الانتخابات التركية 2023: احتدام المنافسة بين أردوغان وكليجدار أوغلو قبيل جولة الإعادة
- بول كيربي
- بي بي سي نيوز
زادت حدة المنافسة في الساعات الأخيرة قبل جولة الإعادة في السباق الرئاسي التركي، حيث يسعى رجب طيب أردوغان لتمديد سنواته العشرين في السلطة لخمس سنوات أخرى.
وقبل جولة الإعادة، المقرر إجراؤها يوم الأحد، سعى كمال كليجدار أوغلو إلى استمالة أصوات الناخبين القوميين بعد إعلان خطط لطرد ملايين اللاجئين السوريين من تركيا.
ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تصريحات منافسه باتهامات بخطاب الكراهية، محذرا من أن فوز كليجدار أوغلو انتصار للإرهابيين.
وجاء مرشح المعارضة في المركز الثاني بعد أردوغان، الذي يسعى إلى فترة رئاسة جديدة، بفارق 2.5 مليون صوت.
ولكن حتى لو كان أردوغان لديه فرص أكبر للفوز في انتخابات الرئاسية، لا يزال من الممكن سد الفجوة بينهما – إما من خلال 2.8 مليون من مؤيدي المرشح القومي، الذي جاء في المركز الثالث، أو عن طريق ثمانية ملايين ناخب لم يشاركوا في الجولة الأولى.
وأجاب كليجدار أوغلو على أسئلة الناخبين لمدة أربع ساعات هذا الأسبوع على قناة BaBaLa TV على موقع يوتيوب. وبلغ عدد مشاهدات الفيديو 23 مليون مشاهدة حسب آخر إحصاء، وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان تركيا البالغ 85 مليون نسمة.
وقالت الناشطة مهتيب إن نقل مرشح المعارضة السباق إلى يوتيوب قد ينجح. وأضافت قائلة: “أثر ظهوره (مرشح المعارضة) على قناة BaBaLa TV على يوتيوب على الكثير من الناخبين الشباب الذين لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى”.
وتنتمي مهتيب إلى حزب “الخير” (يمين الوسط)، الذي يدعم مرشح المعارضة وترأسه القيادة النسائية الوحيدة بين قيادات الأحزاب السياسية في تركيا ميرال أكشينار.
وكان ظهور مرشح المعارضة على تلك القناة على يوتيوب تحركا ذكيا لمرشح ضد منافس يتمتع بميزة السيطرة على 90 في المئة من وسائل الإعلام في البلاد.
ويرى مراقبون دوليون أن الناخبين ربما كان لديهم فرصة لخيار حقيقي، لكن تركيا “لم تفِ بالمبادئ الأساسية لإجراء انتخابات ديمقراطية”.
فالرئيس أردوغان لم يكتفِ بسلطات مطلقة في السنوات الستة الماضية فحسب – بل مارس القمع ضد المعارضة وزُج بالمعارضين السياسيين في السجون.
ولا يمكن اعتبار مدينة بالا، التي تقع على بعد ساعة بالسيارة إلى الجنوب الشرقي من العاصمة أنقرة، مكانا يمكن لكليجدار أوغلو اللجوء إليه للحصول على الدعم والتأييد، إذ دعم أكثر من 60 في المئة من الناخبين هناك أردوغان في الجولة الأولى قبل أسبوعين.
وعلى الطريق بالقرب من مقر حزب الرئيس التركي، قال آل أوزدمير، مالك مطعم، إنه سيصوت لمدة خمس سنوات أخرى لأردوغان.
لكن بائعا آخرا في أحد المتاجر، رفض إخبار بي بي سي بالمرشح الذي سيختاره خشية أن يخسر زبائنه من أنصار أردوغان.
وكانت معاناة الاقتصاد التركي في الأشهر القليلة الماضية هي القضية الرئيسية، لكن باقتراب جولة الإعادة الأحد المقبل بدأ الخطاب السياسي يزداد حد وأصبح اللاجئون هم مركز اهتمام المتنافسين على مقعد الرئاسة.
وظهر زعيم المعارضة كليجدار أوغلو، 74 سنة، وهو يحاول استمالة الناخبين الذين دعموا سنان أوغان قبل أسبوعين.
