الانتخابات التركية 2023: ماذا سيحدث للاجئين بعد الجولة الثانية من الانتخابات؟
- جاغيل كاسابوغلو
- بي بي سي – الخدمة العالمية
“الترك أمة مضيافة، لكن لدينا ما يكفي من اللاجئين”، يقول عمر فاروق سيسين، وهو محامٍ يبلغ من العمر 30 عاماً من اسطنبول.
صوّت عمر لصالح المرشح الرئاسي القومي المناهض للاجئين سنان أوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 14 مايو/أيار.
“ليس فقط السوريون، ولكن هناك أيضاً أفغان وأوكرانيين وجنسيات أخرى، هذا يكفي. وبينما تكافح أمتي لتغطية نفقاتها، يستفيد اللاجئون في تركيا من المنح المجانية من الأموال العامة [و] من التعليم، وهذا ليس عدلاً، ولا يمكن للناس تحمل ذلك بعد الآن”.
وتتفق إليف أرسلان، وهي مهندسة تبلغ من العمر 24 عاماً في اسطنبول، مع هذا الرأي.
وتقول “الولايات المتحدة هي أيضاً بلد يرحب بالكثير من المهاجرين. لكن الفرق هو أننا لا نملك ما يكفي من الموارد أو رأس المال أو القوة الاقتصادية لاستيعاب مثل هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين مثل أمريكا”.
المشاعر المعادية للاجئين
يشارك معارضة عمر وإليف للاجئين جزء كبير من المجتمع التركي. وقد استقبلت تركيا عدداً من اللاجئين السوريين أكثر من أي بلد آخر، حيث تم تسجيل حوالي 4 ملايين شخص.
ويساهم ارتفاع التضخم وانخفاض العملة وأزمة تكاليف المعيشة في ازدياد المشاعر المعادية للاجئين في البلاد.
“نرى أنهم يمكن أن يعيشوا حياة أفضل هناك الآن في سوريا مقارنة بأوقات الحرب”، تضيف إليف أتيس، أخصائية في تنشئة الأطفال، والبالغة من العمر 24 عاماً. وقالت “سوريا تريد أيضاً عودة شعبها. لقد حان الوقت لعودتهم”.
وقد تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعادة جميع اللاجئين إلى وطنهم. وهو يسعى إلى تمديد حكمه إلى عقد ثالث.
كما يعد منافسه كمال كليجدار أوغلو، مرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، بالشيء نفسه على أمل كسب أصوات الناخبين القوميين في جولة الإعادة في 28 مايو/ أيار.
إذاً ماذا يمكن أن يحدث لنحو أربعة ملايين لاجئ في تركيا بعد الانتخابات؟
حتى وقت قريب، كان الرئيس أردوغان يقول إنه لن يعيد أيّاً من السوريين إلى بلادهم. ولكن قبل أيام من جولة الإعادة، أعلن أن تركيا ستعيد المزيد منهم.
وفي حديثه إلى قناة تي آر تي خبر التلفزيونية المملوكة للدولة يوم الاثنين 22 مايو/ أيار، قال الرئيس أردوغان: “لقد عاد 450 ألف لاجئ بالفعل إلى منازل مصنوعة من قوالب حجرية قمنا ببنائها. الآن، لدينا هدف إعادة مليون لاجئ إلى المنازل الجديدة التي سيتم بناؤها في شمال سوريا”، من دون توضيح متى ستبدأ العملية. وأضاف أنه يمكن مناقشة خطة لذلك في المحادثات مع الحكومة السورية بعد جولة الإعادة.
المستوطنات السورية
وقد بنت تركيا في عهد أردوغان بالفعل عشرات المستوطنات في شمال غرب سوريا بمساعدة المنظمات غير الحكومية التركية.
ويعد “تطبيع العلاقات” مع سوريا سياسة يؤيدها كل من الرئيس أردوغان وكليجدار أوغلو، والتي من شأنها أن تمكن من عودة اللاجئين.
وفي يناير/ كانون الثاني 2023، قال الرئيس أردوغان إنه يمكن أن يلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد من أجل “إحلال السلام” في المنطقة. لكن في حديثه إلى وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي في مارس/ آذار، قال الرئيس السوري إنه سيكون على استعداد للقاء أردوغان بشرط أن تسحب تركيا قواتها من شمال سوريا – وهو أمر غير مرجح أن يحدث في أي وقت قريب.
لكن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، كان لديه نهج أكثر اعتدالاً نسبياً في إعادة اللاجئين إلى وطنهم. وفي يوم الاثنين 22 مايو/ أيار، صرح بأنه لن تتم إعادة جميع اللاجئين السوريين، لأن البلاد بحاجة إلى قوة عاملة في الزراعة والصناعة والأسواق.
