آخر خبر

تركيا بين مماحكات السياسة وتطلعات الشباب


تبقت ساعات وينتهي صراع تأمين الأصوات، وسط ضبابية حول مستقبل تركيا، بين اقتصاد يعاني، وعملة في انهيار مستمر، وعلاقات دولية مضطربة في الغرب، ومتأرجحة في الشرق، وانزلاق في ملفات إقليمية معقدة، وتداعيات زلازل طبيعية، وتفاقم لأوضاع اللاجئين على الورق وفي الشارع، وقلاقل خطرة على الحدود.

يقابل ذلك، تطلعات الشباب في انتخاب حكومة تضمن لهم مستقبلا أفضل، وهذه التطلعات تصطدم اليوم بحزبين، كل منهما يدعي أنه الأفضل فهما لتلك القضايا.

فمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو يصف نفسه القادر على وضع حد للملفات التي تؤرق البلاد، والبدء بروح جديدة لترميم الأوضاع، وإغلاق ملفات اللاجئين بإبعادهم ومحاربة الإرهاب.

فيما يتخذ الآخر وهو الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان من تلك القضايا ذريعة للدفاع عن البلاد ضد مؤامرات أجنبية، تمرس عليها ويعرف جيدا كيف يتعامل معها.

ومهما استخدم إردوغان أساليبه التي باتت مكشوفة في جذب الناخبين، خلال التسويق على أنه المحافظ على تركيا وتاريخها وهويتها، والذي تصدى وما زال يتصدى للمؤامرات التي تتعرض لها في الداخل والخارج، إلا أنه ورغم وجود شريحة عريضة ممن يمكن وصفهم بالمؤمنين بمشروعه، أصبح في مواجهة اليوم مع الشباب، وهم الذين يتشكل منهم الرقم الصعب في الحياة السياسية التركية، الذين لا تعنيهم مماحكات إردوغان السياسية وقصص المؤامرات في شيء، بقدر التفكير في مستقبل جيلهم والأجيال المقبلة، وتجاوز مرحلة إردوغان إلى حكومة جديدة ربما يجدون فيها ما يبحثون عنه.

وبين أمل الرئيس الحالي للبلاد إردوغان في تمديد حكمه لعقد ثالث، وهو من حصد 49.52% من الأصوات في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وبين تطلعات مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو الذي حصل على 44.88% للفوز بالرئاسة، وتنفيذ وعوده التي يزعم أنها ستخلص تركيا من الإرهاب واللاجئين، متمسكا برهانه على جمهور «تحالف الأجداد»، يبرز اسم مهم وهو المرشح الثالث سنان أوغان، الذي أصبح اليوم «صانع الملوك» بالعرف الانتخابي، فهو مفتاح الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي ستحسم يوم 28 مايو، بعدما عجز أي من المرشحين الرئيسين عن حسمها لصالحه في الجولة الأولى.

إن الفترة التي يعيشها الشارع التركي منذ نحو أسبوعين، بين الجولتين الانتخابيتين، تتضارب فيها التكهنات حول الاتجاه الذي سيسلكه أوغان لدعم أحد المرشحين، فمن جانب يُعد أوغان داعما لإردوغان، بسبب أن تحالفه منبثق عن حزب الحركة القومية، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية، وما صرح به سابقا بعدم دعم كليتشدار ما لم يتم استبعاد حزب «الشعوب الديمقراطي» من النظام السياسي، ومن جانب آخر، فهو يتفق مع كليتشدار في ملف اللاجئين ومحاربة الإرهاب، ويبدي عدم رضاه بالوضع الذي آل إليه الاقتصاد التركي بسبب سياسات إردوغان.

وبغض النظر عمن سيدعم أوغان، أو حتى بقاءه على الحياد، فإن نتيجة انتخابات الجولة الأولى كشفت انقسام الشارع في تركيا، إذ لم يعد إردوغان كما كان، بسبب تهور سياسته الخارجية وتطبيق تدابير مالية فاقمت التضخم وعمقت من المشكلات الاقتصادية، فضلا عن الاختلافات المستمرة حول التعامل مع قضية اللاجئين، وما كشفته الزلازل من سوء إدارة الحكومة للأزمات وضعف للإجراءات التي اتبعتها، مما أدى إلى نزوح آلاف المواطنين.

وامتدادا لذلك، فإن المشهد يعكس بلا شك، أن فوز إردوغان سيشكل صدمة لتوقعات الشباب، الذين يرون أن الفرصة التي أخذها رئيس حزب العدالة والتنمية كافية عند هذا الحد، بعد إتمامه 20 سنة، بينما تجد شرائح أخرى أيضا، أن الوقت الحالي فيما لو استمر بالحكم، لا يناسب تطلعات الجيل المتعطش للمستقبل المبنية على العلم والتطور، بينما تنشغل السياسة التركية بالرهانات السياسية، التي دخلها إردوغان وحزبه خلال سنوات حكمه.

binmautaib@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى