بروسيا وقيام جمهورية فيمار (Weimar) بألمانيا.
وبمدينة جنوة (Genoa) الإيطالية ما بين شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 1922، اجتمع ممثلو 34 دولة للتشاور حول عدد من القضايا الأوروبية. وضمن القضايا المطروحة، تواجد ملفا ألمانيا وجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية اللتين أقصيتا سابقا من مؤتمر باريس للسلام عام 1919.
أزمة حول مشاركة ألمانيا وروسيا
إلى ذلك، طرحت فكرة اجتماع بين القوى الأوروبية لمناقشة الوضع السياسي والاقتصادي بالقارة خلال مؤتمر أمني عقد بمدينة كان (Cannes) الفرنسية مطلع العام 1922. ومن خلال هذا الاجتماع، تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج (David Lloyd George) عن لقاء لمناقشة مستقبل أوروبا عقب الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية خلال الحرب العالمية الأولى. وأثناء مؤتمر كان، وافق جميع الحاضرين على فكرة ديفيد جورج لويد الذي تحدث أيضا عن إعادة تنظيم أوروبا اقتصاديا عقب سنوات الحرب.
وأثناء هذا المؤتمر الذي تقرر انعقاده بمدينة جنوة، حاول رئيس الوزراء البريطاني ضم كل من ألمانيا وروسيا للاجتماع. وفي الأثناء، أثار اقتراحه غضب فرنسا التي تحدثت عن إمكانية انهيار مؤتمر فرساي وبنوده في حال حضور دبلوماسيين ألمان.
إلى ذلك، اضطر الفرنسيون للمشاركة بهذا المؤتمر عقب ضغوط بريطانية. فبالفترة السابقة، طالبت ألمانيا بإعادة جدولة رزنامة المبالغ التي ستقدمها لفرنسا كتعويض عن الحرب، وخراب البنية التحتية الفرنسية، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها. وأمام هذا الوضع، أيد البريطانيون المقترح الألماني مثيرين بذلك قلق الفرنسيين. لاحقا، اضطرت فرنسا للرضوخ للمطالب البريطانية بسبب حاجتها لبريطانيا كحليف سياسي وعسكري بأوروبا لمواجهة أي تهديد ألماني محتمل.
من ناحية أخرى، أثار حضور البلشفيين بهذا المؤتمر نقطة حساسة. فبتلك الفترة، لم تعترف أي من القوى الأوروبية، والولايات المتحدة الأميركية، بسلطة البلشفيين على موسكو. وعقب جملة من المفاوضات، وجهت دعوة للبلشفيين لإرسال قائمة بأسماء دبلوماسييهم للمشاركة بمؤتمر جنوة.
رسم كاريكاتيري ساخر حول مؤتمر جنوة عام 1922
عودة لنظام الذهب العالمي ونتائج مخيبة
أثناء المؤتمر، أثارت فرنسا قضية الديون الروسية، بفترة القيصر، السابقة، البالغة قيمتها حوالي 12 مليار فرنك فرنسي، التي رفض فلاديمير لينين الاعتراف بها، وعقب جملة من المفاوضات، وافق البلشفيون على سداد قيمة الديون لفرنسا مقابل حصولهم على ما قيمته 30 مليار روبل ذهبي كتعويض على تدخل الدول الأجنبية بالحرب الأهلية الروسية. وبسبب هذا الاقتراح الروسي، انهارت المفاوضات حول ديون روسيا القيصرية.
وعلى الرغم من النتائج السلبية لمؤتمر جنوة، وافقت القوى الأوروبية على العودة، تدريجيا، لنظام الذهب العالمي الذي توقف العمل به بالفترة السابقة لتمكين مختلف الدول من طباعة مزيد من الأوراق المالية لتمويل جهود الحرب. وقد جاء هذا الاتفاق حول العودة لقاعدة الذهب عقب ضغوط من البنوك المركزية التي حبّذت ذلك لإنعاش المبادلات التجارية العالمية.
من ناحية أخرى، مثل مؤتمر جنوة خيبة أمل لمختلف الدول المشاركة. فيوم 16 أبريل/نيسان 1922، وقع البلشفيون مع الألمان اتفاقية رابالو (Rapallo) التي نظمت العلاقات بين روسيا وألمانيا. وإضافة لذلك، فشل المجتمعون في توفير دعم مالي لموسكو تزامنا مع تهديد فرنسا باجتياح ألمانيا في حال تخلفها عن موعد سداد أقساط تعويضات الحرب.