وعلى الرغم من أن الرئيس التركي حصل على دعم أوغان، كان هناك مكاسب على جانب مرشح المعارضة الذي حصل على دعم حزب النصر المناهض للهجرة بقيادة أوميت أوزداغ الذي فاز حزبه بـ 1.2 مليون صوت.
وقال زعيم حزب النصر هذا الأسبوع إن كمال كليجدار أوغلو أعلن دعمه لإعادة “13 مليون مهاجر” خلال عام واحد “بما يتماشى مع القانون الدولي”.
وتستضيف تركيا لاجئين أكثر من أي دولة أخرى، لكن لا يمكن أن يصل عددهم إلى هذا الرقم.
ويرجح مراد أردوغان، وهو أكاديمي يجري دراسة ميدانية منتظمة تسمى “مؤشر السوريين”، أن العدد الإجمالي للاجئين السوريين والمهاجرين غير الشرعيين من إيران والعراق وأفغانستان وباكستان يقترب من ستة أو سبعة ملايين.
وقال الأكاديمي التركي: “خطابهم غير واقعي، مستحيل ماديًا. وإذا تحدثنا عن (الإعادة إلى الوطن) طواعية، فلن يكون ذلك ممكنًا. أما بالنظر إلى إعادتهم قسريا، فسوف يتطلب ذلك إعادة أكثر من 50000 يوميًا”.
وربما لا يكون هذا الخطاب غير محبب إلى القلب، لكنه قد يحدث فارقا، إذ تشير استطلاعات الرأي التي أُجريت في الفترة الأخيرة إلى أن 85 في المئة من التركيين يريدون عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وقال أستاذ العلوم السياسة من جامعة كوج نزيه أونور كورو إن كلا الجانبين لديهما أحزاب قومية تدعمهما، كما أن كليجدار أوغلو يستغل المخاوف الأمنية التي يشعر بها العديد من الناخبين، خاصة الشباب.
وقال كورو: “هو (كليجدار) يعلم تماما أن هناك تصورا لدى الكثيرين بأن هذه التهديدات خطيرة للغاية بسبب أزمة المهاجرين والهجمات الإرهابية”.
في المقابل، قال أردوغان إنه يعيد السوريين إلى بلادهم بالفعل، وإنه يخطط لإرسال المزيد منهم إلى ديارهم. كما أن حزب الحركة القومية يُعد من أهم شركائه الأساسيين.
كما لجأ أردوغان إلى الهجوم على منافسه، مستخدمًا مقطع فيديو – تم التلاعب به – وسط تجمع حاشد لربط منافسه بحزب العمال الكردستاني، الذي يعتبره الغرب وتركيا تنظيما “إرهابيا”.
وقال الرئيس التركي الجمعة الماضية إن فوز كليجدار يعني فوز “التنظيمات الإرهابية”.
وكان أردوغان يقصد بذلك حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي يدعم كليجدار أوغلو. ويعد حزب الشعوب الديمقراطي ثالث أكبر حزب في تركيا، وسعى أردوغان في أكثر من مناسبة إلى الربط بينه وبين حزب العمال الكردستاني. وينفي حزب الشعوب صحة ذلك.
ويدعم حزب الشعوب الديمقراطي مرشح المعارضة لأنه يريد وضع حد لتغيير “نظام الرجل الواحد” في تركيا. لكن هناك مخاوف مبررة بشأن التحالف مع قومي يميني.
وظن كثيرون في البداية أن هناك إمكانية لهزيمة أردوغان لتناوله الكارثي لملف الاقتصاد والاستجابة الضعيفة لزلزال فبراير/ شباط الماضي.
وبعد أن دعم أردوغان حوالي نصف الناخبين التركيين، ثمة سؤال ملح حيال إمكانية أن يؤدي تغيير كليجدار مساره إلى نجاحه في جولة الإعادة.
وقالت سنوغول، من داخل مطعم الدجاج الذي تمتلكه في مدينة بالا التركية: “أريد تغييرا، وجميع زبائني يريدون تغييرا”.
لكنها في نهاية الأمر أكدت أنهم يتمسكون بالرئيس التركي لأنهم لا يثقون في منافسه، قائلة: “سوف أصوت للرئيس لعدم توافر بديل”.