فقاعة الأصول “لم تنته بعد”.. لهذه الأسباب
ورغم أنه مع زيادة تكاليف الاقتراض وسحب السيولة من الأسواق في سياق قرارات رفع الفائدة التي اتبعتها البنوك المركزية لكبح جماح التضخم منذ العام الماضي، فإن ذلك كان يفترض معه التأثير على فقاعة الأصول، إلا أن ما حدث كان مخالفاً لتلك التقديرات النظرية.
هذا ما أكده المستثمر الملياردير ستانلي دروكنميلر، في مؤتمر سوهن للاستثمار قبل أيام، عندما حذّر من ما وصفه بـ “أكبر وأوسع فقاعة أصول على الأرجح”، طبقاً لما نقله موقع بنزينغا، وهو موقع أخبار مالية يقع مقره في ديترويت، ميتشيغان بالولايات المتحدة.
- حذّر دروكنميلر من أنه: “إذا لم تهدأ الفقاعات، يمكن أن تنفجر وترسل موجات صدمة عبر الاقتصاد”.
- قدم عدداً من النصائح؛ من بينها نصائح لمديري صناديق التحوط طويلة الأجل: “حافظ على انخفاض إجمالي أرباحك، وكن منفتحاً.. عندما تأخذ السوق منعطفاً سيكون لديك المال والوضوح العقلي لالتقاط الأصول عالية الجودة بسعر رخيص”.
- حول الأسهم التي يُمكن التركيز عليها، وبينما يُقر بصعوبة تحديد أسهم معينة، إلا أنه يشير إلى أسهم شركات التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي، قائلاً: “أعتقد بأن قطاع الذكاء الاصطناعي حقيقي جداً ويمكن أن يكون له تأثير كبير مثل الإنترنت”.
حركة الاقتصاد العالمي
يقول خبير أسواق المال، المحلل الاقتصادي المصري، الدكتور حسام الغايش، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن فقاعة الأصول ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة الاقتصاد العالمي بشكل عام، موضحاً أن:
- الاقتصاد العالمي يشهد درجة من المخاطر المرتفعة حالياً.
- معدلات التضخم مرتفعة بشكل كبير في معظم دول العالم (وبما يعزز من المخاطر القائمة).
- هناك مشكلات جيوسياسية بارزة؛ على رأسها الحرب في أوكرانيا وتدخل الغرب والولايات المتحدة في فرض عقوبات على روسيا، فضلاً عن أزمة (الصين وتايوان).
ويضيف: “كل هذه العوامل مجتمعة بالإضافة إلى ما تعكسه مؤشرات الاقتصاد الكلي، تدفع إلى حالة عدم اليقين الراهنة، وبما يؤدي إلى هروب السيولة إلى الأصول التي يُنظر إليها باعتبارها ملاذات آمنة مثل العقارات”، موضحاً أن “المستثمرين إلى حد ما يعتبرون تلك الأصول ملاذات آمنة للتحوط في أوقات الأزمات المماثلة”.
وحول ما إذا كان خفض وتيرة رفع الفائدة من شأنه التأثير في فقاعة الأصول التي يشهدها العالم، يردف المحلل الاقتصادي قائلاً: “لا تزال معدلات التضخم مرتفعة للغاية، ومادامت أسعار الفائدة لا تزال عند الحدود المرتفعة التي هي عليها الآن فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، في ظل المخاطر الجيوسياسية المشار إليها وتبعاتها”.
ويتابع: “بيوت الاستثمار الكبرى تلجأ إلى التحوط في ظل ما يُمكن وصفه بالخلل الحالي بالهياكل الاقتصادية العالمية، وبالتالي تلجأ إلى الذهب والعقارات (وكل ما هو أصل) يشكل ملاذاً آمناً، بحيث تبتعد عن أي نوع من الخسائر أو تقلل خسائرها.. وهو ما يبرر انسحاب بعض الاستثمارات من مناطق التوتر أو المناطق المحيطة بها في أوروبا على سبيل المثال”.
التضخم وارتفاع الفائدة
من جانبه، يلفت الكاتب والخبير الاقتصادي الكويتي، محمد الرمضان، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن تصنيف الأصول المالية ومدى استجابتها للتطورات الاقتصادية المختلفة يختلف بحسب طبيعة كل أصل، فالذهب على سبيل المثال له علاقة مباشرة بالتضخم؛ ذلك أنه “كلما كان هناك تضخم مرتفع وغير متوقع ارتفعت أسعار المعدن النفيس”.
ويضيف: “أما بالنسبة للعقارات فوضعها مختلف، بالنظر إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يُمكن أن يؤدي إلى التأثير سلباً عليها، وبما قد يسهم في تراجعها”.
وذلك في إشارة إلى ارتفاع كلفة الاقتراض وتأثير ذلك على تمويل المشاريع العقارية، مع ضعف القدرة على الشراء وبالتالي قلة الطلب.
يتبنى الرمضان الرأي القائل بأن أسعار العقارات ربما مرشحة للتراجع في المرحلة المقبلة وقبل أن تبدأ وتيرة خفض أسعار الفائدة، التي يُمكن أن تقود لصعود القطاع العقاري عالمياً.
القطاع السكني
وكان المستثمر الملياردير ستانلي دروكنميلر، قد تحدث في كلمته المشار إليها، عن القطاع السكني، على أساس أن ثمة نقصاً هيكلياً في منازل الأسرة الواحدة، وبالتالي إذا ساءت الأمور بما فيه الكفاية، يمكن أن يكون القطاع مستفيداً كبيراً (..) ومن السهل على مستثمري التجزئة الاستثمار في الإسكان، إذ لا يحتاجون في الواقع إلى شراء منزل للقيام بذلك، على أساس أن صناديق الاستثمار العقاري المتداولة تمتلك عقارات مدرة للدخل وتدفع أرباحاً للمساهمين”.
ومن نصائحه أيضاً في هذا السياق، قوله: “إذا كنت لا تحب تقلبات سوق الأسهم، فإن منصات التمويل الجماعي تسمح للمستثمرين الأفراد بالاستثمار مباشرة في العقارات السكنية بأقل من 100 دولار من خلال السوق الخاص”.
أما فيما يخص الأسهم، فالبعودة لحديث الرمضان، فإنه يلفت في معرض تصريحاته لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن الأمر يتعلق أساساً بعوامل مختلفة على حسب كل شركة والقطاعات العاملة بها، ومدى تأثر الأرباح الخاصة بها بعوامل مثل رفع الفائدة وسلاسل التوريد والسلوك الاستهلاكي، وجميعها عوامل تختلف من شركة لأخرى.
خطر الركود الاقتصادي
ويختتم الرمضان تصريحاته بالإشارة إلى أن “البنوك المركزية تعمل حالياً لتفادي الركود -في ظل السياسات المالية والاقتصادية الأخيرة- ولكن بدون تحفيز التضخم”.
وكان المستثمر البارز جيريمي غرانثام، قد حذر في تصريحات له شهر مارس الماضي، من ركود حتمي تشهده الأسواق عندما “تنبثق فقاعة هائلة”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مؤشر S&P500 قد يهبط 50 بالمئة بسبب فقاعة الأصول”.