“التطبيع” مع سوريا
ويستفيد كليجدار أوغلو، المعروف بهدوئه وتماسكه، من الغضب المتزايد من الطريقة التي تعاملت بها حكومة أردوغان مع اللاجئين في البلاد. وشدد لهجته في إطلاق وعوده خلال حملته الانتخابية متعهدا بإعادة جميع اللاجئين إلى بلدانهم.
وانتقد كليجدار أوغلو سياسة “الباب المفتوح” التي تنتهجها الحكومة الحالية مع اللاجئين الذين فروا من الحرب في سورياوقال مخاطبا الرئيس التركي: “أردوغان، لقد سمحت عمداً بدخول 10 ملايين لاجئ إلى تركيا. حتى أنك عرضت الجنسية التركية للبيع للحصول على أصوات مستوردة”، من دون تقديم أي دليل على ادعائه.
وشدد قائلاً: “أعلن هنا: سأعيد جميع اللاجئين إلى ديارهم بمجرد انتخابي رئيساً”.
وفي 22 مايو/ أيار، وخلال زيارته لبلدة هاتاي التي ضربها الزلزال في جنوب تركيا، كرر كليجدار أوغلو شعار حملته، “لن نجعل تركيا أبدا مستودعاً للاجئين”.
وتضم هاتاي، المتاخمة لسوريا، عدداً كبيراً من اللاجئين.
وقال كليجدار أوغلو في خطابه إلى السكان المحليين “إن المظالم التي نسمعها في هاتاي بشأن اللاجئين مماثلة لتلك التي نسمعها في 81 مقاطعة في تركيا. اتخذ قرارك قبل أن يسيطر اللاجئون على البلاد”.
وكان قد أعلن في وقت سابق عن خططه لإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم في غضون عامين بعد إبرام اتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد، يضمن سلامتهم، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
كما هدد كليجدار أوغلو بالانسحاب من اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وافقت تركيا بموجبه على استضافة ملايين اللاجئين من سوريا ومنعهم من العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي لطلب اللجوء. في المقابل، كانت تركيا ستحصل على 6 مليارات يورو. ويقول كليجدار أوغلو إن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بجانبه من الاتفاق.
وفي مارس/آذار، ورداً على منشور على وسائل التواصل الاجتماعي من مؤسسة إعلامية، يسأل عما سيحدث للاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، قال: “لقد كنت واضحاً جداً بشأن هذه القضية منذ البداية، تركيا أولاً”.
هل من القانوني إعادة اللاجئين؟
إذن، هل يمكن إجبار اللاجئين على العودة إلى ديارهم؟ هل يتوافق ذلك مع القانون الدولي؟
ووفقاً لبيرول باريس، نائب رئيس مركز حقوق اللاجئين والمهاجرين في نقابة المحامين في إسطنبول، فإنه ليس من المبرر القانوني إعادة اللاجئين من دون ضمان تحسين الظروف التي دفعتهم إلى الفرار من بلدانهم.
وفي حديثه إلى مراسل بي بي سي التركي بوراك أباتاي، قال: “من الضروري أيضاً التأكد من أن عودتهم هي طوعية حقاً. وبعبارة أخرى، يجب التحقيق في ظروف عودتهم ولا ينبغي إجبارهم على الانتقال من خلال تسمية [العملية] “تطوعية”.
كما تعتقد الدكتورة نيفا أوفونك أوزتورك من قسم القانون في جامعة أنقرة أنه من الممكن تحقيق عودة طوعية للسوريين، ولكن “من الصعب تخمين عدد السوريين الذين سيفعلون ذلك”.
ماذا عن الإعادة القسرية؟ هل هي ممكنة؟
ووفقاً للخبراء الذين تحدثوا إلى بي بي سي التركية، فإن ذلك سيعتمد على تقييم المنظمات الدولية للبلد الأم. ولكن في ظل الظروف الحالية، وفي إشارة إلى تقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة حول سوريا، يقول الدكتور أوفونش أوزتورك إنه لن يكون من الممكن إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم لأن الوضع لا يزال معروفاً بأنه “متقلب”.
لذا، ففي حين يعتمد مصير اللاجئين في تركيا بعد الانتخابات على نتائجها، فمن المرجح أن يكون وضعهم على رأس أجندة المرشحين وحكوماتهم.
وعلى الرغم من اختلاف كلا المرشحين في العديد من السياسات، إلا أن وجود اللاجئين في البلاد ربما يكون الشيء الوحيد الذي تعهد كلاهما بمعالجته.
شارك في التقرير مراسل بي بي سي في تركيا بوراك أباتاي